إعلان

في شهر ذي القعدة المحرم .. بايع الصحابة النبي تحت شجرة الرضوان

11:05 م الأحد 15 يوليه 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – هاني ضوه :

من الحوادث المهمة في تاريخ المسلمين بيعة الرضوان والتي كانت في شهر ذي القعدة - وهو من الأشهر الحرم - ومن السنة السادسة للهجرة وكان لها أثر كبير في إثبات قوة المسلمين ووحدتهم، حيث اجتمع أكثر من ألف وأربعمائة صحابي تحت شجرة الرضوان لمبايعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

يقول الإمام ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية": "إن الرسول كان قد رأى في منامه أنه دخل وأصحابه المسجد الحرام، بعد ذلك أمر الرسول أصحابه بالاستعداد لأداء مناسك العمرة، وكان الرسول قد طلب من أهل البوادي في أنحاء المدينة أن يخرجوا معه، خَرج الرسول والصحابة يوم الإثنين غرة ذي القعدة سنة 6 هـ يسوقون معهم الهَدي ويرتدون الإحرام، ليعلم أهل مكه أنه جاء زائراً للبيت الحرام.

وعندما علمت قريش بأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، قررت منعهم من دخول مكة، فقام 200 فارس بقيادة خالد بن الوليد بالخروج للطريق الرئيسي إلى مكة. ووصل الرسول وأصحابه لمنطقة عسفان، ولقيهم بشر بن سفيان الكلبي فأخبرهم بأمر قريش وما خططت له، فأخذ الرسول طريقاً آخر، وكان دليل قافلة الرسول حمزة بن عمرو الأسلمي، حتى وصلوا للحديبية، التي تبعد 9 أميال عن مكة، فجاءت إليهم مجموعة من خزاعة ينصحونهم بعد الذهاب لمكة، فقال لهم الرسول حسبما ورد في صحيح البخاري: «إنّا لم نجئ لقتال أحد، ولكنّا جئنا مُعتمرين، وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاءوا ماددتهم، ويخلّوا بيني وبين الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلّا فقد جمّوا، وإن هم أبَوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذنّ الله أمره".

وبعد هذا عادت مجموعة خزاعة لقريش تحمل لهم رسالة الرسول، فردّت على الرسول ببعث عروة بن مسعود الثقفي ليُفاوضهم، فأعاد الرسول على الثقفي نفس الرسالة، فعاد الثقفي لمكة.

وبعث الرسول عثمان بن عفان إلى مكة ليُفاوض قريش، فذهب عثمان إلى أبي سفيان بن حرب وسادات قريش ليخبرهم أن المسلمين لم يأتوا للقتال، وإنما جاءوا مُعتمرين للبيت الحرام، فردّوا على عثمان بقولهم: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف. فقال عثمان: ما كنت لافعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم. عند ذلك احتبسته قريش ثلاثة أيام، فبلغ المسلمين خبر مقتل عثمان، عند ذلك قال الرسول: «لا نبرح حتى نناجز القوم»، ودعا المسلمين للبيعة على القتال حتى النصر أو الموت، وأول من بايع الرسول هو أبوسنان الأسدي.

وحضر بيعة الرضوان كبار الصحابة الكرام وعلى رأسهم أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وجابر بن عبدالله وعبدالله بن عمر وأم سلمة، ومن الصحابة من بايع أكثر من مرة مثل سلمة بن الأكوع الذي بايع ثلاث مرات كما ورد في صحيح مسلم. ثم علم المسلمون أن خبر مقتل عثمان كان باطلًا، وكانت البيعة سببًا من أسباب صلح الحديبية، فلما علمت قريش بهذه البيعة خافوا وأشار أهل الرأي فيهم بالصلح. كما يعدّ علماء المسلمين عثمان بن عفان ممن حضر البيعة؛ لأن النبي بايع عنه، فوضع يده اليمنى على اليسرى وقال: «اللهم هذه عن عثمان.»

وتمت البيعة عند شجرة الرضوان التي كانت موجودة بفج نحو مكة بالقرب من بئر الحديبية، ولكن المسلمين نسوا مكانها ولم يجدوها حين خرجوا للعمرة في العام التالي لصلح الحديبية.

فروى البخاري عن سعيد بن المسيب أنه قال: «حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ نَسِينَاهَا، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا».

وكذلك قال عبدالله بن عمر: «رَجَعْنَا مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَمَا اجْتَمَعَ مِنَّا اثْنَانِ عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي بَايَعْنَا تَحْتَهَا! كَانَتْ رَحْمَةً مِنْ اللهِ.» كما ذكر الطبري أن عمر بن الخطاب مر بمكانها فبحث عنها فقال: «أين كانت؟» فجعل بعضهم يقول: هنا، وبعضهم يقول: ههنا، فلمّا كثر اختلافهم قال: «سيروا، هذا التكلّف.»

وكان لبيعة الرضوان نتائج مهمة في تاريخ المسلمين منها أنها أثبتت قوة المسلمين مما بث الرعب في نفوس كفار قريش بعد أن اجتمعت كلمتهم، فأرسلوا بعد ذلك عثمان بن حنيف ليكون رسولهم لعقد الصلح مع المسلمين، كما كان في بيعة الرّضوان اختبار حقيقي للمسلمين وإيمانهم الصّادق بالله تعالى والدّعوة؛ حيث لم يتخلّف عنها إلاّ من كان في قلبه مرض كالمنافق الجدّ بن قيس.

مصادر:

- كتاب "السيرة النبوية" – ابن هشام.

- كتاب "تاريخ الطبري" – الإمام الطبري.

- كتاب "السيرة الحلبية" - علي بن برهان الدين الحلبي.

فيديو قد يعجبك: