إعلان

الإمام الأكبر: عرش الرحمن زاد الماء هيبة وجلالاً

04:09 م الإثنين 15 أكتوبر 2018

أرشيفية

كتب - محمد قادوس:

وجه فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، اليوم الأحد، كلمة مسجلة إلى المؤتمر الرابع لوزراء المياه بمنظمة التعاون الإسلامي، الذي عقد اليوم الأحد في القاهرة، شدد خلالها على أنه ليس هناك موضوع بلغ من تأثيره وخطره على حياة الشعوب ما بلغ موضوع «المياه» في حياتنا المعاصرة، بعد ما نشبت أظفاره في كل مجالات السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية، وما خلفته من أزمات وصراعات تبعث الحروب بين الشعوب وتتربص بها هيمنة وإفقارًا وإذلالًا.

ومن الجانب الشرعي الذي جاء في نص كلمة شيخ الأزهر، قال فضيلته: نمتلك ثقافة دينية راقية، فيما يتعلق بالماء وحرمته وقدسيته، وأن هذه الثقافة أَمَدَّتْنا بها كتُبُنا المقدسة على مدى قرون غابرة، تَعلَّمْنا منها أن الماء أصل الحياة، وحفظنا من قرآننا الكريم قوله تعالى: {وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون} [الأنبياء: 30]، وقوله تعالى: {والله خلق كل دابة من ماء} [النور: 45]، وأن لفظ الماء تكرر في أكثر من ستين موضعًا في القرآن الكريم، وفي كثير منها يرتبط الماء بمفهوم الحياة على الأرض، وفي بعضها يرتبط الماء بالطهارة الشرعية التي هي شرط صحة العبادات: وضوءًا واغتسالًا، وأن النبي ﷺ كان يصف الماء علاجـًا لحـالات التوتر العصبي، وكان يقـول: «إذا غضبت فتوضأ».

وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى أن من جلال «الماء» وعظم شأنه أن القرآن عوَّل عليه كثيرًا في جدله مع الوثنيين، ودعوة المشركين إلى الإيمان بالله تعالى، واتخذ منه برهانًا يأتي في مقدمة البراهين الكبرى؛ للاستدلال على وجود الله تعالى: {أفرأيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون} [الواقعة: 68-69].

وتابع شيخ الأزهر: بل يرتفع الماء هيبة وجلالًا في ضوء ما يقوله الله تعالى في شأن عرشه، وأنه حين خلق العرش خلق الماء ليكون العرش عليه. {وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملًا} [هود: 7]. وفي صحيح الإمام البخاري قال: «جاء وفد من اليمن فقالوا للنبي ﷺ: جئناك لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر [أي: عن بداية الخلق]، فقال النبي ﷺ: كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والأرض».

وأوضح أنه لو ذهبنا نحصي الحِكَم والمقاصد الدينية والإنسانية التي تثيرها كلمة «الماء» في أكثر من ستين سياقًا من سياقات القرآن الكريم.. وفي أحاديث كثيرة من سنة النبي ﷺ، ويكفي أن نذكر منها مثالًا واحدًا يدلنا على تفرد عنصر الماء من بين سائر العناصر الطبيعية الأخرى، بحضوره القوي في قلب قسم العبادات، من كتب التفسير والحديث والفقه، وهو: باب الصلاة الذي يشتمل على صلاة الاستسقاء، وهي صلاة يستمطر بها الماء في أوقات القحط والجدب، ولها أحكام خاصة ومناسك معينة تتفرد بها عن باقي الصلوات.

ولفت شيخ الأزهر في كلمته النظر إلى أن شريعة الإسلام نهت عن الإسراف - بحسبانه رذيلةً من الرذائل - نهيًا عامًّا يشمل الإسراف في كل شيء، إلا أنها ركزت على مسألة «الترشيد في استخدام الماء» بشكل خاص، ووضعت لها ضوابط شرعية تدخل جزءً في أحكام الوضوء وأحكام الغسل، فأكد الشرع على تقليل استعمال الماء في الوضوء والغسل، و«بلا حد في التقليل»، كما ينص الفقهاء، ويقولون: إن المطلوب الشرعي في هذا الأمر هو: «أن يكون الماء المستعمل، الذي يجعله المتوضئ على العضو قليلًا، وليس بلازم أن يتقاطر عن العضو المغسول، بل يكفي مجرد ملامسة الماء للعضو». ولا يقال: إن هذا الحكم لا يردع المسرف في استعمال الماء في العبادات؛ لأننا نقول: إنه حكم مختص بتقليل الماء بلا حد، أما التجاوز بالكثرة فيردعه النهي العام عن الإسراف في استعمال الماء في العبادات، حتى لو كان المسلم يتوضأ على نهر من الأنهار.. وقد ورد أن النبي ﷺ مَرَّ بسـعدٍ وهو يتوضأ فقال: «ما هذا السَّرف يا ســعد؟ قال: أفي الوضـوء سـَرَف يا رسول الله؟ قال: نعـم، وإن كنت على نهــر جـار».

فيديو قد يعجبك: