إعلان

رائد مقدم يكتب.. وجهة نظر: ماذا فعلتم بأخي محمد

رائد مقدم

رائد مقدم يكتب.. وجهة نظر: ماذا فعلتم بأخي محمد

06:33 م الثلاثاء 09 أغسطس 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - رائد مقدم:

أكتب هذه الكلمات وأنا في غاية الحزن على ما وصلنا إليه في بلدنا الحبيبة مصر أم الدنيا، أقدم دولة في التاريخ، بلد التعايش بين كل الحضارات والجنسيات والثقافات على مر التاريخ، بلد احتواء للآخر مهما كان جنسه أو لونه أو دينه أو عرقه، بلد عاش بها اللاتيني واليوناني والانجليزي والفرنسي والإيطالي وغيرهم من الجنسيات، بلد عشقها اليهودي والقبطي والمسلم وأصحاب الديانات الوضعية وحتى اللادينيين.

ما أكتبه هو قصة حقيقية شخصية حدثت معي. أنا كاتب هذه السطور. إنسان مصري الجنسية مسيحي الديانة. وقفت حائرا حزينا من هول ماوصلنا إليه.

ولكم الحدث

الاسم محمد ... صديقي وأخي وزميل الجندية

مركز تدريب ٣مشاه بقويسنا. تعرفنا ببعض أثناء الترحيل إلى مركز التدريب من حلمية الزيتون وسارت العلاقة بيينا أكثر من الصداقة وكنا لا نكاد نفارق بعض.

جمعتنا الكثير من المواقف الصعبة والإنسانية.

أتذكر يوم أن أغمي علي من كثرة الإجهاد أثناء التدريبات وكيف حملني على كتفه لمسافة نصف كيلو متر تقريبا حتى وصلنا إلى الوحدة الصحية بالمركز رغم قلة حجمة.

أتذكر كيف كنت سأموت تحت جنزير دبابة لكي أنقذه من تحتها أثناء نومه في أرض التدريب.

أتذكر أيضا عندما كنت أنزل أجازة بدونه كيف كان يؤكد علي أن أزور زوجته وبنته ذات الثلاثة أعوام لأطمئن عليهم وألبي طلباتهم في غيابه وكيف كان يقول لي أنا ماطمنش علي مراتي وبنتي غير معاك دي مرات أخوك وبنت أخوك( )، وغيرها من المواقف المبهجة والصعبة وصرنا أكثر من إخوة.

وآخر المواقف بعد تادية الخدمة بعشر سنوات قابلته صدفة في الإسكندرية وكيف أصر أن يستضيفني عنده أنا وعائلتي المدة كلها وكيف كان كريما ورقيقا ونعم الأخ والصديق.

ثم افترقنا وفقدنا التواصل وتمنيت أكثر من مرة أن نتقابل لنسترجع ذكرياتنا. نظرا لتغييره عنوانه فجأة ورقم تليفونه أغلق أيضا. وكنت كثيرا ما أفتقده في بعض المواقف.

ثم أخيرا وبغير ميعاد إذا به في وجهي أثناء تجوالي في شارع عبد العزيز "محمد قدامي. يانهار أبيض. محمد. حبيب قلبي. واحشني يااخويا. بالاحضان ياصديق العمر". وجريت عليه وأخذته بالأحضان وأنا في غاية الفرح لقد وجدت صديقي العزيز.

ثم. إذا به يقابلني بمنتهي الوجوم. وبدون أي حرارة. مقابلة باردة جدا. ليس بها أي مشاعر ود لدرجة أني شككت أنه صديقي "إيه ياحماده مش فاكرني أنا حبيبك أخوك مالك ياصاحبي"

وإذا به يرد "أهلا ياأخ رائد كيف حالك"

وانا مصدوم. أخ رائد؟

فيه إيه يامحمد مالك. وبدأت التركيز والتأمل في وجهه

أطلق لحيته يرتدي جلباب أبيض قصير

وهذا ليس المشكلة أبدا فهذا حقه وحريته

ولكن

لقد تغير قلب محمد ووجدانه

ماذا حدث له

ماذا فعلتم به

هل الحاجة جعلته يذهب لمن يعطوه المال مقابل إنتماءه؟

هل احتاج رعاية صحية ووفروها له مقابل عقله؟

ماذا فعلتم به

لماذا تركتوه فريسة لمن يحضوه على كراهية الآخر

لماذا لم توفر له الدولة الحياة الكريمة حتي لا يحتاج لمن لهم أهداف أخرى

لماذا لم تنتم له مؤسسات الدولة حتى نضمن ولائه للدولة

لماذا انسحبتم من التزاماتكم تجاه مواطنيكم وتركتم لهم المساحة للتوغل في تقديم الخدمات مقابل اغتيال عقولهم وقلوبهم لخطابهم المتشدد والذي يفرق بين الإخوة، ويقدمون لهم إخوتهم في الوطن بوصفهم غير مرغوب فيهم ويجب أن يبغضوهم حتى لا يحشروا معهم يوم الدين لأن الله سوف يحشرهم مع من يحبون وأنهم في النار وبأس المصير كفره والعياذ بالله

لما تركتم أخي محمد لماذا تفعلون ذلك بنا استحلفكم بالله وبالوطن الغالي

لاتتركونا لدعاة التشدد

لاتتركون لدعاة الكراهية

سدوا حاجاتنا وفروا لنا ولابنائنا حياة كريمة

علموا ابناءنا المحبة والتعايش والسلام

الإرهاب لا يولد في يوم وليلة اقتلوه في المهد

طبقوا القانون احرصوا على العدل

أوفوا يالتزاماتكم صونوا الوطن

سوف أحكي لربي على كل شيء

ماذا فعلتم بأخي محمد

رائد مقدم

مواطن مصري الجنسية

إعلان

إعلان

إعلان