إعلان

صدق الإسلام ومعاملة التجار

08:01 م الخميس 25 أكتوبر 2018

صدق الإسلام ومعاملة التجار

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بقلم: محمود محمد صابر

عضو بمركز الأزهر العالمي للرصد والإفتاء

يظن بعض الناس أن الدين الإسلامي ما هو إلا بعض شعائر وعبادات إذا قام بها المسلم، فإنه بذلك قد خرج عن عهدة التكليف، فبناء على ظن منهم، أو سوء فَهْمٍ يرون الدين محصورا في العبادات والشعائر وحدها.

لكن الحقيقة على خلاف ذلك فالدين عبادات ومعاملات، والإسلام مظهر وجوهر.

ومما يبرز ويظهر ذلك : التعاليم التي شرعها الإسلام لضبط المعاملات بين البشر، فأمرنا بحسن التعامل على كل حال ، فَحُسْن المعاملة من الدين ومن كماله وتمامه، فقد قال النبي ـ "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

لذا فالواجب على التجار التحلي بأخلاق الإسلام في بيعهم وشرائهم، ومن أهم هذه الأخلاق الصدق في المعاملة.

ومن الصور الشائعة والمنتشرة بشدة بين البائعين: ما يعرف في الفقه الإسلامي "بالنجش" وهو : أن يزيد الشخص في السلعة لا ليشتريها ولكن ليخدع غيره فيها.

ترى أحدهم يقف بجوار البائع كأنه يشتري منه ، ويعرض عليه ثمنا مرتفعا للسلعة - بناء على اتفاق بينه وبين البائع- حتى يخدع باقي الناس في ثمن السلعة الحقيقي.

بل يزداد الأمر خطورة وانتشارا في المزايدات والمناقصات.

أحدهم يرفع في ثمن السلعة، ويعرض سعرا أعلى، لكنه لا يريد الشراء، هو ما أراد إلا رفع الثمن على غيره، بل ترى آخرا يتفق مع بعض من يشتركون في المزاد، أو المناقصة أن يتوقفوا عند حد معين من الثمن، أو أن يضيقوا على غيره حتى لا يفوز بالمزاد أو المناقصة؛ فأين الصدق في هذا الأمر.

فهذه الصور وتلك المعاملات حرمها الإسلام، ولم يرض عنها الشارع الحكيم.

وقد عالج الإسلام هذا الأمر؛ فقال النبي " البيعان بالخيار مالم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما" "رواه مسلم".

إن الغش والكذب بين التجار صار منتشرا بصورة كبيرة بين بعضهم مما قد يمثل ظاهرة عامة تحتاج إلى علاج ووقاية، وقد أرشدنا الإسلام إلى العلاج لهذا الأمر فأمر بالتسامح، وصدق وحسن المعاملة بين الناس بصفة عامة وبين التجار بصفة خاصة؛ فقد قال النبي "رحم الله رجلاً سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى" "صحيح البخاري".

فمن أراد أن يبيع أو يشتري شيئا فالواجب عليه أن يبين ويظهر ما فيه من عيوب

لا أن يخفيها ويدلس على المستهلكين، فإن ذلك من الغش والخداع في المعاملة، وهذا يتنافى مع تعاليم الشرع الحنيف.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني" "صحيح مسلم".

وإن التاجر في سلوكه وصدق وحسن معاملته لهو من أبلغ الرسائل عن سماحة الإسلام وطيب أخلاق المسلمين، حيث إن الإسلام قد انتشر في كثير من البلدان بأخلاق التجار وخاصة بلاد شرق آسيا، لم ينتشر بالسيف ، أو بالفتح والقتال والحروب، وإنما بالصدق والأخلاق من هؤلاء التجار.

وإنهم ما فعلو ذلك إلا امتثالا لأوامر الإسلام، واتباعا لهدي وسنة النبي محمد الذي قال "إن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا ائتمنوا لم يَخُونُوا، وإذا وعدوا لم يُخْلِفُوا، وإذا اشتروا لم يَذِمُّوا، وَإِذَا بَاعُوا لَمْ يُطْرُوا، وإذا كان عليهم لم يَمْطُلُوا، وإذا كان لهم لم يُعَسِّروا" "شعب الإيمان للبيهقي".

ولك أن تتخيل إذا نزع الصدق بين الناس في معاملتهم بعضهم البعض، فماذا بقي لهم في حياتهم؟ وكيف تكون بيئتهم ومعيشتهم؟.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان