إعلان

وجهة نظر: نزعة ترامب القومية نذير خطر على العالم

دونالد ترامب

وجهة نظر: نزعة ترامب القومية نذير خطر على العالم

04:52 م الأربعاء 10 أغسطس 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لندن (بي بي سي)

في خطابه الأخير كشف دونالد ترامب، المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية، عن ملامح مشروعه السياسي والاقتصادي للولايات المتحدة. في تعليقها ترى إينس بول أن تصورات ترامب لدور أمريكا الاقتصادي والسياسي تبدو مقلقة للعالم أجمع.

مشروع دونالد ترامب السياسي بسيط، لكنه خطير فعلاً. ظاهرياً يتعلق الأمر في كلمته الافتتاحية كمرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية بالاقتصاد والضرائب، وتكاليف رعاية الأطفال، والوظائف، وطبعاً حول الكيفية التي يمكن من خلالها لأمريكا أن تستعيد عظمتها.

لكن جوهر خطابه يحمل تصوراً للولايات المتحدة. وفي حال أصبح واقعاً فمن شأنه أن يدمر النظام العالمي الحالي. فدونالد ترامب يكشف عن رؤية لبلاده تُعفي الولايات المتحدة من الالتزامات إزاء حفائها، ولا يُهتم فيها إلا بالاتفاقيات التجارية التي تقدم مصالح الولايات المتحدة. ولا يوجد في هذه الرؤية دور لحماية البيئة، كما تُلغى فيها كل القواعد التي تعيق الطريق أمام الشركات الأمريكية والمواطنين الأمريكيين لجني المال.

الاكتفاء الذاتي والانعزال بدل العولمة

انطلاقاً من تصور ترامب فالأمر يتعلق ببلد يريد وضع نفسه في المرتبة الأولى بأي ثمن. وبهذا يكون ترامب قد طور تصوراً انعزالياً لنظام اقتصادي، هو ما يتناقض في نهاية المطاف مع حاضر أمريكا تماماً: الاستقلال الاقتصادي والانعزال بدل العولمة. ويستند هذا التصور إلى فكرة أن الولايات المتحدة كبيرة وقوية بما فيه الكفاية، بما يؤهلها للعيش بعيداً عن أي تحالفات، اقتصادية كانت أم عسكرية. والعقاب - إن لم يكن الدمار - سيكون مصير كل من يقف حيال ذلك.

خلال الأسابيع القليلة الأخيرة فقدَ دونالد ترامب الكثير من النقاط أمام منافسته من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون. وتمكنت كلينتون منذ آخر مؤتمر حزبي للديمقراطيين من استغلال أخطاء ترامب لتجاوزه بفارق كبير وصل إلى عشر نقاط مئوية، بعد أن كانا متقاربين في النقاط لفترة طويلة. ولهذا السبب فخطاب ترامب في مدينة ديترويت كان مهماً له، إذ لم يكن عليه فقط أن يقنع الأمريكيين بمحتوى برنامجه، بل أيضاً أن يثبت قدرته على التصرف كما يليق برئيس دولة.

ترامب يتجاوز موجات الغضب بسبب زلاته

وهو ما يتقنه فعلاً رجل الأعمال ترامب الذي أغضب مراراً الكثيرين في الأشهر الأخيرة وحتى الجمهوريين المتشددين بسبب زلاته على تويتر في المقام الأول، إلا أنه نجح في الأخير في تجاوز الأمر بشكل جيد. ورغم بعض الاحتجاجات المتضافرة التي أوقفت خطابه أربعة عشر مرة، إلا أنه حافظ على هدوئه، وواصل قراءة خطابه على الشاشة ملتزماً بالتوجيهات.

لكن الكثير من الجمهوريين في قيادة الحزب يختلفون تماماً مع تصوراته بشأن السياستين الخارجية والاقتصادية، وخصوصاً من المقتنعين بحلف شمال الأطلسي واتفاقيات التجارة الحرة.

ودونالد ترامب هو الوحيد الذي لا يسمع إلى أصوات العقل هذا. وعلى العكس من ذلك، فقد أظهر أنه غير مستعد للابتعاد قيد أنملة عن أفكاره القومية المتطرفة رغم الخسارة الكبيرة في أصوات الناخبين.

الاعتماد على قابلية الشعب للاستقطاب

يعرف ترامب أنه لا يمكن لأي أحد أن ينتزع منه الترشيح للانتخابات الرئاسية باسم الحزب الجمهوري، ولهذا السبب فهو يعتمد الآن على قابلية الشعب للاستقطاب، وهو الأمر الذي يفعله ببراعة من خلال إذكاء المخاوف المستقبلية، وتقديم نفسه كمنقذ يعطي للأمريكيين حلاً قوياً وبسيطاً كالتالي: إذا وضعنا بلدنا بشكل دائم وفي كل مكان في المرتبة الأولى، فكل شيء سيكون مرة أخرى على ما يرام.

من المؤكد أن هذا الخطاب يتسبب في عدم ارتياح عالمي. ليس فقط لأن ترامب أكد من جديد أنه يعرف كيف يستغل مواضيع معقدة مثل الضرائب كدعاية لتصوراته القومية المتطرفة لأمريكا، ولكن أيضاً لأنه أُعجب بتقمص دوره الجديد كرئيس. فتصريحه بأنه كان على وشك أن يستسلم بعيد عن الحقيقة.

ترامب قد يكون لاعباً، لكنه أيضاً محارب يريد بكل تأكيد الفوز. فهذا الرجل يريد السلطة، ويريد أيضاً الاستفادة منها.

إعلان