إعلان

بعد أزمة شيرين.. متى يلتزم الفنان الصمت؟

11:00 ص الأحد 13 أغسطس 2017

كتبت- منى الموجي:

سلاح ذو حدين، ترجمان يعبر عما يخبأه العقل والنفس، لا يمكن استرجاع ما يخرج عنه، وهو ما يجعله أشد حدة من السيف، هو اللسان، الذي باستقامته تستقيم حياة الإنسان وباعوجاجه تزداد حياته شقاءً، ومع الفنانين الذين تُسلط عليهم الأضواء ليل نهار، وترصدهم عيون الكاميرات، تزداد عواقب الكلمة التي ينطقون بها، فمتى يطلقونها؟، وفي أي وقت يمنعونها؟، وكيف يمكن أن تؤثر عليهم؟.

المطربة شيرين عبدالوهاب تعرضت لأكثر من موقف، تحدثت فيه بعفوية كما اعتادت التصريح، وتراجعت أكثر من مرة بالاعتذار عن تصرف أو عن قول، لكنها في المرة الأخيرة، وتحديدًا أثناء تواجدها في تونس، تحدثت عن أن ابنتها تنطق تونس على أنها بقدونس، وهو ما اعتبره البعض إهانة لتونس وشعبها، كما تحدثت في حق زميلها الفنان عمرو دياب، مؤكدة أنها لن تتراجع عما قالته في حقه أثناء تواجدها في حفل زفاف عمرو يوسف، متناسية انها كانت اعتذرت بالفعل، وأكدت هذه المرة أنه سبق وأهانها ولكن بعيدًا عن عيون الإعلام، وأن ما قالته هو رد فعل لا أكثر.

يقول الإمام الشافعي: "إذا أراد أحدكم الكلام فعليه أن يفكر في كلامه فإن ظهرت المصلحة تكلم، وإن شك لم يتكلم حتى تظهر". فكرة الكشف عن الخلاف والإعلان عنه لا يمكن أن يراها أحد خطأ في حد ذاته، ولكن الكلمة وقتها تحتاج أن تُقال بطريقة لا تُفقد صاحب الحق حقه، وأن تكون مكتملة فلا يمكن أن يصدق الجمهور كلمة "أهانني وتحدث في حقي"، دون أن يذكر من اختار إعلان الخلاف القصة الكاملة، فوقتها سيحكم الجمهور على علم بدلًا من أن يظل لا يرى سوى شخص يهاجم وآخر يلتزم الصمت.

قال أبو العتاهية "الصمت زين والسكوت سلامة..  فإذا نطقت فلا تكن مكثارًا.. فإذا ندمت على سكوتك مرة.. فلتندمن على الكلام مرارًا"، كثير من الفنانين أعلنوا ندمهم على تصريحات كشفت عن رأيهم في أمور سياسية، خاصة في السنوات الست الماضية، وخرجت بعد ثورة يناير 2011 قوائم سوداء حسبت بعض الفنانين على النظام السابق، مما دفع البعض للتراجع والتأكيد على أن الصورة لم تكن واضحة، وأنهم لم يتحدثوا في السياسة عن علم، وكان الأفضل لهم الصمت.

ومن بين الفنانين الذي ندموا على الحديث في السياسة، الفنان طلعت زكريا والذي قال في تصريحات سابقة لـ"مصراوي" إنه لن يتحدث مرة أخرى في أمور سياسية، قائلا "بطلت اتكلم في السياسة كفاية اللي حصلي"، الموقف نفسه كانت أعلنت عنه الفنانة غادة عبدالرازق قبل سنوات، بعدما حسبها البعض على النظام السابق، فقالت في حوار تليفزيوني عند تكريمها من شبكة قنوات Art، "اتحاربت لدرجة كادت تؤثر على مسلسل سمارة، بسبب آرائي السياسية، وخرجت دعوات بمقاطعتي، وأطلقوا عليّ فلول وأنني تبع النظام السابق، ومررت وقتها بأسوء فترة في حياتي، وفكرت في أن كلامي سيخرب بيت المنتج، وأن كل فريق العمل سيتأثرون بتوقف إنتاج المسلسل، وتمنيت أن تسقط هذه السنة من حساباتي".

أفضل الصمت

قالت الفنانة ريهام عبدالغفور في تصريح خاص لـ"مصراوي"، إنها تفضل الصمت، وعدم الحديث في أي أمور سياسية أو غير سياسية لا تفهم فيها، وأكدت أنها أيضًا لا تحب التعليق على أي خلافات بين زملائها خاصة إذا كانت غير ملمة بالأمر كله.

وأضافت ريهام "أحب فقط الحديث فيما يتعلق بعملي كفنانة"، مشددة على أنها ليست ضد أن يكون للفنان رأي سياسي يكشف عنه، "لكن أنا مبفهمش في السياسة".

الفنان فكره سابق

لا يرى الموسيقار منير الوسيمي –نقيب الموسيقيين سابقًا-، عيبًا في أن يكشف الفنان عن رأيه في أي أمور تتعلق بالمجتمع، مشددًا على أن الفنانين هم طليعة المجتمع، وأن الفنان الحقيقي لا يمكن أن يكون رأيه ضد المجتمع، مؤكدًا أن الفنان فكره سابق.

وتابع منير في تصريحات خاصة لـ"مصروي": "فيما يتعلق بالسياسة فعلى الفنان ألا يتكلم فيها إن لم يكن على وعي كافي ببواطن الأمور، وفي هذه الحالة أفضل أن يتحدث الفنان في الفن فقط"، موضحًا أن الفنان عليه المشاركة في بناء المجتمع لا هدمه، وألا يستغل حب الناس له في التأثير سلبًا عليهم.

إثارة الجدل

ويرى الناقد الفني محمود قاسم أن الفنان عليه الاهتمام بفنه في المقام الأول والأخير، فالمطرب والشاعر والموسيقي، عليهم عند الوقوف على خشبة المسرح الاهتمام فقط بعرض فنهم على الجمهور، دون الدخول في أي موضوعات أخرى، قد تُسبب لهم مشاكل مثلما حدث مؤخرا مع الفنانة شيرين عبدالوهاب التي تقول كلام يُحسب عليها، حسب قوله.

وتابع في تصريح خاص لـ"مصراوي": "لم نشاهد أم كلثوم أو عبدالحليم حافظ أو فريد الأطرش، وقت وقوفهم على خشبة المسرح يتحدثون في أي أمور، فقط يغنون، وحليم في آخر حفلاته كان يقوم بتقديم أعضاء فرقته الموسيقية فقط".

وأضاف قاسم "الفنان إذا أراد التعبير عن رأيه، فهو حر ولكن عليه أن يلجأ للمكان المناسب كأن يكتب في المجلات، وأن يعرف أن رأيه هذا ربما يستهلك من شخصيته ومن شعبيته، كما حدث مع بعض من قدموا برامج تليفزيونية، وقتها يكون عليه أن يتحمل رأي الناس فيه، سواء اتفقوا معه أو اعترضوا عليه"، لافتًا إلى أن بعض الفنانين عندما يتوقفون عن العطاء، يلجأون للحديث بصورة قاصدين بها إثارة الجدل، محاولة منهم لإعادة الأضواء التي انصرفت عنهم.

 

فيديو قد يعجبك: