إعلان

هل يستحب إحياء ليلة النصف من شعبان؟

05:03 م الجمعة 20 مايو 2016

هل يستحب إحياء ليلة النصف من شعبان؟

بقلم – هاني ضوَّه :

نائب مستشار مفتي الجمهورية

تهل علينا اليوم ليلة النصف من شعبان، وهي من الليالي التي فيها منح ونفحات ربانية كثيرة، مع ذلك يثار في كل عام الجدل حول جواز إحياء هذه الليلة المباركة من ليالي شهر شعبان، رغم ورود العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على ذلك، وحرص علماء وصالحي الأمة المحمدية على إحياء ليلة النصف من شعبان، بل وألفوا في ذلك الكتب.

وقد حثنا الحبيب سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أن نتعرض لتلك النفحات لعل أن تصيبنا أحدها فلا نشقى بعدها أبدًا.

وفي السنة النبوية المشرفة ما يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أحيا ليلة النصف من شعبان، وذلك فيما رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت أنها كانت نائمة بجوار الحبيب صوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وكان ذلك ليلة النصف من شعبان، فتقول: فقدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع رافع رأسه إلى السماء، فقال: أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟، قلت يا رسول الله إني ظننت أنك أتيت بعض نسائك. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا عائشة إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب. و"كلب" هي قبيلة من قبائل العرب كانت تشتهر بكثرة الغنم.

وفي هذا الحديث إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج ليحي ليلة النصف من شعبان بالدعاء إلى الله ومناجاته.

وقد ورد كذلك في فضل ليلة النصف من شعبان الكثير من الأحاديث التي تقوى بعضها بعضًا، وتدلنا على فضل تلك الليلة المباركة وفضل إحيائها بالطاعات لله رب العالمين، ومن بين تلك الأحاديث ما رواه وصححه ابن ماجة عن الإمام علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إذا كانت ليلـة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول ألا من مستغفـر لي فأغفر لــه؟ ألا من مسترزق فأرزقــه، ألا من مبتلى فأعافيـه، ألا كذا ألا كذا، حتى يطلع الفجـر".

كما أن للنصف من شعبان فضائل عظيمة أوردتها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام وعلى آله- فيما رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه عن معاذ بن جبل: "يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه ليلة النصف إلا لمشرك أو مشاحن".

وكأن الله سبحانه وتعالى يتجلى بواسع فضله على عباده جميعًا بالرحمة والمغفرة وبدء صفحة جديدة مع الله وهو يعطينا الفرصة تلو الفرصة، فيطلع في ليلة النصف من شعبان إلى جميع خلقه فيغفر لهم جميعًا إلا مشرك قد أشرك بالله، أو مشاحن بينه وبين إخوانه شحناء وبغضاء وخصام وصراع وكراهية.

وهناك روايات أخرى أن الله سبحانه وتعالى يغفر في هذا اليوم إلا لمدمن الخمر.

وفي الحديث المروي عن الإمام علي ابن أبي طالب ما يحثنا على أن نصوم يومها أي اليوم اللاحق لتلك اليلة أي يوم 15، وكذلك أن نحيي ونقوم ليله الخامس عشر التي تبدأ بغروب شمس الرابع عشر من شعبان، فإن الله سبحانه وتعالى ينزل فيها من غروب الشمس إلى السماء الدنيا فيغفر للمسلمين الطائعين.

ولقد أجمع المسلمون في كافة العصور وفي سائر الأزمان من عهد الصحابة رضوان الله عليهم، إلى وقتنا هذا على أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة طيبة كريمة فاضلة. لها منزلتها عند الله تبارك وتعالى وأنه سبحانه وتعالى قد اختصها بنوع من الكرامة والتفضيل.

وأحاديث إحياء ليلة النصف من شعبان وإن كان ضعف بعضها بعض أهل العلم بعضها، ولكن صححها الإمام ابن ماجه وغيره، كما أن العلماء قد قرروا أنه يجوز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، وما اندرج تحت أصل صحيح من أصول الشرع. كما أن الإمام ابن حبان قد صحح بعض الأحاديث التي وردت في فضل إحياء ليلة النصف من شعبان.

ولقد فطن السلف الصالح والعلماء إلى فضل إحياء ليلة النصف من شعبان واستحبوا إحيائها جماعة في المسجد أو فرادى، فقد كان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم ويتبخرون ويكتحلون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك ووافقهم في ذلك إسحاق بن راهويه على ذلك وقال في قيامها في المساجد جماعة: ليس ببدعة، نقله عنه حرب الكرماني في مسائله.

وذكر الإمام ابن رجب الحنبلي أن ليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، ووافقهم على تعظيمها طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم.

وقال المحدث بهاء الدين القاسم: "كان أبي رحمه الله مواظبا على الجماعة والتلاوة، يختم كل جمعة ويختم في رمضان كل يوم ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار، ويحيي ليلة النصف ( أي من شعبان) والعيدين بالصلاة والذكر".

وقال الإمام الشافعي في كتابه الأم: "وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب في خمس ليال في ليلة الجمعة، وليلة الأضحى، وليلة الفطر، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان".

فينبغي للمؤمن أن يتفرغ في ليلة النصف من شعبان لذكر الله تعالى ودعائه بغفران الذنوب وستر العيوب وتفريج الكروب وأن يقدم على ذلك التوبة فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب.


موضوعات متعلقة:

بالصور والفيديو .. هنا تحولت القبلة من بيت المقدس للكعبة

لماذا سميت ليلة النصف من شعبان بليلة '' البراء وليلة الشفاعة ''؟

صحة دعاء ليلة النصف من شعبان

فيديو قد يعجبك: