إعلان

ذو القعدة .. الشهر الحرام الذي تتضاعف فيه الحسنات والسيئات

02:54 م الأحد 15 يوليو 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بقلم – هاني ضوه :

جعل الله سبحانه وتعالى شهور السنة 12 شهرًا وجعل من تلك الشهور 4 أشهر لها ميزات خاصة وحرمة خاصة فسميت بالأشهر الحُرم، لعظم الثواب فيها وكذلك عظم السيئات، فيقول الله سبحانه وتعالى عنها في كتابه الكريم: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ}. (التوبة، 36)

وعند تحديد هذه الأشهر ضمن أشهر السنة، فقد بينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند تفسيره لهذه الآية، وبيَّن أن هذه الأشهر هي: رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم، قال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان".

وذو القعدة هو الشهر الحادي عشر من التقويم الهجري، ويسبق موسم الحج، وقد كان محرمًا في الجاهلية كما هو في الإسلام، فكان العرب يتوقفون فيه عن القتال والإغارة، فيقعدون في بيوتهم، يقول أبوالريحان البيروني: "وذوالقعدة للزومهم منازلهم"، ويقول: "ثم ذو القعدة لما قيل فيه اقعدوا أو كفوا عن القتال، وسمي ذا القعدة استعدادًا للحج، أو لأنه كان في الجاهلية شهرًا مقدسًا محرمًا لا يحل فيه القتال".

وللأشهر الحرم مكانة خاصة، وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن أن نظلم فيهن، أو نرتكب إثمًا، لذا فقد عد العلماء أن الثواب فيها مضاعف وكذلك الآثام فيها مضاعفة ومغلظة، ولهذا تغلظ فيه الدية عند إمامنا الشافعي رحمه الله.

ويقول الإمام القرطبي في تفسيره عن الأشهر الحرم: "لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب؛ لأن الله سبحانه إذا عظم شيئًا من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة، فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيئ، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار الله إلى هذا بقوله: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}.. [الأحزاب : 30].

ومما يدل على مضاعفة الحسنات والسيئات في شهر ذي القعدة وغيره من الأشهر الحرم قول ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما الذي ذكره الإمام الواحدي في تفسيره: "يريد: تحفَّظوا على أنفسكم فيها واجتنبوا الخطايا، فإنّ الحسنات فيها تُضاعف والسّيّئات فيها تُضاعف".

وذكر الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآيه قولًا روي عن قتادة يقول فيه: ""إنّ العمل الصّالح والأجر أعظم في الأشهر الحرم، والذّنب والظّلم فيهنّ أعظم من الظّلم فيما سواهنّ، وإن كان الظّلم على كلّ حالٍ عظيمٌ، ولكنّ الله يعظّم من أمره ما شاء كما يصطفي من خلقه صفايا".

مصادر:

- كتاب تفسير القرطبي – الإمام القرطبي.

- كتاب الوسيط في تفسير القرآن المجيد – الإمام الواحدي.

- كتاب "تفسير القرآن الكريم – الإمام ابن كثير.

فيديو قد يعجبك: