إعلان

بالصور.. المسجد الكبير بالجزائر

10:20 م الثلاثاء 09 سبتمبر 2014

المسجد الكبير بالجزائر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - أحمد هاشم :

المسجد الكبير في الجزائر العاصمة يطلق عليه كذلك اسم المسجد العتيق و المسجد جامع .

ويعتبر المسجد الكبير هو أقدم مسجد قائم في الجزائر العاصمة ويقال أنه الأقدم في المغرب الاوسط بعد مسجد سيدي عقبة بــبــسكرة و يعد إلى جانب الجامع الكبير في تلمسان و الجامع الكبير في ندرومة واحدا من الآثار القليلة المتبقية من العمارة المرابطية.

يرجع تاريخ بناء الجامع الكبير إلى القرن الخامس هجري خلال امتداد حكم سلالة المرابطين للمغرب الأوسط على يد مؤسس الدولة أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين وبالضبط في الأول من رجب عام 490 للهجرة الموافق ل 18 جوان سنة 1097 م ويعتقد أنه قد شيد على أنقاض كاتدرائية مسيحية تعود إلى العهد الروماني .

فيما يعود تاريخ بناء مئذنته إلى سنة 1324 م (1332 م في بعض المصادر)

يقع الجامع الكبير في الجزء الشمالي الشرقي من العاصمة في منطقة القصبة التاريخية بالقرب من الميناء , " نهج البحرية سابقا" , عن يسار غرفة التجارة في اتجاه البحر بين شارع المرابطين و شارع سعدي و مختار بن حفيظ مطلا على مدخل المدينة إلى ميناء العاصمة البحري و حسب المصادر التاريخية فقد كان محاذيا لسوق كبيرة في ذاك الوقت مما جعله قبلة المصلين ووجهة لطلبة العلوم الدينية.

تاريخ بنائه :

اعتمد المؤرخون في تحديد تاريخ بناء الجامع الكبير بالعاصمة على الكتابة المنقوشة على منبره فأضحى بذلك مادة تاريخية لا يستهان بها .

وتم اكتشاف هذا الأثر التاريخي في المسجد الكبير بالعاصمة بعد 90 سنة من الغزو الفرنسي للجزائر ، كان ذلك من باب الصدفة ، فالمنبر الذي يصعد فوقه الإمام كل يوم جمعة لإلقاء خطبة الجمعة معروف منذ القدم .

ورغم تعرض المسجد لعدة هجمات للقوات الاستعمارية ارتاى معماريون فرنسيون الابقاء عليه منهم المعماري كريستوف باعادة بناء ألواح المنبر التي تآكلت ليتم تركيبها فوق هيكل حديدي متحرك .

وتتضمن النقوش التي يزادن بها منبر هذا المسجد وهي مكررة ثلاث مرات بالخط الكوفي تاريخ انشائه حسب ماذكره بارقاس في مجلة الشرق الأوسط سنة 1857 كما نقلها دفولوكس في ترجمته لدراسة اعدت سابقا حول المباني الدينية بالجزائر العاصمة سنة 1870 أما كولين فقد دونها في الصفحة الأولى في مدونته التي صدرت له بالجزائر سنة 1901 لكن المثير في الأمر أنه لا أحد اهتم بموضوع النقش المعماري الذي يحمل كتابة تاريخ بناء المسجد الكبير .

وحسب نفس المصدر فان هذا المنبر لفت انتباه الأثريين و مؤرخي الفن الإسلامي محدثا ضجة وتضاربا بينهم وقد بناه يوسف بن تاشفين في الأول من رجب عام 490 للهجرة الموافق ل 18 جوان سنة 1097 م وفق نموذج العمارة الدينية المرابطية ليكون وقتئذ أكبر مساجد الدولة

وبنيت مئذنته بعد حوالي 3 قرون من بناء الجامع عام 1324 للميلاد على يد سلطان تلمسان الزياني أبو تاشفين ابن أبو حمو موسى الأول .

الفن المعماري للمسجد :

إذا كان البحث في تاريخ الدولة المرابطية يتطلب مزيدا من الجهد، فإن معمارها ‏الديني يستدعي عناية علمية خاصة كذلك، فآثار المرابطين نادرة والمتبقي منها لحقه تغيير كبير، حتى أنه قد فقد بعضا من أصالته بيد أن إنجازات المرابطين في المغرب الأوسط قد حافظت على وحدتها، إذ تعتبر مساجد كل من الجزائر، وتلمسان ( 1082م) وندرومة (1086‏م) من آثار مؤسس الدولة المرابطية .

تتميز تصميمات المساجد المرابطية بانتظامها كلها وضخامتها العمرانية، ‏كما تتميز عن سالفها من المعالم بالتشبث بمبدأ التناظر، سواء في قاعات الصلاة أو في الصحون.

فقاعة الصلاة فيه مستطيلة، ‏عرضها أكبر من عمقها تتعامد البلاطات فيها مع جدار ‏القبلة. كما تنفتح دائما على صحن في شكل أروقة جانبية تؤطر ساحة واسعة.ويكون البلاط المحوري أكبر وأعلى من البلاطات الأخرى وقد اكتسب هذا المحور قيمة فنية راقية وجديدة بتغطيته بأشكال مختلفة وبديعة من القباب ‏.

أما الأسكوب العرضي فترتكز فيه الأقواس على حائط القبلة و يتميز بكبر أبعاده بالمقارنة مع الأساكيب الأخرى.

بني المسجد الكبير الذي ظل محافظا على اسمه إلى يومنا هذا ، في شكل مستطيل قليل الارتفاع مغطى بسقوف منحدرة ممزوجة من القرميد الأحمر على شكل ثنيات عددها أحد عشر ثنية يكون السطحان الاوسطان أكبر من غيرها و تقطعهما قبة تغطي المحراب كما هو الحال في جميع المساجد المرابطية والمسجد صمم ليتم الولوج إليه عن طريق صحن بواسطة رواق يؤدي إلى ثلاث مداخل في الواجهة الامامية.

وتحيط بالصحن الممدد الشكل أروقة تعد امتدادا لبلاطات قاعة الصلاة. تتشكل هذه الأخيرة من إحدى عشرة بلاطة موازية لجدار القبلة ويتم الدخول إليها عبر أبواب جانبية.

وسط القاعة تتداخل الأقواس المفصصة المتعامدة مع المحراب بأخرى متجاوزة ومكسورة نسبيا في الاتجاه المعاكس . ترتكز كلها على أعمدة مستطيلة وأخرى صليبية الشكل , إضافة إلى العقود المكسورة التي شاع استعمالها في بنايات الحقب السابقة، استخدم المرابطون في زخارفهم أشكالا أخرى متعددة.

فقد طوروا القوس المتعدد الفصوص الذي سبق للأندلسيين أن استعملوه في جامع قرطبة وأبدعوا في تنويعه. كما استخدموا العقود المشكلة من خمسة أو تسعة أو إحدى عشر فصا ليدرجوا ضمن أبنيتهم الدينية سلسلة حقيقية من العقود سيتبناها من جاء بعدهم. منحت لمساجدهم ومنها "المسجد الكبير" ضخامة الأعمدة وجمالية الأقواس المتجاوزة والمكسورة في بساطة وأناقة متناهيتين.

زينت البلاطة المحورية الأكثر اتساعا، بعقود مفصصة محاطة بشرائط متشابكة و هي تؤدي إلى المحراب الذي اعيد بناؤه عقب تدميره خلال حملة قصف العاصمة عام 1683 م و قد اعيد بناؤه في القرن 18 م في شكل كوة مكسورة الزوايا يحد مدخلها عمودان حلزونيان يعلوهما قوس قوطي ذو زخارف جبصية بارزة. بجانبي المحراب ينفتح بابان يؤديان إلى غرف صغيرة ومستطيلة واحدة لازالت تحتفظ على الأرض بنظام سكة حديد بارعة كانت تمكن من تحريك وسحب منبر ذو عجلات إلى قاعة الصلاة. هذا المنبر المعروض حاليا بالمتحف الوطني للآثار والفنون الإسلامية يعد أقدم وأجمل منابر العاصمة.

يتكون منبر الجامع الكبير بالجزائر من سبع درجات تربطهما عارضتين جانبيتين ذات شكل مخمس الزوايا، وتزينهما ألواح مزخرفة تتخذ شكل مثلثات ومربعات منحرفة جمعت بواسطة ألسنة وفروض . بمدخل الدرج يوجد إطار عال ومستطيل ينفتح بواسطة قوس متجاور ومنكسر وبجنباته عقدان متراكبان. تحمل تقويسة الجبهة زخرفا زهريا ونقائش، وهي محاطة بشريطة مشبوكة. وأركانها تملؤها غصنيات كثيرة الأوراق. أما الإطار المستطيل فتحيط به نقيشة مكتوبة بالخط الكوفي.

ويمتد دور الجامع الكبير ليشمل مجالات عديدة ومنها تحفيظ القرآن الكريم للأطفال الراغبين بذلك، وقد تخرج فيه علماءٌ وفقهاء وأئمة اكتسبوا سمعة طيبة ولعبوا دوراً في تبصير شباب البلد بأمور دينهم ومنهم الشيخ بابا عمر رحمه الله الذي كان مفتياً ضليعاًَ والشيخ عمر شوتري و الشيخ شارف والشيخ مصطفى بن يلس وهم خطباء مفوّهون، ما يؤكد على الدور الحضاري الكبير لهذا المسجد العريق.

فيديو قد يعجبك: