إعلان

من أمريكا والدنمارك.. كيف يصوم "عبد الله" و"ليسا" رمضان للمرة الأولى؟

09:24 م الجمعة 23 يونيو 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - شروق غنيم ودعاء الفولي:

حين يبلغ عمر الأطفال المسلمين سبع سنوات، يعلمهم الأهل الصيام، يدربونهم على مشقة شهر رمضان، تتدرج ساعات امتناعهم عن الطعام حتى تكتمل من الفجر للغروب، غير أن عبد الله فروست والسيدة ليسا سوهاي، لم يكن لديهما خيارًا ثانيًا، إذ دخلا الدين الإسلامي منذ أشهر، وبات رمضان 2017 هو بابهما الأول لعبادة الصيام، وصار عليهما استيعابها سريعًا امتثالًا للتعاليم.

لم تكن تعلم ليسا سوهاي، الأمريكية ذات الـ52 عامًا عن الصيام، إذ أن رمضان جاء عقب اعتناقها للإسلام بحوالي ستة أشهر، لذا قرأت عن شعائره كثيرًا عبر الانترنت "وساعدني الإمام في معرفة أساسياته"، لكنها لم تتخيل صعوبة الأمر "كنت قد صمت عدة أيام في مارس لأتدرب على رمضان لكن الصيام لأيام متتالية أرهقني بشدة".
اتخاذ قرار الصوم بالنسبة لعبدالله فروست، الشاب الذي يقطن بالدنمارك، تطلب منه حوالي عامين بعد تدينه بالإسلام عام 2015، إذ كان يدرس الشاب العشريني في مدرسة داخلية، لم تسمح له بالصيام.

1

فقدان الماء هو أكثر ما عانت منه السيدة الأمريكية "أستطيع البقاء بلا طعام.. لكن الماء فمستحيل"، لا سيما وأنها تعاني من مرض السكري، ما يتطلب أخذ جرعات معينة من الدواء على مدار اليوم. وكذلك عبدالله، الذي يسكن بمفرده، وجد مشقة في الامتناع عن الطعام والشراب بالإضافة إلى عبء إعداد الطعام وتنظيف المنزل.

اليوم الأول في رمضان كان جنونيًا بالنسبة لسوهاي، فزوجها لا يؤمن بوجود إله "وبالتالي لا يتعاطف مع ما أفعله". وفي تلك الفترة كان الزوجان يقومان بطلاء منزلهما وتغيير بعض الأشياء "ظللنا ساعات طويلة نعمل في التنظيف وكان زوجي يقول لي حينما يراني مُتعبة: لا أحد يمنعك من الشرب إلا صديقك الخيالي"، إلا أنها أصرت على استكمال اليوم، وفي ظل درجة الحرارة المرتفعة جدًا، كادت أن تفقد وعيها.

قرابة الـ22 ساعة هي مدة صيام عبدالله في بلدته؛ مّر عليه أول يوم بشق الأنفس وفي نفس الوقت مكّنته طول الفترة من القيام بأنشطة مختلفة في رمضان، وعلى رأسها الطهي وإعداد وجبة الإفطار والسحور، كما وفرت له وقتًا كبيرًا يقضيه بداخل المسجد للعبادة والدراسة.

2


مع ضغط المرض على صحة سوهاي، التي تعمل كصحفية حُرة "اضطررت لكسر صيامي بضعة أيام كي أنظم السكري، وقللت جرعة الدواء ثم استكملت الصيام"، حين توقفت الأم لخمسة أبناء عن الصيام، صاحبها الحزن "لأني تذكرت قول الإمام لنا باستغلال ذلك الشهر وكأنه الفرصة الأخيرة لنا مع الله"، إلا أنها أيضا تعلم أن "الله غفور ولن يؤاخذني بالمرض".

في رمضان لا تتوقف الأنشطة التي تفعلها الصحفية يوميًا "نساعد اللاجئين قدر المستطاع ونحضر وجبات في المسجد للمشردين".. بعد دخولها الإسلام، صار مركز ومسجد "تايد ووتر" بيتها الثاني "هناك أتناول إفطاري وأعيش وسط المجتمع.. أشعر كأننا أسرة كبيرة"، ما يجعلها أكثر ارتياحًا هو مساعدة روّاد المسجد لغير المسلمين على حد سواء "كنت أخاف من انفصالي عن بقية المجتمع لكن الإسلام سمح لي بمساحة اختلاط أكثر"، حتى أنه وفّر لها ملابس تليق باختيارها الجديد "المضحك في الأمر أن المسجد تارة يعطيني ملابس أفغانية وأخرى باكستانية"، فيدفع ذلك المحيطون بها لسؤالها عن جنسيتها أحيانًا.

كلما مرّت أيام رمضان، كلما آلف عبدالله الصيام، وتعمّق أكثر في العبادات؛ تكثيف من الصلوات، قراءة القرآن لبضع ساعات داخل منزله، التواصل مع أصدقاء عرب لتعلم اللغة العربية جيدًا، تعلم السُنة النبوية من خلال صحيح البخاري، ومع آذان العصر يذهب صاحب الـ18 عامًا إلى المسجد لحضور دروس الفقه.

ما تزال سوهاي في بداية طريق الصيام، بدأ أبنائها يتضامنون معها خلال الشهر الكريم ويقدموا لها المساعدة في المنزل، فيما تُدرب معدتها على الوضع الجديد، لا تُسرف في الطعام كثيرًا، بل تأكل ما يعينها على اليوم التالي، تفضل الطعام الباكستاني كثيرًا فيما تعتقد أن الأفغاني حار، وتنتظر أن تجرب أشياءً مختلفة في مجتمعها الجديد بالمسجد.

ربما ما يجعل علاقة السيدة والشاب بالصيام مميزة، هو رحلتهما للإيمان بالإسلام، فعائلة عبدالله لا يؤمن فيها أحد بدينه، لذا ينوي أن يؤلف كتابًا حول التحول الذي حدث له، فيما تتذكر المرأة الأمريكية أن بداية معرفتها بالإسلام كانت في نوفمبر الماضي، حينما كانت تساعد اللاجئين بولاية فيرجينيا، وقررت الذهاب لأحد المساجد القريبة لإظهار الدعم للمسلمين "بعد تولي ترامب السلطة". حينها كانت المرة الأولى التي تدخل فيها سوهاي المسجد "جلست في ركن بعيد ووضعت حجابًا على رأسي احترامًا للمكان، ولم أجد من يدعوني للدين أو القرآن"، إذ تعامل معها الموجودون كأحد المتضامنين مع هويتهم.

خلال فترة قليلة ترددت سوهاي على المسجد مرة أخرى "ولكن تلك المرة اقتربت أكثر من الشعائر". وقتها كانت إحدى السيدات قد شرعت في الصلاة "أحسست بانكسارها.. اطمأن قلبي لحركاتها، شعرت وكأني أغمس قدماي في المحيط بهدوء ثم أخرجهما"، دقائق قليلة وأذن الإمام للصلاة "وجدت نفسي أقف في الصف دون شعور.. وهمست لي سيدة تُدعى سحر أن أفعل مثلهم تمامًا".

رغم أن أصدقاء سوهاي تفاجئوا بدخولها الإسلام "لكنهم قدموا لي الدعم"، وكذلك أبنائها "وخاصة ابنتي إليزابيث ووالدتي". مشقة الصيام لم تمنع السيدة من حُبه "تلك الشعيرة تجعلني أكثر شفافية.. عندما تعودت عليها أدركت أنها تجعلني هادئة ولعل هذا هو أحد مقاصدها.. أن نمنع النفس عن الأشياء المسيئة وليس البطن فقط".

فيديو قد يعجبك: