إعلان

أول مأذونة في تاريخ أسوان تتحدث لمصراوي: "هنزل على العمودية كمان"

01:36 م الجمعة 12 مايو 2017

السيدة بلهجة الواثق

كتبت- رنا الجميعي:

تتحدث السيدة بلهجة الواثق، هي التي شغلت عدة مناصب على المستوى السياسي في الثمانينيات، تنقلت كمُعلمة تربية اسلامية ولغة عربية بعدة مدارس، في قريتها غرب أسوان، تدرجت حتى وصلت لمنصب موجه أول بإدارة أسوان، أبعدها سن المعاش عن التعليم، لكنها لم تجلس ساكنة، ثلاث سنوات حتى تقدمت لمنصب مأذون، ونالته، لتصبح أم كلثوم محمد يونس أول مأذونة في تاريخ أسوان.

تقول إنها لطالما أصلحت ذات البَيْن، خصلةٌ تعلّمتها عبر الزمن، في حديثها لمصراوي تضيف أم كلثوم "أنا كنت بعمل مأذونة قبل ما أكون".

تتذكر أنها ذات يوم أزالت شقاق بين رجل وامرأته، تسرد القصة "كان الزوج في السعودية بقاله سبع سنوات، ومبيبعتش ولا مليم للزوجة، عرفت عنوانه وبعت له جواب، ومع أول شخص نازل من السعودية كان محمل شنط ملابس ومبلغ من المال ليها".

ما كتبته أم كلثوم في ثنايا الخطاب لم يكن سوى بعض الأحاديث والآيات القرآنية، إلا أنها نزلت على قلب الرجل فآلفت بينه وبين زوجُه. تعلّمت المأذونة ذلك من أبيها الروحي ومدير عام التربية والتعليم، أحمد محمد نصر، الذي اتخذها كابنة كبرى له، حيث ترددت على منزله منذ السبعينيات، وشغل هو منصب مأذون القرية، "كنا بنسميه مأذون الزواج"، كأن الطلاق لا يمر عليه، حيث انتشرت سيرته بين الناس أنه يُحاول بكل ما يمكن ألا يقوم بالطلاق "كان بينفرد بالزوجين ويصلح بينهم ويبقوا خارجين من عنده ماسكين في ايد بعض".

مع تعدد المناصب التي شغلتها أم كلثوم، من عضو لمجلس محلي وترشح لمجلس النواب، عُرفت بين الناس، كما اتصفت سيرتها بالعطرة مع مُحاولتها الإصلاح بين الأزواج أو زملاء العمل، وبعد وصولها لسن المعاش، بدأت تفكر في المأذونية خصوصًا مع استقالة أبيها الروحي "مفيش مأذون عندنا في غرب أسوان"، وجدت السيدة أن من بين شروط الترشح أن تكون خريجة دار العلوم، وهو ما توفر فيها "كنت دفعة 79".

بالفعل قدّمت أم كلثوم الأوراق المطلوبة عام 2015، إلا أن المسابقة لم تكتمل حينها، في السنة التالية ترشحت ثانية، وتُلفت السيدة النظر إلى أنه من ضمن الشروط طلب مأمور المباحث بوجود عشرة شهود لها "عشان يشهدوا إني بنت القرية"، تقول إن أكثر من هذا العدد جاء معها، حتى ظنّ المأمور أن هناك نزاع قائم على باب المركز.

لم يُثبط من همّتها أحد للتقدّم لمنصب المأذونة، عرضت الأمر على زوجها، أيمن رزق، فوافق بصدر رحب، كذلك شجّعها شقيقاها سعيد ووحيد، بالإضافة إلى أختها حفصة، إلا أنها نالت بعض التعليقات السلبية ما إن علمت بخبر اختيارها لمنصب المأذونة، وصل إليها استنكار البعض "ازاي تبقي مأذونة".

ترى أم كلثوم أن استغرابهم ليس فقط لكونها سيدة ولكن لأنها لا تحتاج للمال "عندي المعاش، بس الحكاية مش مادة إنما تعمّق في المجتمع"، تُدرك المأذونة سياق المحيط الذي تعيش فيه "كل حاجة في بدايتها جديدة"، لكنها تعلم أيضًا أنها المأذونة الثانية على مستوى الصعيد بعد السيدة ميرفت محمود في محافظة قنا، كما أن سيدات القرية يعملن في مجالات كثيرة "نون النسوة نوبية توغلت".

لا تضيق أم كلثوم بتلك التعليقات، تعرف أنها نالت ذلك المنصب عن جدارة، تشرح طبيعة المتقدمين معها "فيه أربعة مش من أهل القرية، واتنين مش مطلعين على المذهب الحنفي"، حيث يجب على مأذون القرية أن يكون من أهل القرية ومُطلّع على الأربع مذاهب، وخاصة الحنفي "لأن الزواج في مصر على مذهب الإمام أبو حنيفة"، لذا تمكنت أم كلثوم من اجتياز تلك المنافسة.

لم تُمارس أم كلثوم عملها بعد، تنتظر التصديق من محكمة العدل، "ويدوني دفاتر الزواج والطلاق"، لا تتمنى السيدة أن تُفرّق بين أحد، تدرك أساليب التأثير جيدًا، كونها واحدة من أهل قرية غرب أسوان "احنا 23 نجع كلنا على صلة وقرابة"، ولن تُوقفها المأذونية أن تستكمل مسيرتها، فتقول "أنا هنزل على العمودية كمان".

فيديو قد يعجبك: