إعلان

صراع من أجل تحرير الموصل.. صراع على مستقبل المدينة!

02:58 م الثلاثاء 16 أغسطس 2016

صراع من أجل تحرير الموصل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

برلين (دويتشه فيله)
منذ أشهر تتحدث القوى العراقية على اختلافها، كردية أو عربية، عن قرب تحرير الموصل وكل مناطق محافظة نينوى من تنظيم داعش، لكن كيف سيبدو مستقبل المدينة في ظل صراع مستميت بين القوى المختلفة المتنافسة على السبق في تحريرها؟.

لا يشك أحد في العراق عموما، وفي شمال غرب العراق خصوصا، في أن تحرير الموصل والمناطق المحيطة والتابعة جميعها إلى محافظة نينوى، ثاني أكبر محافظات العراق، بات أمر محتوما.

كل الأطراف المعنية تعد العدة للعملية العسكرية التي انطلقت شرارتها منذ أشهر، حيث تم تحرير مناطق واسعة منها، بينها مئات القرى من قبضة تنظيم داعش الإرهابي.

القوات الكردية المعروفة بالبيشمركة تستعد من شمال شرق المحافظة والقوات العراقية الرسمية تحشد قواها من جنوب وجنوب غرب المحافظة.

إلى جانب القوى العسكرية النظامية وشبه النظامية، تقف قوى الحشد الشعبي الشيعية وحشد العشائر السنية بآلاف الرجال جاهزين ليدخلوا ثاني أكبر مدينة عراقية وتحريرها من قبضة تنظيم ما يسمى "بالدولة الإسلامية".

ثم هناك قوى أصغر حجما تتمثل في مسلحين محليين يتعاونون مع حزب العمال الكردستاني في منطقة سنجار في أقصى شمال غرب المحافظة على أهبة الاستعداد لدخول تلك المعركة.

ولعل المراقب لأوضاع المنطقة قد يقول إن كثرة القوى ستسهل عملية التحرير ويتنفس سكان الموصل قريبا الصعداء وتنعم المدينة بالسلام المنشود.

لكن كثرة القوى المشاركة تعني أيضا تعدد المصالح والأجندات لتلك القوى وللأطراف الواقفة ورائها. وهو أمر يطرح تساؤلا مشروعا حول مستقبل مدينة الموصل في مرحلة ما بعد التحرير. فهل تعود الموصل إلى نقطة الصفر مجددا بعد التحرير، حيث كانت القوى العربية والكردية تتنازع على مناطق كبيرة، فيما لم يتفق أصحاب النفوذ فيها على أرضية مشتركة لإدارة المحافظة والمدينة التاريخية الكبيرة؟ أم سيكون هناك اتفاق يجمع القوى على قواسم مشتركة للتغلب على خلافات الماضي وتحقيق أمنية المواطنين في تحقيق الأمن والسلام والاستقرار؟

وبشأن العمليات العسكرية يقول المحلل السياسي الكردي مسعود عبد الخالق "الآن عملية تحرير الموصل قد بدأت فعلا وأتوقع أن تستمر هذه العملية إلى أن تصل إلى نهايتها ثلاثة إلى خمسة أشهر أخرى".

بيد أن المتحدث يتوقع قتالا ضاريا داخل المدينة.

ويضيف "خصوصا عندما تنتقل المعارك إلى داخل مدينة الموصل فسيأخذ ذلك وقتا طويلا. لأن قوة داعش تكمن في أن مقاتليه عقائديون أكثر من القوى التي تحاربها".

"ولذلك يستطيع مقاتلو داعش مقاومة القوى المهاجمة في داخل المدن، بسبب عدم تمكن طائرات التحالف الدولي والطائرات العراقية من قصف مواقع داعش دون إحداث أضرار بشرية كبيرة بين صفوف المدنيين".

أما بخصوص حجم القوة الكردية المشاركة في معركة تحرير الموصل والتي يعتبرها مسعود عبد الخالق جيدة، "لكنها لا تصل إلى مستوى مواجهة داعش داخل المدينة لوحدها، وهذه حقيقة معروفة".

وتزداد الوحدات الكردية قوة بفضل الدعم الجوي الغربي لها وهو ما مكنها من الوصول إلى مشارف الموصل بسهولة نسبيا.

لكن المحلل السياسي العراقي باسم الشرع لا يرى المشكلة في عديد القوات وتنوعها.

ويضيف" في الحقيقة لم تتضح الصورة لحد الآن بخصوص تحرير الموصل لسبب واحد وهو عدم وجود اتفاق سياسي بين الأطراف لخوض معركة الموصل، فالقضية ليست أمنية أو عسكرية، بل هي قضية سياسية. عسكريا هناك فرقتان للجيش العراقي في أطراف الموصل وفي قضاء القيارة إلى جانب ألوية مدرعة".

من جانب الأكراد، فهناك انتشار لحوالي 15 ألف مقاتل من البيشمركة إلى جانب الحشود العشائرية التي تقدر بحوالي 5 آلاف مسلح، فيما تشكل قوات الشرطة الاتحادية والمحلية حوالي 8 آلاف عنصرا.

ويقول الشرع:" فالمشكلة ليست في نسبة هذا القوى مقارنة بتلك، المشكلة تكمن في عدم الاتفاق كيف تبدأ المعركة".

ونظرا لوجود مشاكل قديمة، وهيمنة قضايا حساسة على العلاقات بين الأطراف العربية والكردية بشأن إدارة الموصل خصوصا ومحافظة نينوى عموما، تبذل الولايات المتحدة جهودا كبيرة من أجل التوصل لصيغة توافقية في هذا الشأن.

عن ذلك يقول الشرع: "هناك مساعي أمريكية لجمع الآراء وصبها في صيغة اتفاق يحدد مراحل المعركة. من بدايتها وحتى نهايتها، وخصوصا تحديد ملامح خطة عسكرية لكيفية دخول الموصل ومن يدخلها أولا، حيث هناك خلاف الآن لتحديد القوة التي تدخل الموصل أولا".

فالجانب الأمريكي يقترح دخول القوات الجيش العراقي أولا إلى المدينة، فيما تنتشر الأطراف الأخرى المشاركة في العملية على ضواحي وأطراف المدينة. ولهذا لا تبدو الأمور حاليا واضحة المعالم فيما يخص نسبة القوى المشاركة في المعركة المرتقبة.

ويتابع الشرع "إلى جانب كل ذلك لا يوجد اتفاق سياسي قد يشكل أرضية جيدة لمرحلة ما بعد تحرير المدينة. حيث لا توجد رؤية واضحة بشأن حل الملفات العالقة حول المناطق التي تدخل كل قوة لتحريرها".

أما المحلل السياسي الكردي مسعود عبدالخالق فيقول عن ذلك: "الحساسية الموجودة بين أطراف القوى العراقية التي تواجه داعش، سواء أكانت بين الشيعة والسنة أو بين العرب والكرد قد خفت حدتها في الآونة الأخيرة، وإذا كانت هناك بعض التحفظات بشأن المشاركة الشيعية، فإن الأجواء بين العرب السنة والكرد هي حاليا في أفضل حالها، على هذا الأساس أتوقع أن تستقبل الموصل القوات الكردية عند دخولها إليها بارتياح أكبر من نظيرتها الشيعية".

لكن المتحدث الكردي لا ينفي وجود مشاكل كبيرة بخصوص إدارة المدينة ويقول: "إذا كانت هناك اليوم تحديات عسكرية بسيطة قبل تحرير الموصل، فإن هناك تحديات مركبة ومعقدة أحيانا ستظهر للسطح بعد تحرير الموصل وذلك على المستوى الكردي ـ الكردي وعلى مستوى الكردي العربي وأخيرا على المستوى الطائفي، أي الشيعي ـ السني. أضف إلى ذلك هناك تحديات إقليمية، ولاسيما ما يتعلق بالإطماع التركية الواضحة في الموصل. لذلك أتوقع أن تكون الأحداث ما بعد تحرير الموصل ستكون أكبر وأوسع مما هي عليها الآن".

وإذا كانت القوى والأطراف المعنية بتحرير المدينة غير متفقة سياسيا بشأن مستقبل الموصل قبل المعركة، فإنها لن تتفق بعد ذلك، وهذا يعني إمكانية العودة بالأوضاع إلى ما قبل دخول داعش إلى المدينة. أي بعبارة أخرى العودة إلى نقطة الصفر.

يتفق المحلل السياسي باسم الشرع مع هذا الرأي ويقول إن ما يجري الآن هو محاولة من الجميع لفرض الأمر الواقع، الكل يتأهب لفرض واقعه هو.

والواقع هو أنه لا يوجد اتفاق بين الأطراف حول كيفية إدارة المدينة وإدارة المحافظة بعد طرد داعش منها. فمثلا القوى الشيعية تحاول أن تفرض هيمنتها على مناطق شيعية جنوب المحافظة في تل عفر، فيما يرفض الأكراد ذلك ويطالبون بدخول القوات العراقية فقط إلى تلك المناطق. فيما تطالب عشائر الجبور بدخول الحشد الشعبي إلى تلك المناطق.

ويضيف الخبير باسم الشرع "لا توجد هناك ضمانات أو ثقة من قبل الأطراف بشأن التعامل مع كل الملفات. لا يثق أحد بأحد والكل متخوف من الآخر".

ولهذا نلاحظ، كما يقول الشرع، أن الزيارات المكوكية لمسؤولين أمريكيين لبغداد وأربيل تسعى إلى زرع الثقة بين الأطراف المعنية، خصوصا بين الطرفين الكردي والعربي.

ويخشى المحلل السياسي أن تشهد مدينة الموصل وكل محافظة نينوى بعد تحريرها من داعش صراعا ثانيا يندلع بين الأطراف التي شاركت في تحرير المنطقة، وهو ما يعتبره مشكلة كبيرة، ويقول: "إذا لم يتم الآن وقبل تحرير الموصل التوصل إلى اتفاق مرحلي ولو مؤقت يضع رؤية أولية لحل مشاكل المدينة وعموم المحافظة".

والمخاوف قائمة فعلا أن يتحول الصراع في الموصل في مرحلة ما بعد التحرير إلى صراع دموي بين أطراف الصراع التقليدين. فالقوى المشاركة في عملية التحرير تملك المعدات العسكرية الكافية، مثل الدبابات والراجمات والصواريخ لخوض معركة الهيمنة على المحافظة بعد التحرير.

وإذا كان التوازن بين الأطراف الفاعلة في عملية تحرير نينوى مختل حاليا للأسباب المذكورة، فإنه سيبقى مختل في مرحلة ما بعد التحرير، كما يؤكد ذلك الأستاذ الشرع ويضيف "أن التوازن سيزداد تعقيدا وسيتعرض إلى اختلال أكبر ربما".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج