إعلان

وجهة نظر: فكأنما استباح الناس جميعاً

فتحي سليمان

وجهة نظر: فكأنما استباح الناس جميعاً

03:48 م الخميس 28 أبريل 2016

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – فتحي سليمان:
خمسة أعوام وثلاثة شهور وبضع ساعات انقضت منذ أن انطلقت الشرارة الأولى للانتفاضة الشعبية التي تحولت إلى ثورة عارمة سرت بجميع مفاصل الدولة سرعان ما انطفأ لهيبها وتمزقت أوتارها وانفلت عقدها وأضحى نارها رماداً بفضل ثلة من الأغبياء والحمقى، وخرج من حبس وعاد من ظلم وُبرئ من اُتهم وجرى ما حدث وأصبح الهم الوحيد لكثيرين الآن إنقاذ الوطن وسمعته.

غير أني كالباقين أرى إخراجاً رديئاً لمشاهد كثيرة عبثية وبعض "العك" المأساوي دون وضع حد أدنى لاحترام ما تم الاتفاق عليه بالأمس القريب، ليس لدي معلومات تفصيلية عن خيوط اللعبة، لكن القاعدة  الدينية والعرقية  تقول "الجسد الصحيح  إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء" و "أن العود مربوطٌ في حزمته ضعيف حين ينفرط" وانفلات حبات العقد الاجتماعي واستباحة فصائل المجتمع بتلك الطريقة ضرب من الجنون – تستلزم خطة إنقاذ عبقرية من أهل الحل والتدبير .

ليست فقط أزمة بعض أمناء الشرطة وحدهم ولا الضباط دون غيرهم أو القضاة والأطباء والإعلاميين وغيرها من شرائح مجتمع بات يمارس بكل ضراوة عمليات طعن في ظهره بممارسات أكثر وحشية وبات بعضها يناصب العداء أشد ضراوة من الحيوانات المفترسة، تستبيح وتستحل وتصنع مزيدا من التبريرات لكل ما هو غريب ومريب ومشين في حق الوطن والمجتمع قبل ساكنيه تحت شعار – من أمن العقاب اساء الأدب.

المشكلة لم تكن فئوية والأزمة ليست في شريحة ذاتها - رغم إظهارها بشكل كبير في دولة أمناء الشرطة – لكنها في جسد متمزق ومجتمع فقد صوابه أصبح الجميع فيه يمارس نفوذه وسلطاته و"يفرد" القوي عضلاته على الضعيف وينتهك كل ما لديه دون رحمة أو رخصة، الطبيب يستغل جيب المريض دون أن يؤدي له الحد الأدنى من الخدمة الصحية، أمين الشرطة يغتصب جيب السائق والمتهم والمشتبه فيه.. ودمه إن رفض، والضابط يستحل أموال تاجر المخدرات، والقاضي غلت يده بتحريات كاذبة وملفقة وقوانين عفى عليها الزمن، ودولة العدل ترهلت، والإعلامي أصبح لا يجيد مهنة سوى الرقص و "الردح" على أخطاء كل هؤلاء دون أدنى رؤية لمهنية التقويم والتصحيح والتثقيف والتوعية.

على مدار الخمسة أعوام الماضية نزف المصريون شلالات دماء آلاف الضحايا في شتى البقاع من سيناء شرقاً حتى مطروح في الغرب ومن الإسكندرية شمالاً حتي حلايب وشلاتين جنوباً ولا توجد أسرة أو عائلة أو قرية إلا وكان لها نصيب من الحزن والألم والفقد في عزيز لديها، لم يعد هناك طاقة للوجع ولم يتبقى في القلب موضع للألم، فلم يعد من الحل بدُ سوى تضميد الجرح الغائر.

البعض يتساءل هل الصورة سوداء إلى هذا الحد؟! وهل الأزمة سياسية أم ثقافية؟ وهل هناك مؤامرة حقيقية أم أن التآمر شماعة لتبرير الأخطاء؟ ومتي المخرج وكيف الملجأ ومن يملك خيوط اللعبة ومن يخرجها ومتى نستريح من كل هذا العناء؟!

هل المشهد سيئ إلي هذا الدرك الأسفل من القتامة، وهل وصل  ملمحها إلي درجة لا متناهية من الرمادي؟ ما العمل ومتي الخلاص وكيف الحل للوصول إلي لوحة مبهجة مضيئة تمتلئ بخيوط الحب والتسامح والسلام.

"ولكن لا تحبون الناصحين".. هل سيظل هذا الشعار مرفوعاً  فوق رأس الوطن؟ ومن يستأصل مرض الغرور من الجسد العفي؟ متي يتنازل النظام ومعارضيه عن صك الاستقامة ومى ينزل الجمهور اليافع أرض الملعب لتسجيل النقاط.

أنا أحد هؤلاء الباحثين عن الأمل، وحلمي أن أرى ضمير العقلاء يفيق، ويستيقظ كبار الوطن ومثقفيه والاجتماعيون فيه للعمل على حلحلة أزماته ولملمة بقاياه فالمسئولية مجتمعية وبأن التاريخ لا يرحم أحدا، وكل المهللين والراقصين والعازفين على أوتار الدماء والمبررين لسفكها وأزمات المجتمع المترهلة سيلقون نفس مصير الخائنين والبائعين والقابضين ثمنا بخث _ الأشخاص زائلون والوطن باقي.

من يملك الإجابات الصحيحة لديه وطن .....!

إعلان