إعلان

محمود الهواري عن العشر الأوائل من ذي الحجة: أيام عظيمة وأجور مضاعفة

الدكتور محمود الهواري

محمود الهواري عن العشر الأوائل من ذي الحجة: أيام عظيمة وأجور مضاعفة

12:00 م الإثنين 27 يوليه 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كتب - محمد قادوس:

قال الدكتور محمود الهواري عضو المكتب الفني لوكيل الأزهر، إن الأيام العشرة الأوَل من شهر ذي الحجة هي أيام عظيمة أجورها مضاعفة، كما أن الشهر نفسه يُعد من الأشهر الحرم، موضحًا لـ"مصراوي" بعض الأعمال التي يثاب العبد بها في تلك الأيام، خاصة أنه يوجد تكريم قرآني لها؛ حيث أقسم الله بها، ولا يقسم المولى إلا بعظيم.

وأبدى الهواري ثقته أنَّ كثيرًا من المسلمين يعرفون فضل هذه الأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة، فهي أيَّامٍ خاصَّة في شهر خاصٍّ، تقع فيه عبادات خاصَّة، ولفت إلى أنَّ كثيرًا من النَّاس تتوق أفئدتهم إلى زيارة تُشفي أرواحهم بعد أن آذتها كورونا بتداعياتها من حرمان صلاة الجمعة والجماعة وأخيرًا حجِّ بيت الله الحرام.

وناشد عضو مكتب وكيل الأزهر التأمل في هذا الباب الَّذي فتحه الله لعباده؛ ذلك أنَّ من فضل الله - سبحانه وتعالى - على الأمَّة أنَّه دائمًا ما يعطي الفرصة لعباده، ويفتح باب الأمل لهم، فكلَّما انقضى موسم عبادة وخير لحقه آخر؛ دعوةً للعباد، وتأكيدًا لرحمة الله؛ إذ يقول: «مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا».

وقال الدكتور محمود إنه سيحلِّق مع القارئ الكريم حول هذه الأيَّام وفضلها وأعمالها، وإليكم نص حديثه لمصراوي:

أوَّل ما نبدأ به كلامُ ربِّنا –سبحانه وتعالى-إذ يقول: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}.. [الفجر:1-3] ، وهذ قَسَم من الله - سبحانه وتعالى - بهذه الأيَّام، فالليالي العشر هي العشر الأول من ذي الحجة، وهذا منقول عن كثير من أهل العلم.

ولا شك أن هذا تكريم قرآني لهذا الموسم المبارك..

ومن السنة الحديث المشهور، حديث ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»

فهذا إعلان نبويٌّ واضح أن العمل الصالح في الأيام العشر الأول من ذي الحجة أفضل عند الله، وأحبُّ إليه، وأكثر أجرًا لديه.

إنَّ العمل الصالح فيها على إطلاقه أفضل من الجهاد في سبيل الله، الذي تزهق فيه الأرواح، وتطير فيه الرقاب، وترمل النساء، وتيتم الأطفال، إلا أن يخرج رجل إلى الجهاد فيقدّم نفسه وماله لله.

وحين يعلن النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّ العمل الصَّالح محبَّبٌّ إلى الله، ثم لا يحدده في نوع من الأنواع؛ فإن هذا يعني أن كلَّ عملٍ مطلوب ومقبول، فيشمل: صلوات الفرائض، وصيام التسع الأُوَل، ولمن لا يستطيع صيامها كلها عليه ألا يُحرم من يوم عرفة الذي يكفر الله به ذنوب سنتين، والصدقة التي تصون صاحبها، وحج بيت الله الحرام، وصلة الرَّحم وغيرها من أنواع البرِّ.

وهذه الطاعات لا ينبغي أن تغيب عن السَّادة القرَّاء لا في ذي الحجة ولا في غيره.

ومع يقيني بفضل العمل الصالح مطلقًا في العشر: صلاةً وصيامًا وصدقة إلا أني ألتمس طاعة خفية المؤونة عظيمة الأجر، وهي عبادة ذكر الله تعالى، وما أعظمها من عبادة!

وقد أخرج أحمد في مسنده عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّه قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ».

فهذا النَّص يوضح أنَّ العمل في هذه الأيام عظيم عند الله ومحبَّب إليه، ثم أمر بعدها بالإكثار من التَّهليل والتَّكبير والتَّحميد، فلماذا خصَّ ذكر الله بالذِّكر؟

ويؤيِّد هذه اللطيفة ما أخرجه البخاريُّ تعليقًا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ –رضي الله عنهما- «كَانَا يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا».

وكلامي هنا عن ذكر الله الَّذي يتفرع عنه كلُّ خير، فإنَّ من أكثر من ذكر الله عاش معه، ومن عاش مع الله فعل الخيرات.

ولا شك أن الذكر قد جاءت جملة من الأدلة التي تدل على استحبابه بصفة عامة، وفي هذه الأيام على وجه الخصوص، فمن فضل الذكر ما ذكر في كتاب الله سبحانه {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}.. [الأحزاب:35].

وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : «أولا أدلكم على خير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «ذكر الله».

وهذا سيدنا موسى –عليه السلام- يسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون، ويكشف عن الغاية من ذلك الطلب، فيقول: {واجعل لي وزيرًا من أهلي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا }.. [طه:29-35]. فموسى يطلب من الله أن يعينه بأخيه هارون، وأن يمنّ على أخيه هارون بالنبوة هو الآخر؛ لعلة لا شك أنها من أعظم العلل، ألا وهي: {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا}.. [طه:33-34].

ويكفي فضلًا وشرفًا للذاكر أن الله جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَه، فهل يبغي العابد أفضل من مجالسة الله؟

بذكر الله تنزل السكينة وتحف الملائكة وتغشى الرحمة. ذكر الله حط للخطايا والذنوب.

انظر إلى الناس من حولك كثير من الناس يخوضون في القيل والقال، والغيبة والنميمة وأما الذاكر ففي بناء وتشييد، أنت تذكر الله فتشيد لنفسك القصور، وتدخر لنفسك الكنوز، وهم في القيل والقال المكروه والمحرم، فيهدمون بيوتاً قد شيدوها، ويدمرون أعمدة قد أسسوها.

ولذلك يحثنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بل ويحث أحد العلماء والفضلاء، وأعلم الناس بالحلال والحرام، وهو معاذ بن جبل فيقول له: «والله يا معاذ إني أحبك» يقسم له الرسول على ذلك، ثم الوصية تأتي من حبيب لحبيبه فيقول له: «يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».

والذكر سبب في بركة الرزق، ذكر الله طمأنينة للقلوب، ذكر الله حصن من الشيطان الرجيم، ذكر الله شفاء من السقم، ذكر الله قوة للبدن، ذكر الله فيه كل خير، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.

إعلان

إعلان

إعلان