إعلان

تفاصيل الليلة الأخيرة لعمارة "الأزاريطة" المائلة (معايشة)

09:29 م السبت 17 يونيو 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد زكريا ومحمد مهدي:

تصوير- روجيه أنيس:

لنحو 16 يومًا، عاشت منطقة الأزاريطة حالة من الترقب والقلق، بعد ميل عقار مكون من 14 دورًا بشارع الشخشاني ناحية العقار المقابل له، تحول المكان إلى ثكنة عسكرية تأمينًا للمواطنين، ومحل دراسة لحل الأزمة دون وقوع خسائر، قبل أن يتمكن المسؤولين من إزالة العقار بسلام مساء أمس الجمعة.. مصراوي عايش الليلة الأخيرة لـ "عمارة الأزاريطة المايلة" قبل أن تصبح هي والعدم سواء.

صباح أمس الجمعة، الهدوء يخيم على الشوارع المحيطة بالعقار المائل، قوات الشرطة تنتشر بكثافة، جنبًا إلى رجال القوات المسلحة ورجال الحماية المدنية.

على بعد أمتار من العقار المائل، والذي تبقى منه 7 أدوار فقط، فُرض كردون أمني من قوات الشرطة والجيش. بمجرد وصولك أمام الحواجز الحديدية المفروضة، يسألك رجال الأمن عن وجهتك، ويتم منع الوافدين إلى العقار من الاقتراب منه بأي دعوة كانت.

عند حواف الارتكاز الأمني، توجد شوارع ضيقة، مُهملة وعشوائية، توحي منظر العقارات فيها بقدم بنائها وعشوائية هندستها.

في الثانية ظهرًا، أُقيمت صلاة الجمعة، بمسجد "علي إدريس" الملاصق لشارع العمارة المائلة، من بين المصلين جلس عدد من قوات التأمين والمشرفين على الهدم، جنبًا إلى أفراد من الأسر المتضررة من الحادث، بينما تُستكمل أعمال الهدم على قدم وساق على بُعد أمتار منهم.

بعد الانتهاء من الصلاة، توزع الناس بمحيط المكان، يتحدث أحدهم عن إنجاز الهدم رغم خطورة الموقف، يخبر ساكن عن قرب عودتهم إلى بيوتهم التي هجروها قبل 16 يومًا، فيما يجيبه آخر بحزن "المنطقة كلها بنائها عشوائي، ومش بعيد نصحى الأيام الجاية على كارثة تانية".

دقائق ويتفرق الجمع، غير أن عدد من الأسر التي تركت منازلها، ظلوا باقيين في المسجد، مأواهم لحين عودة الأمور لطبيعتها.

واحد من هؤلاء، وقف أمام المسجد بملابس بسيطة وذقن غير مهذبة ينظر من آن لآخر إلى العقار "أنا بهرب طول اليوم لشغلي وباجي الجامع على النوم بس، لكن النهاردة إجازة، ومش هينفع أقعد اليوم كله في الجامع".

تأتي الأخبار بأنه خلال ساعات ستنتهي الأزمة ويعودون إلى ديارهم من جديد "ياريت، على الأقل عشان العيال تعبوا وعايزهم يرجعوا لمذاكرتهم بدل ما ينسوها" يقول الرجل، بينما يضحك طفله "أنا عايز أرجع للعب يا بابا" فيبتسم الأب.

يقترب من المسجد أحد أفراد قوات الحماية المدنية، أنهى ساعات عمله لكن النوم يغالبه، انزوى في أحد أركان المكان المزدحم بالنائمين والمصلين، أغمض عيناه واستسلم للنعاس، بجوارهم مر خادم المسجد، يتأكد من عدم وجود غرباء "مقدرش أمنع حد يرتاح، الوزارة قالت نتحمل الناس في الظروف الصعبة دي".

الأمور ساكنة داخل الكردون الأمني، غير أن 4 عمال يقفون أعلى العقار في قَلب الصخب والخطر، لا يتوقفون عن عمليات الهدم بمعاولهم، يشدون من أزر بعضهم "هانت فات الكتير"، يقضون نحو 6 ساعات قبل أن يتبادلون الأدوار مع زملاء آخرين.

على مرأى من العقار المُهدم، يلتقط الوافدين إلى المكان صور للحي الذي اشتهر بعد الحادث، يُشير أحدهم إلى إنجاز إزالة أدوار العقار العالية، بينما يُشير صديقه إلى عقارات أخرى يحكم الميل ارتكازها. 

رغم قوات الأمن المتواجدة أمام كافة الشوارع المُطلة على العقار المائل والمنازل التي تم إخلائها من السكان، هناك عدد من الأفراد يدخلون خلسة إلى بيوتهم، في محاولة للحصول على قطعة ملابس، أو جزء من مستلزماتهم "أنا دخلت يدوبك جبت حاجة وطلعت قبل ما حد يشوفني، هما عندهم حق برده" تقولها سيدة أربعينية بابتسامة.

في نفس الوقت، حاول طفل آخر، التسلل داخل منزله المُجاور للعقار المهدم، وسط نظرات خائفة من أن تلتقطه أعين قوات الأمن.

خارج الكردون الأمني، وعلى بعد خطوات من المحال التي جاورت الهدم، الهدوء يغلب حركة البيع، بعد أن حل على المنطقة حادث العقار.

طوال الأيام الفائتة، يُطالب رجال الأمن أصحاب المحال، بلمّ بضاعتهم التي افترشت رصيف الشارع، قبل وصول حملات أمنية لإزالة التعديات.

قبل المغيب بدقائق، ازدحم محيط العقار بالناس، سيارات تأتي مُحملة بالإفطار لقوات الجيش والشرطة، سيارات أخرى من فاعلي الخير تُحضر وجبات لأهالي المنطقة العائشين بالمسجد، فيما يكتظ الشارع بالوافدين على أحد مطاعم السمك الشهيرة بالمنطقة.

لحظات سكون تمر على المنطقة وقت الإفطار، يتوقف العمل في العقار، يهدأ الضجيج، ينهمك الجميع في الأكل، تغيب الشمس، تُضيء الأنوار من لمبات عملاقة، دقائق ويعود المكان لحيويته، يقول أحد المشرفين على عمليات الهدم "خلال كام ساعة نكون خلصنا العمارة كلها".

مع مرور ساعات الليل، يجري العمل أعلى العقار على قدم وساق، يُسارع العمال في الانتهاء من إزالة أدوار العقار المتبقية، يتحدث عابر عن قرب رفع الغمة وعودة المياه والكهرباء والصرف الصحي إلى المكان، بعدها يعود الهدوء إلى شارع الشخشاني مع اقتراب ساعات الفجر.

فيديو قد يعجبك: