إعلان

"القيمة المضافة".. انتقاد حقوقي وحلول مقترحة -(تقرير)

03:23 م الخميس 25 أغسطس 2016

مجلس النواب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هاجر حسني:

بعد تراجع إجمالي الإيرادات في العام الماضي إلى 453 مليار جنيه، طبقا للمؤشرات الأولية للحساب الختامي حسب تصريحات وزير المالية، نتيجة عدم تحصيل جزء من الإيرادات السيادية، وعدم تنفيذ الإصلاحات الضريبية والتحول لنظام القيمة المضافة وسياسات ترشيد الدعم العام الماضي، لجأت الحكومة لإعداد مشروع قانون القيمة المضافة والذي يهدف إلى رفع الأسعار على الفارق بين تكلفة المنتج وقيمة بيعه، فيما أرسلته إلى مجلس النواب لمناقشة إقراره من خلال لجنة الخطة والموازنة.

زيادة الأعباء

وفي تقرير له، انتقد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، القانون واصفا إياه بأنه ضد العدالة الاجتماعية، حيث أنها لا تراعي الفوارق بين الطبقات المختلفة وتحملهم نفس العبء، كما أنها تُزيد العبء الشرائي على المواطنين في ظل موجة ارتفاع الأسعار وثبات دخلهم، الذي تنخفض قيمته الفعلية نتيجة هذا الارتفاع في الأسعار، ما يجعل لتطبيق الضريبة أثرًا سلبيًا على نمو الاقتصاد المصري، كما أن الضرائب الاستهلاكية غير عادلة بالمرة ومؤثرة على المواطن المُستهلك على المدى المتوسط والبعيد.

ورأى كمال عباس، مسؤول اللجنة الاقتصادية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، أن الحكومة عندما تحاول إيجاد مداخل جديدة للضرائب تلجا إلى إجراءات من شأنها أن تؤثر على الشريحة المضغوطة، فيما تظل الشريحة الأكثر غنى بعيدة عن الأمر والتي حتى وإن لم تزداد ثروتها، لا تتأثر، كما أن الحكومة ألغت الضريبة على البورصة وهو إجراء انتقده صندوق النقد الدولي.

ويقول عباس لمصراوي، إن هناك أساليب أخرى لزيادة دخل الدولة عن طريق فرض ضريبة عقارية على الشخص الذي يمتلك وحدات سكنية تقدر بأكثر من مليون جنيه، مستشهدا بفكرة طرحها أحد رجال الأعمال بفرض ضريبة على ثروة الأشخاص بتحديد قيمة معينة لهذه الثروة.

وتابع "القانون ده هيخلي الأسعار تشتعل، والناس الغلابة في مصر هيعملوا إيه بعد تعويم الجنيه ورفع الدعم وقانون القيمة المضافة؟"، لافتا إلى أنه يعتقد بأن البرلمان سيصدق على القانون لأن الكتل المتحكمة في التصويت تظهر ميلها نحو القانون.

استثناءات

وسرد المركز المصري التطورات التي مرت بها الضريبة بدءًا من عهد حكومة أحمد نظيف 2004، فقد سعت حكومة نظيف بعد تشكّلها لإدخال تعديلات على قانون الضريبة، ليصبح أكثر انحيازًا لرجال الأعمال ولترك نسبة أرباح أكبر لجيوبهم، بدلًا من خزانة الدولة.

وأضاف المركز أنه بعد 30 يونيو زاد عزم الحكومة على إصدار قانون القيمة المُضافة وتم الإعلان عن ذلك في2014 وأنها ستُطبق بنسبة تترواح ما بين 10-12% ولكن لم تصدر حينها.

ورصد المركز تراجعات الحكومة المتعددة عن زيادة الضرائب على المستثمرين ورجال الأعمال، موضحًا أن ذلك ظهر في تخفيض الضرائب على الشريحة الأعلى من دخول الأفراد والشركات إلى 22.5% بعد أن أن كانت 25%، بالإضافة إلى إلغاء 5% "ضريبة الثروة" التي قُرر أن يتم تطبيقها على من تتعدى دخولهم المليون جنيه سنويًا، وضريبة الأرباح الرأسمالية (ضريبة التعامل في البروصة) التي قد تم تجميدها أيضًا.

أثر غير مباشر

وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن هناك جانب من الانتقاد الأساسي الموجه إلى القانون، وهو الخوف من ارتفاعٍ للأسعار أبعد من مجرد الأثر المباشر للضريبة، بفعل الاحتكارات في مختلف القطاعات السلعية والخدمية، وبفعل عوامل أخرى مثل تخفيض قيمة العملة الذي يشترطه صندوق النقد الدولي.

"ما يزيد من خطورة تلك الضريبة هو تأثيرها الركودي. فضرائب الاستهلاك فضلًا إلى كونها من أقل أنواع الضرائب عدالة وفضلًا إلى أثرها التضخمي، فهي أيضًا تثبط الاستهلاك، وبالتالي النمو وخلق فرص عمل. وتزيد خطورتها أثناء فترات التباطؤ الاقتصادي والتضخم العالي كالتي تشهدها مصر حاليًّا"، كما يحذر أسامة دياب الباحث في وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة.

ومن ناحية أخرى، حمل القانون ثغرات مخيفة تفتح أبواب فساد. فقد أعطى القانون سلطات موسعة للوزير ولرئيس مصلحة الضرائب في إعفاء من يشاءون من الالتزام بإصدار الفواتير، بل وفي إعفاء أي منشأة من التسجيل في المصلحة بلا أي قيد أو شرط (المادة 12 والمادة 21). "هذا النوع من الاستثناءات يفرغ القانون من جوهره، لأنه يستثني مَن يشاء مِن دفع الضريبة"، بحسب سلمى حسين، الباحثة بالوحدة.

كما يعطي القانون الحق للوزير في إنفاق مبلغ سنوي قد يصل إلى أكثر من 800 مليون جنيه، بغرض تشجيع الممولين، بدون أي اشتراطات لأوجه الإنفاق (المادة 74). هذا المبلغ يساوي أربعة أضعاف الدعم السنوي الموجه لتنمية الصعيد.

ويضيف طارق عبد العال المحامي بالوحدة أن هناك في المواد المتعلقة بالعقوبات ما يشجع على التهرب من الضريبة: "فعلى سبيل المثال، يعتبر مشروع القانون عدم إظهار السجلات لموظفي المصلحة مخالفة وليس تهربًا، غرامته تتراوح بين 500 إلى 5 آلاف جنيه، وهو مبلغ تافه مقارنة بحجم المبيعات السنوي الذي لا يقل عن 500 ألف جنيه، بحسب القانون"، كما أنه لا يمكن أن تحرك المصلحة أي قضية تهرب إلا بموافقة من الوزير (المادة 72).

فيما يقول ولاء جاد الكريم، المدير التنفيذي لمؤسسة شركاء من أجل الشفافية، إن بفرض قانون القيمة المضافة سيكون هناك زيادة في الأسعار بما لا يحقق العدالة الاجتماعية، مضيفا أن الهدف من السياسات الضريبية هو تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، وبالتالي فهذا القانون لا يحقق ذلك.

ولفت إلى أن تحقيق العدالة الاجتماعية يأتي من خلال الضرائب الرأسمالية الضريبة على البورصة أو الضرائب العقارية، فمن خلال قانون القيمة المضافة يمكن أن تحقق العدالة الاجتماعية ظاهريا ولكن ضمنيا لن يكون كذلك.

وتابع "علشان نحيب القيمة المضافة لازم يكون في نظام اقتصادي مسجل، زاحنا عندنا أكثر من 60% من المنشآت غير مسجلة"، فبإقرار هذا القانون لن تتحقق العدالة الاجتماعية وسيؤدي إلى زيادة الأسعار ومحمدوي الدخل هم أول المتضررين، بحسب قوله.

حلول مقترحة

واقترحت المبادرة حلا لتخفيف أثر الضريبة في القيمة المضافة، بأن تُلحِقَها الحكومة بحزمة من الضرائب التي من شأنها أن تستهدف العدالة الاجتماعية، مثل الضرائب على الثروة والأرباح الرأسمالية.

كما تقترح المبادرة المصرية أن تلتزم الحكومة بتغيير الهدف من الضريبة، وهو سد عجز الموازنة، "هو هدف مبهم؛ ﻷنه يجعل من الصعب على المصريين متابعة فيم أنفقت الحكومة أموالهم، لذلك من الأفضل أن تضع الحكومة هدف اجتماعيٍّ يسهل مراقبته، أي تخصيص عائد الضريبة على القيمة المضافة من أجل بناء عدد معين من المدارس النموذجية مثلا، أو تمويل التأمين الصحي الشامل لكل المصريين. فحين يتحقق هذا الهدف، تتعزز الثقة في الأداء الحكومي، ويشعر المواطنون بأن الضريبة لم تؤدِ إلى الإضرار بهم، بل كانت في سبيل فائدة جماعية.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج