إعلان

ختمات وبهلوانات وعادات غريبة.. عيد مصر بعيون مؤرخي الدولتين الفاطمية والعثمانية

11:24 ص الجمعة 15 يونيو 2018

العيد في الدولة الفاطمية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – هاني ضوه :

مصر في الأعياد لها سمت خاص على مدار التاريخ، حتى إن الرحالة والمؤرخين قد وثقوا كل عادات واحتفالات المصريين في كتبهم وبينوا كيف كان المصريون يحتفلون في أول أيام العيد وحتى نهايته.

ولنتناول في هذا الموضوع بعضًا من مظاهر احتفال المصريين بعيد الفطر المبارك في عهد الدولة الفاطمية والدولة العثمانية والتي ذكرها عدد من المؤخين من بينهم محب الدين الحموي في القرن 16، والمؤرخ مصطفى عالي الذي يعد من أهم مؤرخي الدولة العثمانية وغيرهما.

ختمات قرآنية وبهلوانات

أشار المؤرخون إلى أنه في زمن الدولة الفاطمية التي حكمت بين القرن 10 والقرن 12 م كان الاحتفال بعيد الفطر يبدأ من ليلة العيد في يوم الوقفة بعد صلاة العشاءفكان الوزير يحضر الإفطار الأخير في شهر رمضان مع الخليفة في آخر اسمطة رمضان ثم يبدأ القراء والمبتهلون التوافد لقصر الخليفه ويقومون بعمل ختمة قرآنية وابتهالات وتواشيح وكانت ترسل سيدات القصر أواني الماء لتوضع أمام القراء لتشملها بركة ختم القرآن وبعد انتهاء التلاوة والتكبير يقوم الخليفة بنثر الدراهم والدنانير عليهم وتوزع عليهم أطباق القطائف وملابس العيد ومبالغ نقدية ثم تجرى بعض العروض العسكرية واستعراض الخيول والحلوى والآلات الموسيقية.

واعتاد المصريون في عهد الدولة الفاطمية تأدية الصلاة في الساحات خارج أسوار القاهرة الشمالية أي خارج باب النصر فيتحرك الخليفة بموكبه إلى المصلى ويخرج من باب في القصر يسمى باب العيد ويدخل إلى المصلى فيستريح فيه بعض الوقت ثم يخرج ومعه الوزير وقاضى القضاة خلفه ليصلى صلاة العيد.

وعقب الانتهاء من الصلاة يصعد المنبر لخطبة العيد ويجلس في أعلى المنبر، ويعطى الوزير الخطبة مكتوبة إلى الخليفة ليقرأها بنفسه على الناس وبانتهاء الخطبة يعود الخليفة من الطريق الذي جاء منه، وعندما يقترب من القصر يتقدمه الوزير ليمهد له الطريق ثم يدخل من باب العيد الذي خرج منه فيجلس في الديوان الكبير وبه سماط فيه أنواع الكحك المختلفة ليأكل من يأكل ينقل من ينقل وذلك حتى صلاة الظهر.

وبعد صلاة الظهر كانت تبدأ الاحتفالات الشعبية في الشوارع ومن أهم مظاهرها كانت طائفة تعرف بصبيان "الخف" يقدمون الألعاب البهلوانية واستعراضًا للخيول وفي أيديهم الرايات وكانت تستمر الاحتفالات في شوارع القاهرة طول أيام العيد الثلاثة.

شربات وبخور كعك

أما في عهد الدولة العثمانية فكان الاحتفال بعيد الفطر يبدأ بعد صلاة الفجر، حيث يصعد الأمراء والقضاه في موكب كبير إلى القلعة ويتجهون إلى جامع الناصر محمد بن قلاوون ليكي يصلوا صلاة العيد، ثم يقفون لتهنئة الباشا والي مصر.

ليس هذا فحسب ففي ثاني أيام عيد الفطر كان هناك احتفالًا رسميًا بعيد الفطر يحضره الباشا العثماني والي مصر في "جوسق" المعدلة بميدان الرملية- ميدان القلعة حاليًا-، وكانوا يفرشونه بأفخر الوسائد ويتقدم للتهنئة الأمراء وكبار البكوات والمماليك وكبار الضباط.

ويمر الخدم والجواري ليقدموا القهوة والكعك وحلوى العيد والشربات على الحضور، كما تشعل المباخر التي تفوح منها روائح المسك والبخور.

وفي هذا اليوم يخلع الباشا والي مصر على أرباب المناصب والأمراء ويأمر بالإفراج عن بعض المساجين ويسهر الناس فى ابتهاج وسرور وقد أعدوا الكعك والحلوى لتقديمها للأهل والزوار ويأخذ رب الأسرة زينة ويصطحب أولاده إلى المسجد لأداء صلاة العيد.

وعلى مدار أيام عيد الفطر الثلاثة كانت مدافع القلعة تطلق في أوقات الصلوات الخمسة احتفالًا بالعيد.

أما عن الفرح الشعبي فكالمعتاد كان يتزين الجميع وينزل رب الأسرة مع عائلته لأداء صلاة العيد في المساجد، وقد أعد كحك العيد وباقي الحلوي لتناولها وتقديمها للأقارب والزوار ثم يخرج المواطنون في بهجة للتنزه في شوارع مصر وربوعها.

مدينة لا تنام

ويصف المؤرخ العثماني "أوليا جلبي" مظاهر الاحتفال في الدولة العثمانية خاصة في مصر فيقول:

"لا ينام أحد من سكان القاهرة يوم "الوقفة" وتتحول المدينة إلى بحر من البشر في أيام العيد، فيخرج عشرات بل مئات الآلاف إلى الطرقات للاحتفال بأشكال مختلفة، ويفضل نساء المدينة "عقد النكاح" في العيد للخروج بسهولة ويسر مع أزواجهم للتنزه والفُرجة.

وخلال أيام العيد تشرب "السوبيا" التي تصنع من نقيع الأرز ـ وهذه السوبيا تصنع في مصر لهذه المناسبة قبل العيد بثلاثة أو أربعة أيام، وكثيرًا ما يوضع بداخلها القرفة والقرنفل، وهي شراب نافع جدًا لمن هم يشتكون من بعض الحموضة.. وهو خاص بمصر وحدها.

"وتستمر الاحتفالات بهذا العيد السعيد ثلاثة أيام وثلاثة ليال متواصلة، فهذه الأيام كأيام ليلة القدر في مصر، وتزدان ميادين مصر - كميدان الروملي، وميدان حي الإسطبل الأميري، وقره ميدان، وميدان مصر العتيقة، وبولاق وباب النصر وضواحيها، وضواحي حي عابدين، وغيرها من آلاف الميادين - بالمراجيح والدولايب الدوراة، وغيرها من اللعب الصبيانية والشبابية التي تضفي البهجة والفرحة على الجميع".

مصادر:

كتاب اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا – المقريزي.

كتاب الدولة الفاطمية في مصر - تفسير جديد - أيمن فؤاد سيد.

كتاب رحلة "حادي الأظعان النجدية إلى الديار المصرية" – محب الدين الحموي.

كتاب "سياحتنامه" – المؤرخ العثماني "أوليا جلبي".

فيديو قد يعجبك: