إعلان

الشيخ "محمد زكي إبراهيم".. رائد الإصلاح والتجديد ومؤسس العشيرة المحمدية

03:06 م الجمعة 26 فبراير 2016

بقلم – الشيخ أشرف الأزهري:

كلما ذُكر هذا الاسم اسم الإمام أبي البركات محمد زكي الدين إبراهيم الخليل كلما ذُكر الإصلاح والتجديد والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة وحكمة، ذلك أنَّ الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم واحد من أبرز العلماء الذين اهتموا بجانب نشر العلم والدعوة إلى الله تعالى وتجديد مسيرة التصوف الإسلامي الراشد بتنقيته مما شابه من بعض الأمور التي حادت به عن جادة الصواب، فمن هو الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم وما هي معالم مسيرته ..

هو الشيخ الإمام الفقيه المحدث الشاعر المجاهد بقية الأسلاف الصالحين محمد زكي الدين أبو البركات والده هو العالمُ الأزهري الصُّوفي الشيخ إبراهيم الخليل بن علي الشَّاذلي وجدُّه لأمه هو الشيخ محمود أبو عليان أحد الشيوخ الطريق المجددين، وينتهي نسبُ الإمام محمد زكي الدين إبراهيم إلى الإمامين الحسن والحسين رضي الله عنهما إلى سيدنا الإمام علي بن أبي طالب والسيدة البتول فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو شريف حسني حسيني أبا وأما.

ولد رحمه الله تعالى في أغسطس عام 1906م بالقاهرة بحي بولاق أبو العلا ونشأ في بيئة علمية صوفية مجاهدة مما أثر في تكوينه النفسي والعلمي والرُّوحي ، تعلم الشيخ على يد والده العالم الجليل المجاهد الشيخ إبراهيم الخليل الشاذلي مباديء العُلوم وحفظ القرآن الكريم على يد عدد من شيوخ التلاوة والإقراء وهو في العاشرة من عُمره، ثم التحق في بداية أمره بالتعليم الابتدائي والإعدادي العام ثم التحق بالأزهر الشريف في المرحلة الثانوية، ولم يقنع الشيخ رحمه الله تعالى وهو لا زال في ميعة الصبا ومقتبل الشباب بالقدر الذي حصله من المعارف والعلوم التي نالها من خلال دراسته الرسمية، كان طموحا مجتهدا مجدًّا، كان يرى أن العالم في هذا العصر الذي تعقدت قضاياه وتطورت أموره ومعارفه لابد أن يواكب عصره ويلم بثقافات الأمم المتعددة، ففي هذه المرحلة ومراحل أُخر من حياته نال الشيخ قسطًا وافرًا من ثقافة وعلوم عصره، فتعلم الإنجليزية في المرحلة الابتدائية على يد الأستاذ داود سليمان من أعيان أسيوط، وتعلم الألمانية على يد الأستاذ راغب والي وكان مدرسًا بالمدرسة الألمانية بالقاهرة، وقد مكنت هذه الثقافة العالية من خوض غمار الترجمة فترجم الشيخ إلى العربية بعض قصائد الشاعر الألماني هايني رش هايني، وتعلم الفارسية على يد الشيخ محمد الأعظمي، وترجم عددًا من قصائد الشاعر الصُّوفي محمد إقبال إلى العربية وقد نشرت بمجلة أبولو. 

ترقى الشيخ في مراحل التعليم الأزهري المختلفة حتى نال شهادة العالمية القديمة قبل إنشاء الكليات المعروفة الآن بنظام الماجستير والدكتوراة، ويروي لنا الشيخ كيف كان طالب الأزهر القديم يتقدم إلى هذا الامتحان المشهود المهيب الذي ينال باجتيازه درجة العالمية، يقول الشيخ رحمه الله تعالى: كنا يوم الامتحان نصلي (الطالب واللجنة) الفجر في مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه ونحضر درس الشيخ السمالوطي بعد صلاة الفجر، وكان درسًا مهيبًا يحضره كبار العلماء من تلامذة الشيخ، ثم ننتقل إلى صلاة الضُّحى في الأزهر الشريف، وتذهب اللجان إلى الرُّواق العباسي في عدة غرف في كل غرفة لجنة ومعه أوراقه وكتبه التي تم تعيين الامتحان له فيها، وكان رئيس اللجنة الشيخ عبد المجيد اللبان رحمه الله تعالى وظللت أمام اللجنة ممتحنًا حتى صلاة العصر، وعند ذلك ختم الامتحان بالصلاة الشافعية (اللهم صل أفضل صلاتك على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمد ....إلخ) وكان الختم بهذه الصيغة إيذانا بنجاح الطلب وحصوله على درجة العالمية الأزهرية. 

ويهذا لتكوين العلمي الفذِّ جمع الشيخ بين الثقافة المدنية المعاصرة وبين العلم الأزهري الأصيل فكان نموذجًا مبكرًا للمزج بين الأصالة والمعاصرة، وقد كان البعض يتهم الشيخ بأنه مجرد عالم أزهري صوفي معمم مقفطن لا يعيش ثقافة عصره ولا يدري شيئًا عن التطور الساري من حوله، فرد عليه الشيخ بقوله : كتب إلي كاتب يعنفني بأنني أحبس نفسي في قمقم التصوف وأتقوقع في قوقعة الدين المتأخر، وأعيشُ متخلفًا في عصور الجمود الماضية، بينما نحن في عصر تقدمي متحضر لم تعرفه دنيانا من قبل...إلخ والذي أحبُّ أن يعرفه هذا الأخ وأمثاله، أنني وأنا رجلٌ معممٌ مقفطنٌ لا أزال أثقفُ نفسي وأزودها بكُلِّ ثقافة من المشرق أو المغرب باحثًا عن الحكمة، جاريًا وراء الحقيقة كلما أذنت لي صحتي وأوقاتي وقدرتي، فكما أقرأ تاريخ الإسلام والفلسفة وتدرج المذاهب ونشوء الفرق والنحل، وأتابع الصُّوفية والسَّلفية وتطور تاريخ المسلمين، وأتابع أدباء العرب وقصاصيه وناقديه ومهرجيه ومفسديه- كذلك أدرس ملامح الفن القوطي وتدرجه إلى الريسانس إلى الكلاسيكية القديمة فالجديدة إلى الرومانتيكية إلى التأثرية إلى الواقعية إلى الرمزية إلى الالتزامية إلى التجريدية حتى بيكاسو في التصوير وأندريه في الأدب واسترافنسكي في الموسيقى، وأنا اقرأ لشكسبير وبوب وشيلي وبيكون .......وأفرق بين لوحات جينسبور ورينو لدرز ...إلى كل ما يتعلق بفن المسرح والسينما، فلست بمقمقم ولا مقوقع ولا جامد ولا متخلف بحمد الله تعالى، إني أعيش في عصري مندمجًا فيه ثقافة ودعوة ومعاشًا غريب عنه أخلاقًا وعبادةً واتجاهًا، ولكن على قدر مقدور لابدَّ منه للدعاة إلى الله تعالى. 

تقلد الشيخ العديد من المناصب منها:

1- عضو اللجنة العليا لمؤتمر القرآن الكريم برياسة السيد حسين الشافعي.

2- الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى لجمعيات الشبان المسلمين العالمية.

3- عضو لجنة «الفكر والثقافة الدينية» باللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي.

4- عضو المكتب الديني بالأمانة العامة بمحافظة القاهرة.

5- عضو المكتب الأُسري بالشئون الاجتماعية.

6 - الرائد الديني العام لجمعيات الشبان المسلمين.

7- عضو مجلس إدارة جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة.

8- أستاذ التصوف الإسلامي بمعهد تدريب الأئمة والوعاظ.

9- أستاذ القسم الشعبي بمعهد الدراسات الإسلامية العليا بالدقي.

10- أستاذ زائر ومنتدب في بعض الكليات الجامعية والمعاهد العليا.

11- محاضر بالإذاعة والتليفزيون ووزارة الثقافة وبعض الهيئات الأخرى.

12- هذا بالإضافة إلى كونه شيخًا للطريقة المحمدية الشاذلية السلفية.

13- وتوليه رئاسة المجلس الإداري لجمعية العشيرة المحمدية.

14- وتوليه رئاسة تحرير مجلة المسلم.

كما كان فضيلته:

15- عضوًا باللجنة العليا للدعوة بالأزهر.

16- عضوًا تأسيسيًّا بالمجلس الإسلامي الأعلى.

- جهوده في الصحف والمجلات:

(أ) اشتغل الشيخ -رحمه الله- بالكتابة في الصحف والمجلات الإسلامية منذ أواخر العشرينات، فكتب في صحف عديدة منها: الأزهر، منبر الإسلام، اللواء الإسلامي، عقيدتي، الأخبار، الأهرام، الجمهورية. كذلك كتب في الإسلام، لواء الإسلام، الرسالة الإسلامية، التصوف الإسلامي، جريدة ، السياسة الأسبوعية، النهضة الفكرية، الفجر، أبولو، اتحاد التعليم الإلزامي... وغيرها.

وهي كتابات تبدو في بعضها أنها كانت بصفة دورية ومنتظمة، وقد تناول الشيخ فيها مواضيع عدة، تنوعت ما بين شعر، وأدب، واجتماعيات، وتراجم، هذا بالإضافة إلى باكورة مقالات له في دعوة الإصلاح الروحي، لاقت رواجًا واستحسانًا كبيرًا في تلك الفترة المبكرة من حياته، فكان أن برز كداعية ومصلح روحي متميز منذ تلك الآونة. 

(ب) كما اشتغل في الخمسينيات، وبالتحديد -كما يقول عن نفسه- في أكتوبر عام 1950م بتحرير وإدارة مجلة «الخلاصة» لصاحبها الأستاذ سيد مصطفى الأمين العام لرابطة الإصلاح الاجتماعي، الذي وضع مجلته تحت تصرف العشيرة، فكانت لسان حالها، فحرر الشيخ فيها ثلاثة أعداد في أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر عام 1950م، ثم قدر الله -كما يروي الشيخ- أن ينزوي هذا الاسم من عالم الصحافة، فتفضل الأستاذ عبد العليم المهدي بتقديم مجلته «العمل» لخدمة العشيرة أيضًا، وأصدر الشيخ منها أربعة أعداد في يناير، فبراير، مارس، إبريل عام (1951م)، ثم أخذ الشيخ تصريح الحكومة بتأسيس مجلة المسلم، فصدر أول عدد منها في مايو 1951م، بعد مجهود عملي ومالي استمر قرابة العام.

(ج) كما كان له العديد من المناظرات والردود على صفحات الجرائد والمجلات مع بعض معاصريه من الشيوخ والعلماء، ممن اختلف معهم في الرأي، كالشيخ عبد الرحمن الوكيل، والشيخ علي الطنطاوي، والدكتور سعاد جلال، والدكتور سيد رزق الطويل... وآخرين، ولعل أشهرهذه المناظرات ما كان بينه وبين الداعية الشيخ محمد الغزالي حول مدى صحة وشرعية ما يطلق عليه الصوفيةُ مراتبَ أهلِ الغيب، وهي مناظرات استمرت أكثر من ستة أشهر على صفحات المسلم، لواء الإسلام، الأخبار، الشبان المسلمين، وقد شارك فيها كثير من الكُتَّاب والصحفيين كالشيخ محمد خليل الهراس والصحفي أحمد موسى سالم وغيرهما .

وقد أثنى على الإمام محمد زكي الدين إبراهيم عدد من علما عصر على رأسهم الإمام عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الشريف، فكتب عنه في كتابه المدرسة الشاذلية، ونشر له خطابا في كتابه أبي مدين الغوث ونشر له في نفس الكتب شرحا لقصيدة أبي مدين، وكان الشيخ عبد الحليم محمود يصف الشيخ بالعارف بالله تعالى، وكان بينهما مودة ومحبة على درجة عالية من الصفاء والنقاء الصوفي والأخوة في الله والمصاحبة في مسيرة جهاد طويلة في العلم والدعوة إلى الله تعالى.

وممن أثنى على الشيخ أيضا الشيخ الحسيني أبو هاشم في كتابه المحدثون في مصر، والشيخ عبد الله بن الصديق الغماري الأزهري القروي في كتابه سبيل التوفيق، والشيخ أحمد حسن الباقوري والشيخ محمد الغزالي والدكتور محمد عبد المنهم خفاجي ، والعارف بالله تعالى الشيخ أحمد الرضوان.

وبالنسبة لمسيرة الشيخ العلمية والعملية والدعوية، فهي مسيرة مليئة بالأحداث الجسام التي ينبغي لكل داعية إلى الله تعالى الوقوف عنده والاستفادة منها فهي مسيرة عطاء وتجديد وإصلاح شملت مناح عديدة من حياتنا الدينية والاجتماعية.

يقول الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي : وحياة الشيخ الإمام مليئة بالفوائد للمستفيد وقدوة للمقتدي والسائر على المنهاج والطريق، فقد انتقل إلى جوار ربه بعد حياة حافلة بالعلم والفضل والدعوة إلى الله تعالى على هدى وبصيرة، فقد التحق الشيخ بالأزهر حتى نال أعلى درجات التخصص القديم، وهذه الثقافة الممتدة دفعته إلى قراءة ما كتب عن الإسلام في الغرب فعلم مقدار ما ارتطم فيه غلاتهم من تأويل سيء يحتاج إلى تصحيح واكاد أجزم أن ما اطلع عليه من هذه الانحرافات كان دافعه الصريح إلى التعمق في البحوث الإسلامية واستكناه مضامينها منها، وإضا كان هؤلاء قد أسرفوا إسرافا لاغيا في الحديث عن التصوف الإسلامي بما لا يتفق مع الحقيقة حين جعلوه أمشاجًا متضاربة لفقت من الديانات الهندية والفارسية وبعض الفلسفات الأوربية، فإن ولوع الشيخ بكشف هذه الأباطيل قد دفعه إلى قراءة تاريخ التصوف في سير رجاله ثم في مؤلفاتهم الخالدة راجعًا إلى الأصول الإسلامية الأولى من كتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، حتى اقتنع عن يقين بأن التصوف الصحيح هو سبيل الخلاص من ضر الحياة ولغوها الباطل، وانقلب الدارس الفاحص داعية غيورًا على التصوف بعد أن مليء علما به، وأصبح حجة في موضوعه، وإذا كان ميراثه الروحي من أمه وأبيه قد عمل في نفسه عمله الكريم، فإنَّ ذلك التأثير الوجداني الخالص قد صحبه تأثيرٌ عقلي مكين فاندفع إلى التصوف بسلاحين سلاح الوجدان المؤمن وسلاح الفكرة العاقلة الواعية وهذا ما لا يتهيأ لغير القليلين.

ثم توجه الشيخ رحمه الله تعالى إلى خدمة الدعوة والمجتمع عن طريق العمل المؤسسي الشامل، لخيري الدنيا والآخرة، فقد أسس الشيخ رحمه الله تعالى جمعية العشيرة المحمدية كجناح اجتماعي وخدمي للطريقة المحمدية الشاذلية التي ورث ريادتها خلفا لوالده الإمام المجدد الشيخ إبراهيم الخليل رحمه الله، ومنذ أنشئت العشيرة المحمدية وحتى اليوم وهي نبراسُ علم ودعوة وخدمة اجتماعية تتوجه بالخير إلى الجميع بلا استثناء، فقامت جميعة العشيرة المحمدية برعاية الفقراء والأيتام، وإنشاء المعاهد العلمية والدعوية، وخدمة طلاب العلم الوافدين، وتقديم العون والرعاية لهم حتى يعودوا إلى بلادهم سفراء للاسلام الوسطي الراشد.

يقول الدكتور البيومي: أما مفهوم التصوف لدى العشيرة المحمدية فهو المفهوم الذي أرساه الشيخ على كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو أيضًا المفهوم المتعارف عليه في الأمة المصرية، لأن من يقرأ تاريخ الصوفية في مصر يجدهم جميعًا من المدرسة الغزالية التي تلتزم بالشريعة الإسلامية التزاما تاما، وترى الفقه الإسلامي أول درجات الحقيقة الخالصة وقد تأصل هذا الاتجاه في مصر على يد الطريقة الشاذلية وأبطالها من أمثال أبي العباس المرسي وابن عطاء الله السكندري وعبد الرحيم القنائي والسيد البدوي وسيدي إبراهيم الدسوقي وغيرهم. انتهى.

وإذا كان الإمام الرائد محمد زكي الدين إبراهيم رحمه الله تعالى قد انتُخب رائدًا للعشيرة المحمدية، فإنَّ الإمام عبد الحليم محمود كان شريكه الوفي في مسيرة العشيرة المحمدية ودعوتها، حيث كان وكيلا لها، وقد هم الشيخ محمد زكي الدين أن يتنازل له عن ريادة العشيرة المحمدية، وكان من المكاشفات الروحية العجيبة التي جرت في هذا الأمر، أن الشيخ عبد الحليم محمود قد فطن إلى ذلك قبل أن يهم الشيخ بالتنفيذ فصافحه في حب وقال له لن أبرح مكاني ودع ما جال بخاطرك.

الشيخ والجهاد في سبيل الله عز وجل : يخطيء من يتوهم أن التصوف تقوقع ورهابنية لا تعرف الفروسية ولا الجهاد في سبيل الله تعالى، فأئمة الصُّوفية قد حققوا المعادلة الصعبة التي فشل غيرهم من الإسلاميين في تحقيقها، فهم رهبان عباد زهاد في جنح الليل، دعاة مجاهدون مصلحون إذا ما طلعت شمس النهار، فإذا ما دعى داعي الجهاد في سبيل الله تعالى كانوا في أول الصف حملة السلاح يجودون بالروح والنفس والمال في سبيل الله عز وجل، والجهاد عند السادة الصوفية لا يكون إلا لرد العدوان والظلم وتحرير الأوطان من المحتل الغاشم ، بخلاف الجهاد عند الفئات الإرهابية التي حرفت الجهاد عن معناه القرآني ليصبح سيفا مسلطا على من يخالفهم الرأي من المسلمين، فأصبحت الأوطان منهم في خوف وقلق بينما أمن المعتدون على حرمات المسلمين مطمئنين أن من المسلمين من يقتل المسلمين.

لقد كان الإمام أبو الحسن الشاذلي هو الإمام الروحي للإمام محمد زكي الدين إبراهيم فقد اشترك الإمام أبو الحسن الشاذلي في موقعة المنصورة مجاهدًا في سبيل الله عز وجل، إذ رحل إلى الأرض جهاد الصليبين مع فريق من كبار العلماء يتقدمهم سلطان الأئمة العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى، وكذلك الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم رحمه الله وكوكبة من علماء الأزهر والتصوف فقد رحل الشيخ إلى جبهة الجهاد في حرب رمضان مع صديقه الشيخ عبد الحليم محمود وفريق من فضلاء الأزهريين، فقاموا بواجب تثبيت المجاهدين وبشرهم الشيخ عبد الحليم محمود برؤيا صالحة تحققت عن قريب بالنصر المبين.

لقد انضوت مسيرة الشيخ الدعوية على إصلاح وتجديد معالم التصوف وإخراج التصوف من حيز الفلوكور الشعبي المتمثل في الغناء والرقص والمواكب الصاخبة والممارسات التي لا تنضبط بالشرع الشريف، إلى دعوة صافية تدعو إلى إصلاح النفس وضبط السلوك الإنساني بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد واجه في ذلك الأمر صعوبات جمة حيث تآمر ضده من لا يريد الخير لمسيرة التصوف ، وقد وصلت خيوط هذه المؤامرة إلى ساحات القضاء المصري التي حكمت أحكاما تاريخية لصالح مسيرة الشيخ الإصلاحية والروحية.

لقد عاصر الشيخ أيضا الخيوط الأولى لمؤامرة نشر الأفكار الوهابية المتطرفة المتشددة بمصر وقاوم كثيرا بوادر حركة المد الوهابي التي بدأت مع نشاط الشيخ محمد رشيد رضا ومحمد حامد الفقي وغيرهما تلك الحركة التي أرادت أن تحرف مسيرة الأزهر الوسطية إلى ما نحياه اليوم من تطرف وتشدد وإرهاب ومن يطالع كتابات الشيخ في مجلة المسلم مجلة العشيرة المحمدية يرى أن الشيخ رحمه الله تعالى قد تنبأ ورصد وحذر كثيرًا من تمدد تلك الجماعات المتطرفة واختراقها للمؤسسات لا سيما الدينية والأزهرية والجمعيات الخيرية والمنابر الدعوية تنبأ الشيخ بكل هذه الأمور وكتب كثيرا لمؤسسات الدولة لا سيما مؤسسة الأزهر الشريف متمثلة في المجلس الأعلى الأزهر ووزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وهذه المقالات العديدة التي كتبها الشيخ محذرا من تمدد جماعات التشدد والإرهاب في داخل الأزهر والجامعة والمعاهد والمنابر، لو نظر إليها وعمل بها، ربما لم نكن نصل إلى كثير مما وصلنا إليه الآن بسبب الاستهانة بهذه الظواهر التي لا تمت إلى وسطية الدين بصلة، وهذه الكتابات القيمة نحن بحاجة إلى استرجاعها والاستفادة منها فيما تمر به أمتنا من ظروف.

- جوائز وأوسمة:

حصل الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم رحمه الله على عددٍ من الجوائز والأوسمة، فقد سلَّمته الدولة في احتفالها بعيد المعلم، في عهد الرئيس محمد أنور السادات وشاح الرواد الأوائل، والنوط أو الميدالية الكبرى، والهدية العلمية، بوصفه رائد الرواد الأوائل في التعليم والعمل النقابي معًا.

كما أهداه الرئيس السادات قبل ذلك، نوط الامتياز الذهبي من الدرجة الأولى على مستوى الجمهورية.

كما سلَّمه الرئيس السابق محمد حسني مبارك وسام العلوم والفُنون المخصص لكبار العلماء والأدباء، ثم أهداه «نوط الامتياز الذهبي» من الطبقة الأولى، وأهداه الرئيس اليمني المشير عبد الله السلال «وشاح اليمن والخنجر» وحصل على شهادة تقدير من الدكتورة عائشة راتب وزيرة الشئون الاجتماعية عام 1972م، وأهدته محافظة القاهرة وبعض المؤسسات الكبرى عددًا من شهادات التقدير والأوسمة ذات القيمة المعنوية، كما أنه رد بعض الهدايا والأوسمة من بعض الحكام وكبار الشخصيات، لأسباب خاصة لم يذكرها.

- وفاته:

انتقل الشيخ إلى رحمة الله عند الساعة الثالثة صباحًا من فجر يوم الأربعاء 16 جمادي الآخرة 1419هـ، الموافق 7 أكتوبر 1998م، ودفن مع أبيه وجده بجوار مسجد مشايخ العشيرة المحمدية بقايتباي.

وتستمر مسيرة العشيرة المحمدية في العلم والعمل والدعوة والإرشاد والعمل الخيري على يد سلفه ووارثه في الطريق ولده فضيلة الشيخ المجاهد محمد عصام الدين وكوكبة من رجال العشيرة المحمدية الأماثل، الذين ساروا على نهج الشيخ في مزج العلم بالعمل نسأل الله تعالى للشيخ ولسائر رجال العشيرة المحمدية السداد والتوفيق في مسيرة العلم والعمل والدعوة إلى الله تعالى.

فيديو قد يعجبك: