إعلان

في حواره لـ مصراوي.. د. محمد الدويك يُجيب عن السؤال الشائك: هل أرسل الله أنبياء من النساء؟

06:28 م الأربعاء 17 أكتوبر 2018

د. محمد الدويك

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - بهاء حجازي:

في كتابه العزيز يخاطب الله عز وجل أولي الألباب وأصحاب العقول المتفكرين في خلقه والمتوصلين إليه من خلال التأمل، وهنا نقف لنتأمل في خلق الله وصنيعه، ونطرح سؤالاً يشغل بال الكثيرين ويتخذه الكثيرون من الملحدين ذريعة لإلحادهم وهو: "هل أرسل الله أنبياء من النساء؟ وإذا لم لم يكن فلماذا لم يرسل الله أنبياء من النساء؟ وهل المرأة أقل من الرجل عند الخالق سبحانه وتعالى؟.. كل هذه الأسئلة توجه بها مصراوي إلى الباحث في الشؤون الإسلامية الدكتور محمد الدويك، لعلَّ القارئ يجد إجابات شافية.. وإلى نص الحوار:

- هل تحدث القرآن عن نبوّة النساء؟

لم يتحدث القرآن عن نبوءة النساء بشكل صريح، وأنا ضد من يفسرون النص تفسيرا حرفيا، فالقرآن من رحمة الله بنا حمال أوجه.

الدويك: حديث (ما أفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة) يتم تفسيره بشكل خاطئ

- مَنْ من الأقدمين تطرق للمسألة؟ ومتى فُتح هذا النقاش لأول مرة وما الأسباب... ؟

ليس لدي حصر دقيق بأول من فتح هذه القضية، ولا أعرف من أول من فتح النقاش بها، ولكن أرى أنها قضية مهمة تصب في صميم الدين الذي يخاطب أولى الالباب.

- هل آية (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم) تنفي وجود نساء من الأنبياء، أم أن آية (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ۗ) .. تعني احتمالية وجود أنبياء من النساء؟

هذا يعتمد علي التفسير الحرفي للنص وأنا ضده لأنه يحمل تأويلاً ضيقاً للنص.. وهنا في الآية كلمة (رجال) لا تعني الرجل الذكر وإنما تعني الذكر والأنثى.. هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن آية (مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ) تعني احتمالية وجود أنبياء من النساء في ظروف مختلفة وأوقات مغايرة، ثم إن القرآن الكريم ذكر الحكم أكثر من مرة لم تصلح كلمة الحكم إلا في نص المولى عز وجل عن (بلقيس) ملكة سبأ لأنها أنقذت أهلها من الحرب وأصبحت شريكة لسليمان في الملك، لقد كانت ملكة سبأ من الفطنة بأن وصفت كتاب سليمان بأنه كريم وهي كافرة (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ. إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).

وحين أراد قومها الحرب، كانت الملكة أكثر فطنة منهم حيث دعتها رسالة سليمان للتفكير في الأمر أكثر من استفزازها للحرب.

- هل هذا الشأن ينتقص من المرأة ؟

بالعكس تماماً، لم يرسل الله أنبياء من النساء، وهذا هو الرأي الأقرب لعقلي، مراعاة للظرف التاريخي ليس إلا، وقال إنه حتي يومنا هذا بعد أكثر من 1400 سنة من بعثة النبي يوجد عائلات في الصعيد لا تورث النساء، ونفس الأمر في أوروبا التي لم تعط حقوقاً للنساء إلا في المائة عام الأخيرة حتى إنهم اجتمعوا لبحث سؤال: هل المرأة إنسان، مما يعني أن الظرف التاريخي لم يكن يسمح بنبية من النساء لأنه سيتم الطعن بها وبشرفها، كما أن شرط الاختلاء بها كنبية لنقل الرسالة لن يكون بمتاح مع الجهل المتفشي بها وقتها.

الإسلام عظّم المرأة وأعلى من شأنها ومن ينكر هذا جاحد ولا يقرأ التاريخ

- بعض العلماء قال إن السيدة مريم، وأم موسى نبيتان ونزل عليهما الوحى.. هل هذا صحيح؟ ومن هؤلاء بالطبع "الدكتور يحيى إسماعيل أمين عام جبهة علماء الأزهر، وأستاذ الحديث بجامعة الأزهر، والذي قال "إن هناك أنبياء سيدات، وبرهن على قوله بقوله تعالى «وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي»، وقوله تعالى «فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا»، فهذا دليل على أن أم موسى ومريم ابنة عمران من الأنبياء وليستا من الرسل، وقوله تعالى «وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا» ؟

هذا الطرح طرح جيد، ويمكن الرد عليه والأخذ به مع الاعتبار أنه اعتمد على التفسير الحرفي للنص، ولكن هذا إن كان له مدلول ومقنع فإنه يدل على عظمة المرأة ومكانتها، فالله تعالى لن يوحي إلا لكل عظيم لذا كان وحيه لمريم وأم موسى تعظيماً لهما.

- هل نزول دم الحائض.. وشرط الخلوة بالرجال للدعوة.. هو سبب منع النساء من النبوة كما يدعي البعض؟

أنا ضد هذا الطرح جملة وتفصيلاً فهذه أمور شكلية لا ينظر الخالق لها وإلا كان جماع الأنبياء لنسائهم نقيصة.. النبي بشر يوحى إليه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ) ولكن الفارق هنا في مشقة النبوة التي قد لا تتحملها النساء إلى جانب الظرف التاريخي الذي يحتقر النساء في فترة إرسال الرسل.. نيوزيلندة أول دولة تمنح المرأة حق التصويت والترشح في عام 1893.م، أي من 100 عام فقط، فكيف كان سيتقبّل الناس فكرة نبية من النساء من 1400 عام.

- يقول تعالي "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" هل التفضيل هنا يعود على أشياء مثل النبوة؟

هذه الآية من الآيات التي يتم تفسيرها بشكل خاطئ ومجتزئ مثله مثل من يقول: ولا تقربوا الصلاة.. وقوله تعالى بما فضل الله بعضهم على بعض يعني أن هناك بعضاً من النساء أفضل من بعض من الرجال.. إلى جانب فعل القوامة التي تعني وجود مهام إضافية تضاف إلى الرجل في قضاء الحوائج ليس إلا..

- هل قوله تعالى: " وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا" يتطرق إلى موضوع الحوار وهو لماذا لم يرسل الله أنبياء من النساء.

هذا الموضوع لا يخص قضية النبوة من بعيد ولا من قريب، وإنما هو مرتبط بفكرة تمني ما في يد المرء ليس إلا.

لو أرسل الله نبيّة لطعنوا في شرفها.. وهناك تشكيك في رواية "أبي بكرة"

- الشيخ محمد الصعيدى عضو أمانة الفتوى بالأزهر قال (إن هناك أحاديث تقول «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً»، وقال تعالى «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ»، ولا يجوز أن تكون النبوة لامرأة، لأنه أمر مخالف للشريعة)... هل مثل هذه الحجج صحيحة؟

حديث (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) له ظرف تاريخي، وظرف في روايته فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :

( لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ . قَالَ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ : لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً)، وهنا الرسول (ص) يقصد قيادة الجيش لأن قيادة الجيش تحتاج قدرة على حمل السلام وتحمّل مشاق الحرب في ظروف الجزيرة العربية والتي عادة ما تتم في الصحاري.

وأذكر أيضا أنه ورد في السير للإمام الذهبي- رحمه الله: قصة عمر بن الخطاب المشهورة في جلده أبا بكرة، ونافعاً، وشبل بن معبد، لشهادتهم على المغيرة بالزنا، ثم استتابهم فأبى أبو بكرة أن يتوب وتاب الآخران، وهذا ينفي صحة ما ينقله ثم إن الحديث لم يرو عن أحد غير أبي بكرة.

- هل عدم قدرة النساء علي تحمل مشاق النبوة هو الذي منع أن يكون هناك أنبياء منهن أم أن هذه الفكرة مردود عليها بأن الله لو اختار نبية من النساء لأعطاها القدرة علي التحمل، مثلما حدث مع امرأة فرعون التي تحملت العذاب؟

الامر له علاقة بقضية المشقة وقضية عدم تقبل المجتمعات للمرأة في وقتها ليس إلا .

فيديو قد يعجبك: