إعلان

بعد حالات الانتحار .. نيويورك تخطط لوضع حد أقصى لعدد سيارات خدمات النقل الذكي

11:51 ص الثلاثاء 07 أغسطس 2018

أوبر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

نيويورك (د ب أ)

يشعر سائقو سيارات الأجرة في العالم بالقلق على مستقبلهم المهني في ظل تنامي انتشار تطبيقات خدمات النقل الذكي مثل "أوبر" التي تتيح استدعاء سيارات خاصة لاستخدامها في التنقل مقابل أجر.

وقد أصبحت نيويورك أول مدينة أمريكية تتجه نحو وضع حد أقصى لعدد سيارات خدمات النقل الذكي المسموح لها بالعمل في شوارع المدينة. ومن المقرر طرح مشروع القانون المنظم لهذا الأمر للتصويت غدا الأربعاء.

وفي تقاطع الشارع رقم 16 بحي مانهاتن في نيويورك مع شارع رقم 6، انحرف سائق السيارة الأجرة بشدة إلى اليمين، وقطع حارتين مروريتين بشكل مستقيم لكي يلتقط زبونا ظهر عند التقاطع. ركب الزبون وواصل السائق رحلته.

يقول السائق "ريتشارد تشو" تعليقا على هذه المناورة الخطيرة "إنه تصرف خطير بالفعل... لكن السائق جائع".

وغالبا ما يتم اللجوء إلى سيارات الأجرة التقليدية ذات اللون الأصفر في نيويورك للقيام برحلات قصيرة، سواء في وسط المدينة أو ضواحيها. وإذا كان السائق محظوظا، فإنه يعثر على زبون يريد الانتقال من جانب إلى الجانب الآخر من المدينة، أو إلى المطار حيث فالرحلة طويلة والأجرة كبيرة. وإذا كان السائق في يوم سعده، فإنه يعثر على راكب آخر أثناء رحلة العودة.

وفي الوقت الحالي، يواجه سائقو سيارات الأجرة في نيويورك، كما هو الحال في العديد من مدن العالم، منافسة شرسة من جانب تطبيقات استدعاء سيارات الركوب الخاصة عبر الأجهزة الذكية، مثل "أوبر" و"ليفت"، والتي أغرقت شوارع المدينة خلال السنوات الماضية، لتقدم خدماتها للركاب بعيدا عن سيارات الأجرة التقليدية.

ويقول "تشو" إن شقيقه "كيني تشو" دفع 700 ألف دولار ليحصل على رخصة تسيير سيارة أجرة. وقد اختفى شقيقه منذ مايو الماضي قبل العثور على جثته في المياه تحت جسر بروكلين بعد أسبوعين.

كان "كيني تشو" خامس حالة انتحار بين سائقي السيارات الأجرة في نيويورك خلال خمسة أشهر. وقد انتحر سادس في يونيو الماضي.

وكان كثير من المهاجرين يأتون إلى نيويورك في الماضي ويخوضون اختبار القيادة، ليسجلوا أنفسهم كسائقين. وكانت رخصة القيادة المهنية تعد ميزة كبيرة لمن يحملها، بحسب "نينو هيرفياس" الذي جاء إلى نيويورك من بيرو عام 1980.

ويقول "هيرفياس": "لم نصبح أثرياء، لكن الأمور كانت على ما يرام"، مضيفا أنه بعد 30 عاما من العمل كان في مقدوره أن يتقاعد بصورة كريمة.

وقد أضحت سيارات الأجرة جزءا من ثقافة نيويورك. وأصبحت السيارات ذات اللون الأصفر أيقونة بالنسبة لنيويورك. وأصبح قائدي هذه السيارات أكثر من مجرد سائقين، فقد صار سائق الأجرة مرشدا سياحيا ومعالجا ومعلقا على الأوضاع السياسية في البلاد.

ولكن يبدو أن العصر الذهبي لسيارات الأجرة قد أخذ يتلاشى. ففي نيويورك الآن يعمل حوالي 80 ألف شخص كسائقين لسيارات نقل الركاب الخاصة من خلال تطبيقات "أوبر" و"ليفت" و"جونو" "وفيا"، مقابل 13.5 ألف سيارة أجرة مرخصة فقط بالمدينة.

وفي يوليو 2017 أعلنت شركة "أوبر" أنها نفذت عددا من الرحلات يفوق تلك التي قامت بها سيارات الأجرة في يوم واحد في أنحاء نيويورك.

وكان تكلفة الحصول على "ميدالية تاكسي نيويورك"، أي رخصة قيادة مهنية قد وصلت إلى 1.3 مليون دولار في عام 2013 حتى يمكن للشخص قيادة سيارة أجرة في شوارع المدينة. ومع ظهور "أوبر"، تراجعت التكلفة بصورة كبيرة.

ويسعى قانون مقترح الى الحد من المنافسة الشرسة في شوارع نيويورك، حيث لن تصدر سلطات المدينة رخصا جديدة لتسيير سيارات "أوبر" ونظرائه لمدة عام بهدف تهدئة السوق. وفي حال صدور مثل هذا القانون، سيكون الأول من نوعه في المدن الأمريكية. ومن المقرر أن يصوت مجلس مدينة نيويورك على القانون بعد غد الأربعاء.

يذكر أن حوالي 75 مليون شخص في أكثر من 65 دولة في أنحاء العالم صاروا يستخدمون خدمات "أوبر" التي بدأت كشركة ناشئة في مدينة سان فرانسيسكو الامريكية. وتضم الشركة حاليا حوالي 16 ألف موظف و3 ملايين سائق. وقد حظرت بعض الدول بالفعل تطبيق "أوبر"، ووضعت دول أخرى قيودا على تشغيله.

وتحاول أوبر حشد المعارضة ضد القيود التشريعية الوشيكة على نشاطها في نيويورك، التي تعد أهم أسواقها في الولايات المتحدة. فقد بدأت الشركة تبث إعلانا يظهر مجموعة من الأشخاص أغلبهم من الأقليات العرقية في أمريكا، وقد أخفقوا في العثور على سيارة أجرة تقليدية في الشارع، ثم يركبون سيارة "أوبر" وقد غمرتهم السعادة. ثم يصدر صوت يردد: "إذا مرر مجلس نيويورك القانون، قد يختفي هذا كله".

وما لا تقوله نقابة سائقي الأجرة في نيويورك هو أن كثيرين من سائقي "أوبر" والخدمات المماثلة يعيشون أيضا على حد الكفاف، حيث يصل متوسط دخل سائق "أوبر" في الولايات المتحدة إلى 11.77 دولارا في الساعة، أو 13 دولار في نيويورك وفقا لتقديرات معهد السياسة الاقتصادية.

في المقابل، يصل إيجار شقة من غرفة نوم واحدة في مانهاتن أو بروكلين بنيويورك إلى 2500 دولار شهريا.

ويقول سهيل رانا الذي كان يقود سيارة في أوروبا قبل حوالي 5 سنوات، وحاليا يدرب السائقين الجدد في نقابة "آي.دي.جي" على كيفيفة التواصل مع العملاء، إن القادمين الجدد للعمل في أوروبا يحملون آمالا زائفة.

ويضيف: "إذا كنت سائقا جديدا، لن تستمر في العمل"، فبعد عدة تقارير سلبية عنك من العملاء، سيرسل النظام تحذيرا إليك. ومع انخفاض تصنيف السائق إلى 4.6 نقطة من 5 نقاط، يمكن فرض حظر عليه وإبعاده عن العمل. وأوضح: "هذه الشركات (أوبر وغيرها) تعطي وعودا كاذية للسائقين الجدد مثل حصولهم على 1500 دولار أو 2000 دولار أسبوعيا".

ولكن في ظل رفع الحد الأدنى للأجر في نيويورك إلى 17.22 دولار للساعة كما يقترح مجلس المدينة، يمكن أن تتحسن الأحوال. غير أن أوبر وغيرها من الشركات ستضطر إلى زيادة الأسعار أو خفض عمولتها حتى تتمكن من تمويل الزيادة في الحد الأدنى للأجور.

وذكر موقع "بزفييد" الإخباري الاقتصادي أن شركات "أوبر" و"ليفت" و"فيا" تحاول جاهدة منع صدور القانون الجديد، وقد عرضت منح مدينة نيويورك 100 مليون دولار لإنشاء صندوق لمساعدة سائقي سيارات الأجرة المتعثرين. ورفض "بيل دي بلاسيو" عمدة المدينة هذا العرض.

ويقول "رانا" إن هذه الشركات "تقاتل باستماتة وتنفق ملايين الدولارات" لمنع صدور القانون الذي سيحد من نشاطها لصالح سيارات الأجرة التقليدية.

وأخيرا يقول السائق روجر رودريجز إنه رغم الأوقات العصيبة التي يواجهها، لا يعتزم التخلي عن سيارته الأجرة والعمل مع "أوبر."

وتسائل رودريجز: " عندما تمارس عملا ما لمدة 20 عاما تقريبا، هل يمكن لك أن تتخلى عن هذا العمل وتلجأ إلى عدوك؟"

فيديو قد يعجبك: