إعلان

ملامح الشرق في قلب العاصمة الفرنسية.. تعرف على قصة مسجد باريس الكبير

04:27 م السبت 13 أكتوبر 2018

كتبت- سارة عبدالخالق:

من داخل قلب العاصمة الفرنسية، يطل علينا بناء عريق.. وصرح إسلامي عظيم.. يحمل بين جنباته عبق الشرق.. ويعد المقصد الأول للمسلمين في فرنسا.. هذا المعلم بات أحد أبرز معالم باريس الشهيرة، إنه (مسجد باريس الكبير).

أنشئ المسجد عام 1926، من ميزانية الدولة الفرنسية، حيث خصصت فرنسا 500.000 فرنك فرنسي، وساهم سلطان المغرب في إنشاء وقف إسلامي لإنهاء البناء، ساهم فيه كذلك تونسيون ومسؤولون جزائريون. وقد افتتح المسجد آنذاك الرئيس الفرنسي "دومارغ" والسلطان المغربي "مولاى يوسف بن الحسن".

هذا الصرح العريق ذو الطابع الإسلامي في البناء صاحب المئذنة المرتفعة هو قطعة مميزة في قلب العاصمة الفرنسية، تختلف عما يحيط بها من أبنية تحمل سحر الشرق وعبق الفن الإسلامي، خاصة الفن الأندلسي المتبع في بناء هذا المسجد العريق، حيث يسيطر هذا الفن على الهندسة المعمارية للمسجد المستوحاة من الفن الأندلسي بمدينتي (فاس) المغربية، و(تلمسان) الجزائرية.

يقول الكاتب الدكتور محمد الغمقي على موقع المجتمع الإلكتروني إن" مئذنة المسجد (33 متراً) تأتي على نمط صومعة مسجد جامع الزيتونة العريق بتونس، في مدينة مشهورة بطابعها الأوروبي الخاص، وما يزيد هذا الشعور بالفارق الكبير في الهندسة المعمارية لهذا البناء مع محيطه على مشارف الحي اللاتيني في منطقة حديقة (النبات) بباريس، عندما يكتشف المرء اتساع هذا الصرح الإسلامي الذي يقوم على مساحة كبيرة تقدّر بـ(7500 متر مربع) على أنقاض مستشفى (الرحمة) الذي تم نقله سنة 1911م إلى مكان آخر".

ويعد مسجد باريس الكبير من المعالم العربية والإسلامية هناك والذي يقع ضمن الدائرة الخامسة لباريس ويحيط به شوارع من كل الجهات وفي فنائه الخلفي يوجد مطعم ومقهى وحمام تركي للرجال والنساء بالتناوب ويرتاده العرب وغير العرب، وغدا من معالم باريس المهمة، وفقا لما ذكر في كتاب (مشاهدات وانطباعات من الشرق والغرب) لعبدالوهاب العمراني.

ويوجد بالمسجد عند الدخول من بابه الرئيسي حديقة مساحتها 3500 متر مربع تشبه حدائق قصر (الحمراء) في (غرناطة).

أما عن الألوان المستخدمة في المسجد، فيغلب عليها اللون الأزرق الذي يذكر بزرقة الماء والسماء، بالإضافة إلى اللون الأخضر، أما بهو المسجد فمغطى بمادة بيضاء بلاستيكية لاستغلال هذا المكان للصلاة يوم الجمعة، ويتوسط هذا البهو نافورة رائعة.

أما قاعة الصلاة الخاصة بالمسجد، فهي تحفة معمارية تجمع بين الطابع القديم والحديث، كما يوجد بالمسجد ثريا تزن 300 كجم، معلقة في قبة المسجد، وهناك منبر يمين المحراب كان قد قدم كهدية من الملك "فؤاد" ملك مصر، كما يوجد بالمسجد مكتبة عريقة تحتوي على عدد من المخطوطات القديمة، بالإضافة إلى (معهد الغزالي) التابع للمؤسسة، باعتباره معهداً إسلامياً لتدريس الشريعة الإسلامية وتخريج الأئمة.

وللمسجد دور كبير في نشر الوعي الثقافي والدعوي والديني وتقام فيه العديد من المحاضرات والندوات والاجتماعات وغيرها.

ويعتبر مسجد باريس الكبير هو أول معلم إسلامي تكفلت الدولة الفرنسية ببنائه، وقد جاء بناء هذا المسجد امتنانا وعرفانا من الدولة الفرنسية للضحايا المسلمين الذين حاربوا إلى جانب فرنسا في الحرب العالمية الأولى، حيث تم تجنيد عدد كبير من الجنود المسلمين من شمال إفريقيا في الجيش الفرنسي أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث قتلت أعداد كبيرة من المسلمين في تلك الحروب، وفقا لموقع صحيفة الاتحاد الإلكتروني.

وقد كان للمسجد دور كبير في حماية عدد كبير من اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية؛ ققد آوى المسجد أعدادا كبيرة من اليهود الفارين من النازيين، وقد "أنتجت فرنسا فيلما تجاريا- وفقا لما جاء في كتاب (الأوِّلـة باريـس) لشـيرين عـادل- ‎عام 2011 تحت عنوان (رجال أحرار) تحكي قصصًا تبرز الدور الإنساني للمسلمين المهاجرين بفرنسا في مساعدة اليهود أثناء الحرب".

فيديو قد يعجبك: