إعلان

في "الكنز".. للحب ثوب تختبئ فيه الأحلام (ريفيو)

09:01 ص الخميس 07 سبتمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- منى الموجي:

"بناء معبد عظيم يربط الأرض بالسماء والحياة بالموت، ممراته من الحب لا يعرفها غير العشاق"، كان حلم "سمنوت- هاني عادل" المهندس الذي عاش في عصر "أميز النساء حتشبسوت- هند صبري"، الانتقام من قاتل أبيه والوصول للكنز المدفون، ثم الوصول لحبيبته، أحلام تمنى تحقيقها "علي الزيبق- محمد رمضان"، أما "بشر- محمد سعد" رئيس القلم السياسي في عهد الملك فاروق فأحب السلطة وحلم بالجلوس على كرسيها والارتباط بمن يحب، فالحب "كنز" تختبئ في ثوبه الأحلام من حفظه سلم ومن فرط فيه ضاع.

منذ الشروع في إنتاج فيلم يجمع بين التاريخ والأسطورة، والجميع "نقاد وجمهور" ينتظرون "الكنز" بشغف كبير، مؤمنين بأن عودة هذه النوعية من الأعمال ليس دربًا من خيال، وإنما حقيقة تليق بـ"هوليوود الشرق"، مصر البلد العربي الرائد في صناعة السينما، متمنين أن تخرج التجربة إلى النور مكتملة العناصر، ومطمئنين لوجود مخرج كبير بحجم شريف عرفة يتعاون مع كاتب مهم هو عبدالرحيم كمال، الذي قدم أعمالًا مميزة للتليفزيون في السنوات الماضية.

قبل أن يأخذنا عرفة في رحلات متنوعة تنقل فيها بين 4 أزمنة مختلفة، أشار في بداية الفيلم إلى أنه مستوحى من التاريخ والأسطورة دون أن يلتزم بهما، تبدأ الأحداث مع أحدث الأزمنة الأربعة في عام 1975، بكابوس يجبر "حسن- أحمد حاتم" الذي يعيش في إحدى الدول الأوروبية، على الاستيقاظ، فهي ليلته الأخيرة قبل أن يعود لمصر، وتحديدًا أرض الكنز "الأقصر"، لمقابلة عمه الذي يعاني سكرات الموت، متذكرًا كيف ترك بلده بعد رحيل والده "بشر" ووالدته إثر مهاجمة عائلة العاصي لسيارتهم، انتقامًا من قتله لكبير العائلة.

تكشف الأحداث عن تغير نية حسن، الذي جاء ليبيع قصر الأقصر، ويبعد عن سيرة والده الذي يراه رجل ظالم افترى على الناس، عشق السلطة وسعى إليها ونالها، ويخطط ليأخذ معه حبيبة والده المطربة "نعمات" ليعالجها بعد أن فقدت صوتها إثر حادث، فمع مشاهدته لرسائل سجلها والده له على شرائط سينمائية، وقراءته لقصة "أميز النساء حتشبسوت" وأسطورة "علي الزيبق"، يتراجع عن قراره، وينشغل بالبحث عن ماهية "الكنز" الذي يتحدث عنه والده، وكأن جذوره التي جاء لاقتلاعها تأبى هذا، وتضرب في أعماق الأرض فتزيده ارتباطًا بها وحبًا لها.

تتقاطع الأزمنة الأربعة وهي "نهاية الأربعينات، السبعينات، العصر العثماني والعصر الفرعوني"، ولم يتجه المخرج لتقديم كل قصة على حدا، والاكتفاء بتقاطع زمني بشر وحسن، بحكم أنهما القصتان الوحيدتان اللتان بينهما رابط واضح. ويجمع الأربع قصص خطوط واضحة وغير واضحة، كلها تنطلق أو تقع بأكملها في الأقصر أو تنتهي هناك، والاختيار بين الحب وأشياء أخرى؛ فقصة بشر ونعمات تحكي عن الاختيار بين "الحب والسلطة"، أما قصة "علي الزيبق" الذي وقع في حب "زينب- روبي" ابنة غريمه "صلاح الكلبي- عباس أبو الحسن" وقاتل أبيه "حسن راس الغول" فالاختيار فيها بين "الحب والانتقام وانقاذ البلاد من خراب يخطط له الكلبي"، أما قصة حتشبسوت التي تتحدث عن سعي رجال الدين "الكهنة" للسيطرة على الحكم، وصراعهم مع حتشبسوت لأنها أقوى وأذكى مما يحتاجون في "الفرعون الحاكم"، فتشهد قيام البطلة بتفضيل "الحكم" على الاستمرار في قصة حب وقعت فيها رُغمًا عنها مع أحد العوام، والزيبق وبشر يتحدثان عن كنز، في منزل تسكنه "مساخيط"، فهل هو كنز حتشبسوت؟.

تداخل الأزمنة الأربعة لم يحدث في كل مرة بالسلاسة، التي لا تجعل الجمهور يشعر بأنه يشاهد أعمال منفصلة، لا تجتمع في عمل واحد، لكنه كان أفضل في الأوقات التي تم فيها استخدام صوت الراوي للدخول أو الخروج من قصة "علي الزيبق" وكذلك صوت "نسمة محجوب"، والتي أدت أغاني نعمات، في الانتقال من قصة بشر لقصة حتشبسوت أو الزيبق.

شاعرية وحكمة عبدالرحيم كمال سيطرت على الحوار بين الشخصيات، بشكل منح الفيلم ثقل، لا يستغنى عنه كمال في كل أعماله السابقة، وإذا كنت تبحث عن رسالة للفيلم، فشخصيات العمل تنطق برسائله، بشكل لا يجعلك تتهم العمل بالمباشرة، ومنها جملة بشر لنجله حسن "اللي بيتعلم كويس وعارف تاريخه بيقدر يعيش ويكمل"، "العدل إن غاب واختفى بتسود شريعة الغاب"، "العرش فتنة الحكام متخليش تمنه القسوة في القلب".

قصة بشر كانت الأقرب للكمال في كافة عناصرها، رغم تقليديتها كانت الأكثر جذبًا، وكان لصوت نسمة محجوب على أغاني نعمات، أثرًا جيد في نفوس المشاهدين، بكلمات الأغاني وألحانها وأداء نسمة، والتناغم الكبير في الأداء بين محمد سعد "بشر" ومساعده "عبدالعزيز صدفة" أحمد رزق، اللذان نجحا في خلق ثنائي مميز، أضاف كل منهما للآخر.

في قصة "علي الزيبق" تميز محمد رمضان في أداء شخصية "حسن راس الغول"، ولم ألمح فيه شبهة اقتراب من طريقته الشهيرة في الكلام، وأجاد في مشاهد الحركة والمطاردات مع جنود الكلبي، لكن من شاهد مسلسل "علي الزيبق" الذي قدمه الفنان فاروق الفيشاوي قبل أكثر من 20 سنة، سيجد نفسه في مقارنة بين تناول العملين لنفس القصة، وستكون لصالح المسلسل، مع تسرب شعور أن صنّاع العمل يحاولون تقديم عمل يحاكي المسلسل، وهو ما ظهر بوضوح عندما تنكر الزيبق في ثوب "عراف" يقرأ الطالع في السوق.

كذلك اختيار الفنان عباس أبو الحسن لم يكن الأنسب، ولا داع لوضعه في مقارنة مع الفنان أبو بكر عزت الذي قدم نفس الدور في المسلسل، لأن المقارنة محسومة قبل أن تُعقد. ظهور فنانين بحجم تميم عبده وأحمد صيام لم يمثل أي إضافة في العمل، فقد ظهرا دقائق معدودة، ولم تمنح لهما مساحة كافية للظهور.

كلمات الراوي كانت عامل جذب في هذه القصة، ومنها "ثابت ثبات الجبل واقف في وش طوفان ولكل وقت في بطل ودي سنة الأزمان"، "أمل الغلابة يعيشوا بس انتوا مش سامحين".

أما أميز النساء، فقصتها التاريخية معروفة بالطبع، وهو ما يجعلها لا تحمل أي جديد، ولتقديمها كان لابد من الاعتماد على الفخامة الملتصقة دائمًا وأبدًا بالحديث عن العصر الفرعوني، لكنها بدت أقل من المتوقع على مستوى الملابس والإكسسوارات والديكورات، رغم جمال الصورة، إلا أنها لم تعكس العظمة المعمارية التي عُرف بها الفراعنة.

تنتهي أحداث الفيلم بعد أن تنجح حتشبسوت في الهروب من مؤامرة دبرها الكهنة لقتلها، وإنقاذ الزيبق من القتل فتدور حرب بينه وبين رجاله مع جنود الكلبي، أما بشر فينجو من محاولة اغتيال، حيث دبر أعداؤه خطة لتفجير الملهى الليلي الذي اعتاد السهر فيه، ويظهر حسن ليستمع لرسالة والده التي يقول فيها "اللحظة اللي بتحس فيها أنك انتصرت هي نفس اللحظة اللي القدر واقف فيها ورا ضهرك وبيضحك وبيقولك لسه بدري اللي جاي أصعب، الثقة هي الفخ وكل لحظة راح تفتكرها نهاية لكن بيكون بعديها الأصعب والأخطر"، لينتهي الجزء الأول من "الكنز"، الذي أعلن صنّاعه أن له جزء ثان سيتم طرحه قريبًا.

"الكنز- الحقيقة والخيال" تأليف عبدالرحيم كمال، بطولة محمد سعد، محمد رمضان، هند صبري، أحمد رزق، سوسن بدر، أمينة خليل، عبدالعزيز مخيون، هاني عادل، أحمد حاتم، هيثم أحمد زكي، محيي إسماعيل، ومن إخراج شريف عرفة، إنتاج وليد صبري.

فيديو قد يعجبك: