إعلان

الكسل والتكاسل

الدكتور محمد المهدي

الكسل والتكاسل

07:12 م الأحد 15 مارس 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


بقلم - د: محمد المهدي

يشكو كثير من الناس من الكسل والتكاسل عن فعل أشياء منوطة بهم، ويؤجلونها يوما بعد يوم وتتراكم عليهم الواجبات والمسئوليات فيزدادون عزوفا عن القيام بالعمل وربما يتعللون بأي شئ ليبرروا عدم قيامهم بواجباتهم . لذا سنحاول باختصار شديد رؤية أسباب الكسل والتكاسل لعلنا نعالجها في أنفسنا فنبرأ من هذه الآفة.
بداية يجب أن نستبعد إصابتنا بأمراض عضوية تؤثر في قدرتنا على العمل مثل فقر الدم أو نقص بعض الفيتامينات أو الأملاح المعدنية الهامة أو الإصابة بأي مرض عضوي، وهذا يجعلنا في حالة خمول وهمدان وضعف في التركيز وشعور بالإرهاق والتعب، وهنا يكون علاج المرض بعد تشخيصه طبيا ومعمليا هو الحل.

وقد يكون الكسل ناتجا عن أننا تورطنا في دراسة لا نرغبها أو في عمل لا يناسبنا ولم نختره، وهنا تفتر الهمة والعزيمة، ويكون لدى الإنسان مقاومة داخلية لهذا النشاط الذي فرض عليه وهو لا يرغبه. وأحيانا يكون الكسل والتكاسل طبيعة في الشخص، وهذا نجده في نمط الشخصية السلبية الاعتمادية والتي لا تتحمل المسئولية بل ترميها دائما على الآخرين. وقد نرى الكسل والتكاسل لدى الشباب الذين يقضون أوقاتا طويلة على الوسائط الإلكترونية كالتليفون المحمول أو الكومبيوتر، ويسهرون طويلا يتصفحون مواقع الإنترنت فيستنزفون طاقتهم الجسدية والذهنية، وبالتالي يشعرون بالإرهاق والتعب عند بداية أي عمل أو نشاط مفيد . وقد يكون الكسل والتكاسل عرضا من أعراض الاكتئاب، حيث تكون هناك حالة من فقد الرغبة في الأشياء مع ضعف الاهتمام وقلة التركيز واعتلال المزاج واضطرابات النوم واضطرابات الشهية للطعام والتفكير السوداوي العدمي, والرغبة في الموت والعزوف عن الحياة . وإذا كان الكسل والخمول نتيجة لحالة مرضية عضوية أو نفسية فإن ذلك يستوجب معالجة متخصصة لتلك الحالة المرضية من خلال استخدام العلاج الدوائي أو النفسي . وقد نرى الكسل لدى الأشخاص الذين يفتقدون الهدف والمعنى في حياتهم فلا يجدون شيئا يحفزهم لبذل الجهد، إذ تستوي عندهم كل الأشياء ولا يجدون معنى أو هدفا يشحذ همتهم ويوقظ عزيمتهم فيعيشون حالة من الوهن الجسدي والنفسي والروحي . وفي بعض الحالات يكون الكسل سلوكا متعلما في الأسرة حيث تربى الشخص على الخلود للراحة وحالة اللامبالاة بالوقت وعدم احترام العمل وضعف الهمة، وقد يصاحب ذلك الإقبال الشديد على الطعام لدرجة التخمة التي تؤثر على يقظة العقل وتطفئ نشاط الجسد. وفي حالات أخرى يكون الكسل ناتجا عن كثرة الفراغ والحياة بدون عمل لفترات طويلة مما يدفع النفس لألفة الراحة والدعة والكسل.

والإسلام إذ يحض على العمل ينتشلنا من مستنقع الكسل، يقول تعالى : "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" , ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((والذي نفسي بيده، لأن يأخذ أحدكم حبله فيَحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه)) , ويقول : "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف , وفي كل خير , احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز " , ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهمَّ ارزقني؛ فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة " .

ومن الفضائل الاعتدال في الطعام والشراب فقد يكون السبب المباشر في الكسل أو عدم الحركة الإيجابية هو كثرة الطعام والشراب، الذي هو أيضًا الأساس في الكثير من الأمراض ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يُقِمْن صلبَه، فإن كان لا بدَّ فثلثٌ لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه".

إعلان

إعلان

إعلان