إعلان

بعد رقص "الطريقة المسلمية".. كيف نشأت الصوفية في مصر وأبرز أعلامها؟

08:01 م الأحد 24 يونيو 2018

بعد رقص "الطريقة المسلمية".. كيف نشأت الصوفية في م

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – هاني ضوه :

بعد انتشار وتداول مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر أنصار ومريدي إحدى الطرق الصوفية وهم يرقصون في أحد المساجد التابعة للطرق الصوفية، وصدور قرار من رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، برئاسة الشيخ عبدالهدي القصبي بإيقاف نائب الطريقة المسلمية بقرية طناح بمحافظة الدقهلية، محل الواقعة، عن ممارسة أي نشاط صوفي داخل الجمهورية وإحالته للتحقيق عما صدر منه من ارتكاب أفعال مخالفة للشرع والقانون، يرصد مصراوي في التقرير التالي نشأة الطرق الصوفية ومعنى الصوفية وأبرز أعلامها:

يعود ظهور الطرق الصوفية في صورتها الأولى إلى القرنين الثالث والرابع من الهجرة، وأصبحت كلمة "طريقة" في هذين القرنين تشير إلى مجموعة الآداب والأخلاق التي تتمسك بها طائفة الصوفية، وأوائل الصوفية كانوا يستخدمون إلى جانب اصطلاحي الطريق والطريقة اصطلاح السلوك، أي السير في الطريق، وهذه الاصطلاحات كلها تعبر عندهم عن الجانب السلوكي الأخلاقي من التصوف الذي يتمثل في تصور الطريق إلى الله مكونًا من عدة مراحل هي: المقامات والأحوال، فالمقامات كالتوبة والصبر والرضا واليقين والمحبة والتوكل، والأحوال كالقبض والبسط والفناء والهيبة، وهذه كلها فضائل وأحوال نفسية وأخلاقية تأتي ثمرة مجاهدة النفس، يترقى فيها السالك للطريق حتى يصل إلى مقام التوحيد أو المعرفة بالله وهو آخر مقامات الطريق.

وللتصوف في مصر مكانة كبيرة منذ نشأته فقد كانت مصر مقصدًا للكثير من أئمة وشيوخ التصوف عبر التاريخ، ونشهد ذلك في التنوع الكبير في الطرق والمشارب الصوفية الموجودة في مصر والتي تطورت بشكل كبير عبر العصور المختلفة.

وذكرت دراسة أعدها "مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" تحت عنوان " خريطة الطرق الصوفية وتطوراتها في مصر" فإن للطرق الصوفية في مصر لها مدارس وفرق تأخذ منها مرجعيتها، ومما يميز التصوف المصري أنه يعد أفضل أنواع التصوف المعتدل، ويستمد أصوله من الكتاب والسنة لأن الحياة الروحية تتماشى مع الطبيعة المصرية الهادئة المستقرة.

ويعتبر العصر النبوي هو المرجع الأساسي، وبالتالي كل طريقة صوفية تربط أورادها بسند رجال يعيدها إلى أحد الصحابة الكرام أو إلى الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- بذاته.

وبصفة عامة، -بحسب الدراسة- وتتفرع جميع الطرق الصوفية في مصر من أربعة مدارس أو طرق رئيسية، هي: الطريقة الرفاعية، التي أسسها الإمام أحمد الرفاعي، وكان تعدادها حين توفي 100.000 مريد، وما يقرب من 64 حزبًا ووردًا ودعاء في مكتبته. والطريقة البدوية نسبة إلى مؤسسها السيد أحمد البدوي في مدينة طنطا. والطريقة الشاذلية، التي أقام صرحها أبوالحسن الشاذلي الحسيني بن عبد الله، وتعد هذه المدرسة من أكبر المدارس الصوفية في مصر، وقد لعبت دورًا مهمًا في حياة المصريين الروحية وعنها نقلت كل المدارس الصوفية الأخرى كل المبادئ والقيم والمناهج الصوفية. أما المدرسة الرئيسية الرابعة، فهي القنائية، والتي أنشأها عبد الرحيم القنائي بمحافظة قنا، وقد اهتمت هذه المدرسة بدراسة ماهية الفرق بين الروح والنفس وضرورة الفصل فيها.

وعن دور المتصوفة في تاريخ مصر الحديث" صدر كتاب عن دار الكتب والوثائق القومية في القاهرة، ذكر فيها المؤلف جذور الطرق الصوفية في مصر وتراكيبها وطبقاتها ومراتبها ونُظُم العلاقات فيها وفنونها، ولوائح العمل الخاصة بها.

وذكر الكتاب أن التصوف قد توغل بشكل كبير في المجتمع المصري إبان العصر العثماني في شكل لم يسبق له مثيل لأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية مذهبية متباينة، لكن تلك الأسباب نفسها أحدثت تنوعاً واختلافاً كبيرين بين فئات المتصوفة، فكان منهم الغني والفقير، العالم والجاهل، الرفيع والوضيع، وترك هذا التنوع آثاراً سلبية كثيرة على تاريخ مصر آنذاك، وما زال بعضها مستمراً حتى الآن لبقاء الكثير من الأسباب، سواء أدركنا ذلك وفهمناه وأوليناه الاهتمام، أو لم ندركه وجهلناه أو تجاهلناه.

وبدأ التصوف في مصر بشكل مبكر عبر قدوم كبار أئمة التصوف الإسلامي إلى مصر فضلًا عن الزهاد المتقشفين، على مر العصور، فمنذ النصف الثاني من القرن الهجري، اتصف الصوفية بالصلاح والزهد.

ومع العصر العثماني حدث الانتشار غير المسبوق للتصوف في مدن وقرى ونجوع مصر وبين كل الفئات والطبقات، ليشهد البلد تفرقة بين المتصوفة أنفسهم: متصوفة السجاجيد، متصوفة الطرق، متصوفة المؤسسات (البيوت الصوفية)، إضافة إلى المتصوفة من الدراويش والفلاحين وأرباب الحرف والعامة ممن لم ينتموا إلى طريقة أو مؤسسة صوفية بعينها.

وقد لعبت الصوفية في مصر دورًا كبيرًا في الحياة التعليمية والفكرية ، فذكر الكتاب المتصوفة كان لهم دور من شقين الأول كان إيجابياً والآخر سلبياً في الوقت نفسه استمر الصراع بين الفقهاء (علماء الشرع) وبين المتصوفة (علماء الحقيقة) واستطاع الصوفية/ المتصوفة في القرن السادس عشر وبعده أن يحققوا انتصارات على الفقهاء ما أدى إلى نوع من الاندماج بين الفقهاء والمتصوفة، وظهر الفقيه المتصوف والمتصوف الفقيه، وكانت عبارة «شيخ الطريقة والحقيقة» انعكاساً لهذا الاندماج الذي ساعد على إحداث تغييرات هائلة في موقف المتصوفة من العلوم الدينية والدنيوية. ومن هنا ومع القرن السابع عشر، أقبل المتصوفة على دراسة علوم عصرهم، حتى إذا ما جاء القرن الثامن عشر وجدنا منهم من يدرس الرياضيات والفلك والمنطق والحساب والفقه والحديث واللغة والتاريخ، وظهرت أسماء لامعة منهم مثل: الجبرتي والعيدروسي والزبيدي والحنفي والشرقاوي، بيد أن القاسم المشترك في مواقفهم من دراسة العلوم في القرون الثلاثة كان الاهتمام بدراسة التصوف والتصنيف فيه، فلم يصبه الإهمال في أية فترة من الفترات رغم التغير في المواقف من العلوم.

وقد اشتُهر بالتصوف في مصر كثيرٌ من أئمة الإسلام، وأعيان العلماء، والسَّلاطين، والملوك، والوزراء، والأمراء: فعُرِف من الصُّوفية من أهل العلم والفضل شيوخُ الإسلام : العزُّ بن عبد السَّلام (ت 600هـ)، وابن دقيق العيد (ت 702هـ) وبدر الدِّين بن جَماعة (ت 733هـ)، وزكريا الأنصاري (ت 926هـ)، وابن حجر الهيتمي (ت 973هـ)، وغيرهم. ومن الأئمة : بهاء الدِّين بن شدَّاد (ت 632هـ)، شيخُ صلاح الدِّين الأيوبي الذي جعل داره خانقاة للصُّوفية من بعده، وابن الصَّلاح (ت 643هـ)، وابن الحاجب (ت 646هـ)، والحافظ المنذري (ت 656هـ)، والفيروزابادي (ت 817هـ)، صاحب القاموس المحيط، وغيرهم.

ومن مشايخ الأزهر الشريف: الشَّيخ الحِفْني الخلْوتي (ت 1181هـ)، والشيخ عبد اللَّه الشَّرقاوي (ت 1227هـ)، والشيخ الباجوري (ت 1276هـ)، والشيخ مصطفى العروسي (ت 1293هـ)، والشيخ المهدي العباسي (ت 1315هـ)، وغيرهم. ومن الملوك والسلاطين : النَّاصر صلاح الدِّين (ت 589هـ)، والظَّاهر بيبرس (ت 676هـ)، والظَّاهر برقوق (ت 801هـ)، والأشرف قايتباي (ت 901هـ)، وغيرهم.

مصادر:

" خريطة الطرق الصوفية وتطوراتها في مصر" – دراسة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.

كتاب " دور المتصوفة في تاريخ مصر الحديث" - دار الكتب والوثائق القومية في القاهرة.

فيديو قد يعجبك: