إعلان

في ذكرى افتتاحه.. "الأزهر" أنشئ لنشر المذهب الشيعي فأصبح رمزًا للوسطية

02:17 م الجمعة 09 يونيو 2017

الجامع الأزهر

كتب ــ محمود مصطفى:

في الـ 7 من رمضان عام 361 هـ، افتتح الجامع الأزهر، وأُقيمت الصلاة فيه، عقب إتمام إنشائه في الفترة من (359 - 361 هـ) إلى (970 - 972 م). ويُعد الجامع الأزهر من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي.

أُنشئ الجامع الأزهر على يد جوهر الصقلي، بأمر من المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، ووضع الخليفة المعز لدين الله حجر أساس في 14 رمضان سنة 359 هـ - 970م، وأتم بناء المسجد في شهر رمضان سنة 361 هـ - 972م.

أغلق صلاح الدين الأيوبي والسلاطين الأيوبيون السُنيون الذي أتو من بعده، الجامع الأزهر لفترةٍ زمنية طويلة قِيل إنها 100 عام، لأنه تأسس باعتباره مؤسسة لنشر المذهب الإسماعيلي، وتم إزالة مكانته باعتباره مسجد شيعي، وحرمان الطلبة والمدرسين في مدرسة الجامع من الرواتب.

يُعد عصر السلطنة المملوكية، هو العصر الذهبي للأزهر، نظرًا لأنهم قاموا بالعديد من التوسعات والتجديدات التي طرأت على البنية التحتية للمسجد، كما أظهر الحكام في وقت لاحق من مصر بدرجات متفاوتة الكثير من الاهتمام والاحترام للمسجد، وقدمت على نطاق واسع مستويات متفاوتة من المساعدة المالية، على حد سواء إلى المدرسة وإلى صيانة المسجد.

في حكم المماليك، تم إعادة تأسيس الصلاة في الأزهر، بأمر من السلطان "بيبرس" في 1266، التي كانت قد حُرمت في عهد صلاح الدين، وأمر السلطان بيبرس وسلاطين المماليك، بعودة رواتب الطلاب والمعلمين، فضلاً عن بداية العمل لإصلاح مسجد الأزهر، الذي أهمل منذ ما يقرب من 100 سنة، وكتب تقي الدين المقريزي تقارير تفيد بأن الأمير أصلح الجدران والسقف، فضلًا عن توفير الحصير الجديد، وألقيت الخطبة الأولى منذ عهد الخليفة الفاطمي الحاكم، ووقع ذلك في 16 يناير 1266، وقد ألقيت الخطبة على منبر جديد تم الانتهاء منه قبل الخطبة بخمسة أيام.

عانى المماليك من خسائر – اقتصادية وعسكرية على حد سواء – في أعقاب انتصار العثمانيين، وهذا ينعكس في عدم وجود المساعدات المالية المقدمة إلى الأزهر في أول مئة عام من الحكم العثماني، وفي القرن الثامن عشر، استطاع نخبة من المماليك باستعادة الكثير من نفوذهم، وقاموا على وجه التحديد في تقديم تجديدات عديدة في جميع أنحاء القاهرة والأزهر.

وقام القازدوغلي بك المملوكي، بالعديد من الإضافات والتجديدات في وقت مبكر من القرن 18، وتحت إدارته، تمت إضافة رواق للطلاب المكفوفين في سنة 1735، وقام أيضًا بإعادة بناء أروقة تركية وسورية، وكلاهما قد بنيت في الأصل في عهد قايتباي.

استعادة مركزه

خلال الفترة العثمانية، استعاد الأزهر مركزه كمؤسسة يفضل التعلم بها في مصر، متجاوزة المدارس الدينية التي وضعها صلاح الدين الأيوبي، ووسع الأزهر بشكل كبير من طرف المماليك، وبنهاية القرن الثامن عشر، أصبح الأزهر مرتبط ارتباطًا وثيقا بعلماء مصر.

وقام نابليون بغزو مصر في يوليو 1798، ليصل إلى الإسكندرية يوم 2 يوليو والانتقال إلى القاهرة يوم 22 يوليو، وفي محاولة لاسترضاء السكان المصريين والإمبراطورية العثمانية، ألقى خطابًا في الإسكندرية والذي أعلن فيه عن مدى احترامه للإسلام والسلطان قائلًا: "سوف يقال لشعب مصر انني جئت لتدمير دينكم: لا أعتقد ذلك، وإجابتي على هذا لقد جئت لاستعادة حقوقكم ومعاقبة المغتصبين، وللمماليك، أنا أحترم الله ورسوله والقرآن ... أليس نحن الذين كنا على مر القرون أصدقاء للسلطان".

وأنشأ نابليون ديوان يتكون من تسعة شيوخ بالأزهر، مكلفين بإدارة القاهرة، وهي أول هيئة رسمية من المصريين منذ بداية الحكم العثماني، وهذه الممارسة لتشكيل مجالس وضعت بين أيدي علماء المدينة، وشكل أول مجلس في الإسكندرية، وشمل لاحقا جميع أنحاء مصر الخاضعة للإحتلال الفرنسي، وسعى نابليون أيضا للحصول على فتوى من أئمة الأزهر، التي من شأنها تنص بجواز الولاء لنابليون بموجب الشريعة الإسلامية، لكن بدون جدوى.

وباءت جهود نابليون الفاشلة للفوز على المصريين والعثمانيين، وأعلنت الإمبراطورية العثمانية الحرب في 9 سبتمبر 1798، وبدأت ثورة ضد القوات الفرنسية من الأزهر في 21 أكتوبر 1798، وقام المصريون المسلحين بالحجارة والرماح فقط، بأعمال بطولية ضد جيش نابليون الجرار.

وأمر نابليون بإطلاق النار على المدينة من قلعة القاهرة، وتهدف مباشرة إلى الأزهر، وخلال التمرد قتل إثنين إلى ثلاث مائة جندي فرنسي، مع إصابة 3000 مصري، وقتل ستة من علماء الأزهر، ودنست القوات الفرنسية المسجد عمدا، ومشوا فيه بأحذيتهم والبنادق المعروضة، وقامت القوات بربط خيولهم في المحراب ونهب أرباع الطلاب والمكتبات، ورموا نسخ من القرآن على الأرض، ثم حاول قادة الثورة للتفاوض على التسوية مع نابليون، وتم رفض طلبهم.

غلق المسجد

بعد اغتيال الجنرال الفرنسي "كليبر" بواسطة الطالب الأزهري سليمان الحلبي، أمر نابليون بغلق المسجد، وظلت أبوابه مغلقة حتى وصول المساعدات العثمانية والبريطانية في أغسطس 1801، وفقد المسجد الكثير من محتوياته بغزو نابليون.

وبعد انسحاب الفرنسيين، قام الوالي محمد علي بتعيين نفسه خديوي (أمير) على مصر، وسعى لتوطيد سيطرته على مصر الحديثة التي أسسها، ولتحقيق هذه الغاية فقد اتخذ عددا من الخطوات للحد، والقضاء في نهاية المطاف على قدرة علماء الأزهر للتأثير على الحكومة، وسعى محمد علي أيضا إلى الحد من نفوذ شيوخ الأزهر بتوزيع المناصب داخل الحكومة لأولئك الذين تلقوا تعليمهم خارج الأزهر. وبعث الطلاب إلى فرنسا تحديدا، ليكونوا تحت نظام تعليمي غربي، وقام بإنشاء نظام تعليمي يستند إلى هذا النموذج وموازي إليه، وهكذا تجاوز نظام الأزهر.

شهد عهد إسماعيل باشا عودة الرعاية الملكية السامية إلى الأزهر ونجح ابن توفيق، عباس الثاني خديوي مصر والسودان في عام 1892، بإعادة هيكلة الواجهة الرئيسية للمسجد وبنى الرواق الجديد واستمرت التجديدات التي كتبها جده إسماعيل. وتحت حكمه، تم إستعادة لجنة حفظ الآثار الفنية العربية ( شكلت في البداية تحت الاحتلال الفرنسي )، وأيضا استعاد الصحن الفاطمي الأصلي، وكانت هذه التجديدات اللازمة على حد سواء بمساعد تحديث الأزهر.

1077 عاما، ولا يزال الأزهر هو قلعة الوسطية ونشر سماحة الإسلام،ومؤخرا أصدر قرارا بتأسيس مركز الفكر الأشعرى بالجامع، ليكون منهلا لمنهج الأزهر والدارسين فى الجامع والجامعة، وهو المذهب الذى يسير عليه الأزهر فى مناهجه التعليمية والذى لا يعرف التكفير للغير أبدا إلا بجحود وإنكار ما أدخله فيه.

ويحتوي الجامع الأزهر على الأروقة المختلفة وينظم دورات ولقاءات يومية لكل الطلاب من الشباب والرجال والنساء وكبار السن، ويحاضر فيه كوكبة من علماء الأزهر وأساتذة الجامعة.

يتكون الجامع الأزهر، من صحن مكشوف تطل عليه 3 أروقة، أكبرها رواق القبلة، وكانت مساحته وقت الإنشاء نصف مساحته الحالية، وعلى مر السنين أضيف له مجموعة من الأروقة ومدارس ومحاريب ومآذن غيرت معالمه وشكله الأصلي.

وبدأت عمليات ترميم وتجديد الجامع الأزهر والمنطقة المحيطة به عام 2018، وتستغرق عملية الترميم 18 شهرا، بتكلفة 30 مليون جنيه، بمنحة من الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز، وتولت شركة بن لادن السعودية عملية الترميم.

ويحتفل الجامع الأزهر، اليوم الجامعة بذكرى افتتاحه بإقامة بعض الفعاليات عقب صلاة الجمعة، تتضمن أنشطة للتعريف بدوره ومسابقات وجولات سياحية.

فيديو قد يعجبك: