إعلان

ذكرى وفاة الشيخ محمود عبد الوهاب .. "صيحة حق في وجه الباطل"

09:00 ص الأحد 06 نوفمبر 2016

ذكرى وفاة الشيخ محمود عبد الوهاب .. "صيحة حق في وج

كان الشيخ محمود فايد صيحة حق في وجه الباطل ، ينطق دائما بكلمة الحق فتخرج منه فصيحة صريحة من مخارجها الصحيحة ، و كان يقول " أرادوا أن يذلوني فأعزني الله و أن يفقروني فأغناني الله ، لا أذل و أنا عبد العزيز ، و لا أفتقر و أنا عبد الغني ، و لا أضعف و أنا عبد القوي " و كان يردد دائما أن نصح الأئمة يأتي قبل نصح الأمة

مولده و نشأته :

اسمه: محمود عبد الوهاب مبروك فايد، ولد في (30 ربيع الأول 1340هـ الموافق 30 نوفمبر 1921م) بقرية "دمينكة " بمحافظة كفر الشيخ.

ولد محمود عبد الوهاب فايد في عائلة اتسمت بطلب العلم ونشره، تعلم القراءة والكتابة والحساب بجانب حفظ القرآن الكريم وبعدما أتم حفظه في سن مبكراً.

حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية من معهد دسوق عام 1356هـ الموافق 1937م، ثم التحق بالمعهد الأحمدي بطنطا، وبعد حصوله على الشهادة الثانوية الأزهرية 1361هـ الموافق 1942م التحق بكلية أصول الدين بالقاهرة وتخّرج فيها عام 1366هـ الموافق 1946م وكان الأول على دفعته، حصل بعدها على شهادة العالمية مع الإجازة في التدريس 1368هـ الموافق 1948م، وقام بتدريس علوم البلاغة واللغة والتوحيد والمنطق في عدد من المعاهد الأزهرية بمصر في محافظات سوهاج وقنا والمنوفية.

ثم عمل أستاذًا للتفسير والحديث بكلية أصول الدين والدعوة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية من عام ( 1391هـ الموافق 1971م حتى 1407هـ الموافق 1986م) عاد بعدها إلى مصر.

وعقب عودته إلى مصر تم تعيينه رائداً دينياً لمدينة البعوث بالأزهر الشريف، فكانت فرصة طيبة لروابط توثقت بينه وبين الطلاب الوافدين إلى الأزهر الشريف من كل أنحاء العالم

كان الشيخ عضوًا بالجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية حتى صار رئيسا لها.

ومن أبرز الخصائص لدى الشيخ محمود فايد أنه رجل دعوة يتصل بمختلف الجماهير عن طريق الخطابة والكتابة والموعظة

تميز الشيخ محمود فايد باطلاعه الواسع على أحداث بلاده في زمانه، إضافة إلى سرعة الرد على كل المخالفين له في الرأي، وذلك من خلال كتاباته للعديد من المقالات، وقد نشرت له في الصحف المصرية، ولم يستثن الشيخ في رده أحدا، من رؤساء الجمهورية إلى المواطنين، كذلك رد على بعض الوزراء، وعلى بعض المشايخ في العديد من المواقف.

كما تميز بأنه شاعر غلب المضمون الديني على نتاجه الشعري، فنظم في المناسبات الدينية كالإسراء والمعراج، وفي النصح والوعظ والإرشاد

من شعره : 

يا قادة الإسلام جدوا ** وليكن لكم بأحمد أسوة حسناء 

هبوا لنصرة الدين ** لا تتخاذلوا إن التخاذل فتنة و بلاء

لا تأمنوا روسيا و أمريكا ** فما في النار للظمآن يرجى ماء

ويقول عن فلسطين 

فلسطين مسرى الرسول غاب نجمها ** وحل بها جند اليهود و عسكروا 

و في المسجد الأقصى يميس عدونا ** ونحن نغني في ابتهاج و نزمر 

و نفتح للرقص المثير معاهدا ** و ننشر سوآت الغواني و ننشر

من مواقفه المشرفة الجريئة:

- حين أعلن جمال عبد الناصر عن قرار إلغاء القضاء الشرعي، وجد معارضة من بعض العلماء؛ فغضب الرئيس من هذه المعارضة وانتهز إحدى المناسبات السياسية وأخذ يتوعد و يهون من شأن العلماء بانتقاص بالغ مستهزئا بالعلماء ، فما كان من الشيخ محمود فايد إلا أن كتب مقالاً في مجلة الاعتصام عدد ربيع الأول سنة 1381هـ الموافق 1961م في أوج الطغيان والخوف قال فيه بعد كلام : "... هل يجوز يا سيادة الرئيس أن يذاع على العالم وبجميع اللغات ومن رئيس الجمهورية العربية نفسه مثل هذا الكلام ؟! لقد فاتك أن تعقب بأن كثيراً من ذوي العمائم كان لهم مواقف كريمة وغيرة منكورة، وإحساس مرهف، وإنك لتعرف بعضهم، ولبعضهم عليك فضل، ومن فضل الله أن شعبنا فاضل واع ذكي أريب، يعرف مقاييس الرجال، ويميز الخبيث من الطيب.

وختاماً: يكفي العلماء العاملين شرفاً وفخراً أن أحكم الحاكمين زكاهم ورفع قدرهم وخلد ذكرهم فقال سبحانه: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} ويكفيهم في المدح والثناء قول أفضل البشر: "العلماء ورثة الأنبياء".

- بعد حرب 1387هـ الموافق 1967م دعى الشيخ محمود فايد لإلقاء محاضرة في جامعة القاهرة وجمعية المحافظة على القرآن، وبصراحته مضى في تحديد أبعاد الهزيمة وتعيين مسئولية جمال عبد الناصر عنها، ولم يرض عن ذلك بقية مراكز القوة في البلاد، فعزل من مناصبه بقرار جمهوري، وحاول بعض العلماء التدخل لدى عبد الناصر فأجابهم بشرط أن يحضروا منه التماسا بذلك، فذهب إليه الشيخ عبد الحليم محمود ومعه مستشار رئيس الجمهورية الفريق عبد الرحمن أمين؛ ليعرض عليه هذا الأمر فرفض الشيخ بإباء، وقال: " أنا طالبت بمحاكمته ولم أطالب بإدانته".

ثم قال: عندما أُخبرت بقرار الفصل بالهاتف صليت ركعتين لله، ثم قلت: اللهم فارزقني وأنا من اليوم عبد خالص لك، وقد استجاب الله لي وأراحني من الذهاب والإياب، وأنا لدي مكتبة عامرة بالكتب ورثتها عن آبائي وأجدادي واشتريت المزيد فأنا أعكف على المطالعة والتأليف، ويأتيني من الرزق أضعاف ما كنت أتقاضاه من الوظيفة، وأحمد الله على نعمه، إنني أقول وقد وسّع الله علي، يالله: لقد أرادوا أن يذلوني فأعززتني، لا أذل وأنا عبدك؛ عبدالعزيز، وأرادوا أن يضعفوني فقويتني، لا أضعف وأنا عبدك؛ عبد القوي، وأرادوا أن يفقروني فأغنيتني، لا أفتقر وأنا عبدك؛ عبدالغني".

ـ ومن المواقف المضيئة ما حدث حين أساء شيخ الأزهر عبد الرحمن تاج إلى منصبه وإلى الأزهر بممالأته للناصريين وتقصيره في شأن الأزهر والأزهريين بل الإسلام والمسلمين، فهاجم شيخ الأزهر على سكوته وكتب مقالاً شهيراً سماه: "بسم الله والله أكبر فليستقل شيخ الأزهر"، ووجد المقال قبولاً كبيراً لدى جمهرة الأزهريين، فنقل الشيخ محمود نقلاً تأديباً من معهد منوف إلى معهد قنا، ثم أوقف راتبه وأحيل إلى مجلس تأديبي، وفي ذلك المجلس نجاه الله تعالى ونصره على من عاداه، وعاد إلى معهده.

- كما كتب مقالا تحت عنوان حول معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وحرص الشيخ فيه على التعرض للقضية من كل زواياها، وهو يوضح معارضته لهذه المعاهدة.

- عندما تحدث الرئيس السادات في افتتاح مجلس الشعب يوم (19 ذى القعدة 1396هـ الموافق 11 نوفمبر 1976م) ، أن تتحول التنظيمات السياسية إلى أحزاب ثلاثة حزب يمين وحزب يسار وحزب وسط وذكر أيضا " لا تقوم الأحزاب على أسس دينية" فكان للشيخ محمود فايد موقف ذكر في مقال نشر في مجلة الاعتصام يوجه فيه النصح والإرشاد، مستنداً لواجب العلماء في توجيه النصح للحكام.

ـ ومن مواقفه القوية أن فرقة راقصة من بلد شيوعي أرادت أن تقيم حفلاً في ميدان الحسين!! في رمضان سنة 1387هـ الموافق 1967م ، فانتهز الشيخ محمود فرصة إقامة الجمعية حفلاً في ذكرى غزوة بدر فتكلم قائلا: "أخزى الله هؤلاء السفهاء، لقد بلغ بهم السخف أن يحيوا رمضان بالمنكرات، وفي أي مكان ؟ في ميدان الحسين بين مسجده وبين إدارة الأزهر ومشيخة الطرق الصوفية، يا لها من إهانة متعمدة توجه لعمّار هذه المؤسسات الإسلامية، يا لها من إهانة توجه إلى شهر القرآن".

وكان أحد المسؤولين حاضراً لذلك الحفل فأبلغ الخبر إلى حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية فأصدر أمره بإلغاء الحفل، فكم نحن - اليوم- بحاجة إلى أمثال هؤلاء العلماء.

- كتب الشيخ مقالات طالب فيها رؤساء مصر بتطبيق الشريعة الإسلامية وعدم التلكؤ في هذا الأمر العظيم .

- كما كتب مقالات يرد فيها على العلمانيين الذين ينادون بفصل الدين عن الدولة، ويهمزون الشريعة ويلمزونها كعادتهم، ومِن أبرز تلك المقالات ردوده على أمينة السعيد ومحمد أحمد خلف الله وأمثالهما من المنحرفين والضالين.

ـ ومن مواقفه المشرفة رده على الأديب أحمد حسن الزيات عندما كتب مقالاً افتتاحياً في مجلة الأزهر الذي كان يرأس تحريرها، وكان في المقال خرف و و زيغ ظاهر ألا وهو تفضيل الوحدة الناصرية على الوحدة المحمدية نستغفر الله !! وثار الصالحون في العالم الإسلامي وثار الشيخ محمود فايد وكتب مقالاً شديداً رد فيه على الزيات، نسأل الله العافية من الضلال.

- كتب مقالا أبان فيه عن موقفه تجاه الشعار الذي أطلقه الرئيس السادات في حديثه لأساتذة جامعة الإسكندرية في فبراير1399هـ الموافق 1979م (لا سياسة في الدين ولادين في السياسة )، ولخص الشيخ رؤيته في مقطع من العنوان في قوله: بل سياسة تهتدي بنور الدين.

مؤلفاته :

للشيخ - رحمه الله تعالى- عدد من المصنفات منها:

- كتاب "المنطق الواضح" في علم المنطق، في جزأين.

- "التربية في كتاب الله".

- "الإسلام والصحة".

- "الإسلام وأثره في نهضة الشعوب".

- "الرسالة المحمدية وشواهدها" وهو أهم مؤلف له.

- "صيحة الحق".

- وحقق مجموعة من كتب التراث.

وللشيخ شعر منشور في بعض الكتب والمقالات

وفاته :

كانت وفاة الشيخ بتاريخ 6 من صفر 1418هـ الموافق 12 من يونيو 1997م ودفن في مصر، رحمه الله تعالى وغفر لنا وله.

فيديو قد يعجبك: