إعلان

من هي المرأة التي أشترت الأخرة بالدنيا؟

04:30 م الإثنين 04 ديسمبر 2017

من هي المرأة التي اشترت الأخرة بالدنيا

كتب - محمد قادوس:

آسيا بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد كانت على قدر كبيرٍ من الجمال والنسب، حيث تمناها الكثير زوجةً إلا أن قدر الله شاء أن تكون زوجة فرعون مصر وملكها، فكانت حياتها بمثابة امتحان نجحت فيه وأصبحت إحدى سيدات الجنة الأربع، فقد ضرب الله بها مثلاً للمرأة الصالحة الصابرة المرابطة على الحق والدين رغم المساومات والإغراءات من حولها وفساد البيئة، فهي زوجة ملك مصر زوجة فرعون ملك القوة والجبروت، إذ لم تغتر بكونها ملكة وزوجة فرعون، ولم يصرفها كل ذلك عن الإيمان بالله تعالى وحده فآمنت بالله تعالى وتبرأت من فرعون وأعماله وآمنت برسالة موسى -عليه السلام-، ولقد ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.. [التحريم : 11].

كانت آسيا بنت مزاحم تعيش في أعظم قصور زمانها، يخدمها المئات من الجواري والعبيد، زوجها فرعون طغى وتجبر، ونصب نفسه إلهاً على شعبه، وأمر عبيده بأن يعبدوه ويقدسوه هو وحده ولا أحد سواه، وأن ينادوه بفرعون الإله، وهي تلقت النبي موسى من اليم، وأقنعت فرعون بالاحتفاظ به، وتربيته كابن لهما، في البداية لم يقتنع بكلامها، ولكن إصرار آسيا جعله يوافقها الرأي وعاش موسى عليه السلام معهما وأحبته حب الأم لولدها.

قصة آسية مع موسى

ويروي ابن كثير قصة آسيا مع موسى عليه السلام، فيقول: «ذكر المفسرون أن الجواري التقطنه -أي سيدنا موسى -من البحر في تابوت مغلق عليه، فلم يتجاسرن على فتحه، حتى وضعنه بين يدي امرأة فرعون آسيا بنت مزاحم، فلما فتحت الباب وكشفت الحجاب، رأت وجهه يتلألأ بتلك الأنوار النبوية، فلما رأته ووقع نظرها عليه، أحبته حباً شديداً جداً، فلما جاء فرعون قال، ما هذا وأمر بذبحه، فاستوهبته منه ودفعت عنه: {وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ}.. [القصص : 9].

وعندما دعا موسى عليه السلام إلى توحيد الله تعالى آمنت به وصدقته، ولكنها في البداية أخفت ذلك خشية فرعون وما لبثت حتى أشهرت إيمانها بدين موسى عليه السلام، وجن جنون فرعون لسماعه هذا الأمر المروع بالنسبة له، وحاول عبثاً ردها عن إسلامها وأن تعود كما كانت في السابق.

تحدي فرعون

ويروى أن فرعون قتل الماشطة التي كانت تمشط ابنتها بعد أن قالت له متحدية، ربي وربك الله.

ونتيجة لذلك التحدي قذفها في النار هي وأولادها، فلم ترض زوجته آسيا لأنها أختها في الله والأخوة في الله، تنعدم فيها الطبقية بين الحرة والأمة وبين الرئيس والمرؤوس، فأرادت أن تنتصر لأختها في الله فقالت لزوجها فرعون عندما أخبرها عن أمر الماشطة: الويل لك ما أجرأك على الله. فقال لها: «لعلك اعتراك الجنون الذي اعترى الماشطة». فقالت: ما بي من جنون ولكني آمنت بالله تعالى رب العالمين، وبعد ذلك دعا فرعون أمها وقال لها، إن ابنتك قد أصابها ما أصاب الماشطة، فأقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن بإله موسى، فخلت بها أمها وأرادتها أن توافق فرعون، ولكنها أبت، وقالت، أما أن أكفر بالله فلا والله.

وعندما رأى فرعون تمسكها بدينها وإيمانها خرج على الملأ من قومه فقال لهم، ما تعلمون من آسيا بنت مزاحم فأثنى عليها القوم، فقال إنها تعبد رباً غيري فقالوا اقتلها، ثم نادى فرعون زبانيته وأوتدوا لها أوتاداً وشدوا يديها ورجليها ووضعوها في الحر اللاهب تحت أشعة الشمس المحرقة ووضعوا على ظهرها صخرة.

أفضل نساء الجنة

وقال علماء عند تفسيرهم لقول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}، لقد اختارت آسيا الجار قبل الدار، واستحقت أيضاً أن يضعها الرسول صلى الله عليه وسلم مع النساء اللاتي كملن، فعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم خط خطوطا أربعة في الأرض. وقال أتدرون ما هذا قلنا: الله ورسوله أعلم فقال صلى الله عليه وآلة وسلم: أفضل نساء الجنة أربع خديجة بنت خويلد وفاطمة الزهراء، ومريم بنت عمران، وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون.

فيديو قد يعجبك: