إعلان

لستم أفضل مني

لستم أفضل مني

05:39 م الأربعاء 21 سبتمبر 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - عبد المسيح ممدوح:

لم يستطع أن يراهم ببصره، لكن يشعر بهم ببصيرته خاصة مع همسات "الصعابنيات" التي يرددونها عند رؤيته كأنهم وجدوا متسولاً أو كائن فضائي.

لا أعلم كيف يرونني بالفعل، لكن بالتأكيد ما يفعلونه أمرا يثير الجدل حول الحكم على فئة بعينها بالتسول أو المرض وتصرفاتهم مرآة تعكس ثقافتهم هم لا واقعنا نحن.

إذا ذهب شخص كفيف لأماكن سياحية أو دينية، فهذا يعني أنه سيحصد نظرة من حوله باعتباره شخصا مريضا أو شخصا يحتاج لعطف ممن يعتبرون أنفسهم أصحاء، لكن هذه النظرة بالعطف لمواطن كفيف، تعد رجعية مريضة، تعبر عن مرض أصحابها لا لمن تنظرون له بطريقة منفرة دون أي اعتبارات أخرى نفسية أو معنوية لمن تنظرون له بتلك الطريقة.

أود أن أخبركم أنه حدث معي حينما كنت أقضي إجازة في إحدى القرى السياحية بشرم الشيخ، منذ عدة أسابيع، أن العديد من الأشخاص كانوا ينظرون لي كأنني شخص مريض أو احتاج منهم للشفقة أو شخص ليس له حول ولا قوة.

لأول مرة يحدث معي هذا الموقف بأي من المناطق السياحية التي أذهب إليها، لكنه حدث معي هذا العام، هل هذا من علامات تدهور حال السياحة كتدهور العديد من المجالات أم مجرد نظرة رجعية من بعض الأشخاص؟

تكرر الموقف بعد أقل من أسبوع في أحد الأديرة بمنطقة مصر القديمة الأثرية، جاءت لي إحدى السيدات في سن والدتي وقالت لي ومن معي هل هذا يحتاج؟ هل هو متعب؟ وكان ردي عليها إني قلت: شكرا وأزحتها عن طريقي، ومشيت وداخلي غضب من النظرة الحقيرة التي أصبحت تنظر لنا.

هل ليس لي حق أن أذهب لمناطق دينية لكي اتبارك منها مثلكم دون أن يعترض طريقي أحد بنظرة أو تعليق سخيف؟ هل هذه الأماكن أصبحت حكر لكم وليس لنا حق أن نذهب ولا نتبارك منها؟

كفاكم تجريح فينا بجهلكم، وقلة وعيكم غير المبرر، وانظروا لمن تحدوا إعاقتهم وحققوا العديد والعديد من الانجازات في حياتهم وحققوا ما لم يحققه الأصحاء، لعلي أذكركم بعبقري مثل طه حسين وتحدياته وعلمه وتحديه للجميع في مختلف المجالات وهو كفيف وانظروا أيضا لهيلين كيلر وما فعلته في حياتها وما وصلت له، وما تركته من مؤلفات وكتب، وبيتهوفن المؤلف الموسيقي الأشهر وإنتاجه للسيمفونية التاسعة، وهو فاقد لحاسة السمع، لتعرفوا أننا لا نحتاج لشيء ولا لنظرة العطف منكم.

لا تعاقبونا بجهلكم وقلة وعيكم، بتلك النظرات أو التعليقات السخيفة، ولا بما تخيله لكم عقولكم المريضة، بأن أي شخص كفيف يحتاج لمساعدة منكم، أو أنه يجب أن يلتزم منزله ولا يتحرك مثلكم على طبيعته.

لابد أن تتغير النظرة لذوى الإعاقة بشكل عام وللمكفوفين بشكل خاص، لابد أن تغيروا نظرتكم لنا ولابد أن تعلموا إننا لا نختلف عن بقية الأشخاص ولنا الحق في زيارة جميع الأماكن الدينية والسياحية مثل باقي الأشخاص ولابد أن يعلم من يعملون بالمناطق السياحية إننا مثل بقية الأشخاص، نحن مكفوفون ولسنا متسولين.

 

إعلان