إعلان

خطوات نحو الموت.. 3 حكايات "للعابرين" لحظة تفجير المرقسية

04:13 م الأحد 16 أبريل 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد ورنا الجميعي:

ساقتهم أقدامهم لقدرهم، كانوا في طريقهم المُعتاد، لم يشغلهم أن مكروهًا سيُصيبهم، انتهى عبد الرشيد من إيداع المال للبنك، وخرج أحمد من معهد اللاسلكي في طريقه إلى مقابلة أخيه، بينما مر محمد بشارع كنيسة الأقباط ليصل إلى شارع شكور لشراء بعض مستلزمات عمله، لم يخطر ببالهم أن تفجيرًا سيقع بتلك اللحظة في الكنيسة المرقسية، لم يعرف أحدهم الآخر، إلا أن الثلاثة كانوا عابرين في سلام، قبل أن يروا الموت بأعينهم، بين17 شخص راحوا ضحية الانفجار، و47 مصاب، كما أعلنت وزارة الصحة، فمنهم مَن فاضت روحه، ومَن نجى بإصابة بالغة.

"خليفة".. صراف الضرائب في مهمة عمل

في موعده المُحدد حمل عبد الرشيد خليفة، صراف ضرائب، حقيبة ممتلئة بالأموال لإيداعها البنك الأهلي، اعتاد "خليفة" هذا المشوار يوميًا، حيث يودع المبالغ التي يقوم بتحصيلها، حسبما يقول شقيقه "حسن".

فيديو انفجار المرقسية

انتهى خليفة من مهمته، مرّ أمام الكنيسة، ذلك الوقت الذي تزامن مع حدوث الانفجار، لم يشعر صراف الضرائب بشيء سوى مع وجوده داخل سيارة الإسعاف، أصيب خليفة بشظايا في الساق اليمنى، وتجمع دموي في المعدة، وانتقل إلى المستشفى الميري بالإسكندرية.

يشتكي حسن من المُعاملة السيئة لأخيه "فضل موجود على التروللي أربع ساعات"، حيث رأى الأطباء أن حالته من الممكن إرجائها، لكنه انتقل بعدها للمستشفى الجامعي "الناريمان"، المختصة بعلاج العظام، ففي اليوم التالي للتفجير، أجرى خليفة عملية جراحية استغرقت خمس ساعات، "طلع من رجل خليفة شظايا 8 سم".

غادر خليفة المستشفى بعد ثلاثة أيام، رأى الأطباء أن يستكمل علاجه بالمنزل، ترعاه رعاية الأهل والأقارب، فيما لم تزل الصدمة تحيط بهم جراء ما حدث ولكيفية نجاة ذويهم بأعجوبة من الواقعة الأليمة.

"أحمد".. نجا وتوفى صديقه

قبل دقائق من التفجير، هاتف محمد إبراهيم، أخيه الصغير أحمد، أخبره أن يلتقيه عند شارع الفلكي القريب من موقعه، ليرافقه في شراء بعض المستلزمات، يمر الشاب بهذا الطريق يوميًا، يسير برفقة أصدقائه أو بمفرده، فهو أحد السبل التي يسلكها بعد خروجه من مكانه دراسته بمعهد مصر للدراسات –أو معهد اللاسلكي- إذ يقع قرب محطة مصر الكائنة بمحطة الرمل محل وجود شارع الكنيسة.

1

أثناء مكالمة أحمد عبد المولى لشقيقه، انقطع الاتصال فجأة، دوي انفجار سمعه "محمد" مرتين في آن واحد، عبر الهاتف ولتواجده بشارع الفلكي القريب من "المرقسية"، هرع الأخ الكبير، إلى حيث أخبره "أحمد" بالتواجد قبل التفجير، وهناك كان المشهد؛ أبصر "محمد" أخيه ملقى على الأرض مغطى بالدماء، لكن النفس يسري به، حمله وأودعه الإسعاف حسبما يقول "مصطفى" شقيقهم الأصغر.

كسور بالأرجل، وتهتك بالأمعاء نتيجة اختراق الشظايا، كان التشخيص الطبي لـ"أحمد" بالمستشفى الميري كما يقول "مصطفى"، لليوم الخامس يرقد الشاب ذو الواحد والعشرين عامًا في العناية الفائقة، يتحدث بروية إلى أسرته التي هبت من منطقة العجمي أسفًا على ابنها، حامدة الله على ما أصابه، بعدما علمت بوفاة صديقة "إبراهيم" الذي كان يسير بجواره وقت الحادث.

يدرس الشاب في السنة النهائية، شهور كانت تفصله عن الامتحانات، غير أن إدارة المعهد زارته بحسب شقيقه، وأخبرت الأسرة أن الباب مفتوح أمام الطالب إن لم يتجاوز مرضه حتى موعد الاختبارات، إذ ينتظر "أحمد" قرار أطباء المستشفى الميري لنقله إلى المستشفى الجامعي "ناريمان" المتخصصة في العظام، فقط الأمر مرهون باستقرار حالته كما يوضح "مصطفى".

"محسن".. رحل وترك طفلين وزوجة

لم يخطر ببال زوجة محمد محسن أن يُصاب شريك حياتها بحادث الكنيسة، ويرحل هكذا دون رؤيته "قالي إنه نازل يشتري شوية حاجات ويجيب الغدا وجاي"، في حوالي الحادية عشر والنصف صباحًا نزل محسن من منزله الواقع في شارع اسحاق النديم، لم يحتاج عمل الشاب الثلاثيني لدوام "هو بيشتغل أعمال حرة".

اعتادا الزوجان أن يتصلا ببعضهما طيلة الوقت، غير أن هذه المرة اختلفت؛ لم تسمع الزوجة صوت مُحسن طيلة ساعتين، جلست بجانب طفليها تُذاكر لهما، ثُم أحضرت قهوتها، وقبل أن تمسها ضغطت زر الاتصال، ليُفاجئها، في الواحدة والنصف ظهرًا، صوت أحد الظباط "محمد اتصاب عند كنيسة المرقسية".

لم تعلم الزوجة شيئًا عن التفجير قبل تلك المُكالمة "التليفزيون بايظ وكنت هجيب حد يصلحه"، حتى أن دويّ الكارثة لم تسمعه رغم قُربه منها، إلا أن جارتها نقلت إليها الأخبار "شفت على النت، حتى كان فيه واحد شايلينه شبه محسن بس مقولتش عشان مبشرش" تقول الجارة، تعتقد الزوجة أن يكون مُحسن مرّ من أمام الكنيسة للوصول إلى شارع شكور "هو متعود يشتري من هناك".

هرولت الزوجة إلى المستشفى الميري، يُهدئ من روعها إحدى الممرضات "تقولي دا تلاقيه تشابه أسماء"، إلا أن قلبها لم يُكذبها "في الآخر عرفت إنه توفى"، لا تعلم تحديدًا ما أصابه، تركت الأمور الروتينية ليتولاها أباها، فوالد ووالدة محسن متوفيين.

ترفض زوجة مُحسن قول اسمها، أو أسماء الطفلين الذي لم يصل سن أكبرهما إلى عشر، تعتقد أن وجود تفاصيل عدّة ستُتعب نفسية الصغار، اللذان لم يتبق لهما سوى الأم.

فيديو قد يعجبك: