إعلان

وجهة نظر: الإرهاب يستهدفنا جميعا

راينر زوليش: خبير وصحفي ألماني متخصص في شؤون العال

وجهة نظر: الإرهاب يستهدفنا جميعا

06:59 م السبت 27 يونيو 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - راينر زوليش*

قبيل الذكرى السنوية الأولى لتأسيس ما يسمى ''دولة الخلافة'' ضربت موجة إرهابية عدة دول في يوم واحد. مسألة تثير أسئلة محرجة خصوصا للدول الغربية، حسب ما يرى راينر زوليش في تعليقه.

قتلى في فندق سياحي في تونس، قتلى في مسجد شيعي بالكويت، قتلى في هجوم في الصومال، وتفجير وحز رقبة أحد المدنيين في فرنسا. أربعة أخبار مرعبة في يوم واحد، لم نضف إليها أعداد ضحايا الإرهاب والعنف اليومي في سوريا والعراق ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط.

الإرهاب يتفاقم، وينتقل إلى بلدان كان من النادر حتى الآن أن تكون هدفا لهجمات العنف. بلدان مثل تونس، التي تحاول بمشقة إيجاد سبيل للاستقرار، بالمزج بين الإسلاميين المعتدلين وبين القوى العلمانية. وكان الهجوم الذي وقع من قبل على المتحف الوطني بباردو في تونس هو بكل وضوح محاولة لإفشال هذا النموذج، ونثر بذور الفوضى. ومن الواضح أن هذا هو الهدف نفسه للهجوم الذي وقع اليوم على الفندق في سوسة. علاوة على أن الهجوم يوجه ضربة شديدة لقطاع السياحة الحيوي من الناحية الاقتصادية بالنسبة لتونس. والسؤال عمن يقف وراءه يبقى مسألة ثانوية، سواء كانت ''الدولة الإسلامية'' أو مقلدا لها أو جماعات ''جهادية'' أخرى مثل تنظيم القاعدة، أما هدفه الواضح فهو منع تحقيق نموذج ممكن لديمقراطية فاعلة ومجتمع مدني في العالم الإسلامي. وكالعادة في مثل هذه الهجمات، التي يُزْعَم تنفيذٌها باسم الإسلام، يكون معظم الضحايا من المسلمين.

أغلب الضحايا هم من المسلمين

 

لكن الدول الغربية يجري استهدافها أيضا بشكل متزايد. ففرنسا تتعرض الآن للإرهاب للمرة الثانية وبحجم كبير. فقبل حوالي ستة أشهر فقط تعرضت هيئة تحرير مجلة ''شارلي إبدو'' الساخرة لهجوم من قبل إرهابيين. ومنذ ذلك الوقت وقعت هجمات قاتلة بخلفية إسلامية في بلدان أوروبية أخرى. وقال وزير الداخلية الألمانية توماس دي ميزير لمواطنيه بكل صراحة إنه لا يمكنه أن ''يضمن'' أن تبقى ألمانيا بمنأى عن الهجمات الإرهابية. وهذه هي الحقيقة المحزنة، فالإرهاب يمكن أن يضرب أي شخص منا، في البلدان العربية وكذلك في أوروبا أو أمريكا أو أفريقيا أو آسيا.

توجيه نصائح جيدة في ظل الوضع الراهن قد يبدو نوعا من العجرفة، بيد أنّ مقاتلي ''الدولة الإسلامية'' أو ''الجهاديين'' الآخرين لا يمكن هزيمتهم بين عشية وضحاها، سواء في مناطقهم الأصلية أو في مناطق أخرى من العالم، لأنهم منظمون بشكل جيد جيدا: عسكريا ولوجستيا، وكذلك في ساحة المعركة الحديثة في ''تويتر'' ومواقع الدعاية في الانترنت.

كما أنّ لفتات التضامن مع البلدان المتضررة من الهجمات ليست كافية، ومن يرد محاربة الإرهاب بفعالية، عليه أن يعمل بشكل أكبر ضد الفقر والقمع في العالم العربي. كما أننا بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد لمنع أعداد متزايدة من الشباب- حتى في أوروبا- من الانجذاب لمغريات الدعاية (البروباغاندا) المادية للجهاديين. وربما، لأجل مصلحتنا الأمنية، سيكون من الصعب ألا نقوم بتشديد الإجراءات الأمنية، رغم أنها مسألة لا تحظى بشعبية ولا توفر حماية مطلقة من التعرض الهجمات.

حرفية مخيفة

ومع ذلك، يجب توجيه السؤال بشكل نقدي عما إذا كان من الممكن فعلا الانتصار في المعركة العسكرية ضد ''الدولة الإسلامية'' في سوريا والعراق من خلال ضربات جوية وتقديم دعم عسكري لقوات برية محلية منتقاة فقط.

لقد مر عام على إعلان قيام ''الدولة الإسلامية'' أو ما يسمى بـ''دولة الخلافة''. وعلى ما يبدو حتى الآن، فإن هذه ''الدولة'' لن تختفي قريبا، رغم تكرار ''أخبار النجاحات'' الأميركية المتقطعة. ولا تكاد ''الدولة الإسلامية'' تقع في موقف دفاعي، حتى تنسحب، وتوجه لاحقا ضربات في مكان آخر. نحن لا نواجه فقط متعصبين مضللين، وإنما نواجه أيضا، مع الأسف، عسكريين محترفين.

علاوة على ذلك يجب طرح سؤال أيضا حول ما إذا كنا، نحن الغرب، نتعاون مع الشركاء المناسبين فعلا في العالم العربي أم لا؟ فالمملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، تركت لفترات طويلة، وعن طيب خاطر، ''الجهاديين'' (يسافرون) لسوريا. وعلى مدار سنوات طويلة لم يجر منع تدفق أموال من السعودية ودول الخليج الأخرى إلى الجماعات ''الجهادية''. كما أنها من خلال حرب اليمن وصراعها مع إيران من أجل سيطرة دائمة، تمارس سياسة تزيد من تأجيج الخلافات بين السنة والشيعة، وبالتالي تغذي مباشرة الدعاية الإرهابية. وهنا أيضا لا يوجد حل سهل، لكن يجب أخيرا أن يتم الحديث- على الأقل- بشكل صريح لا لبس فيه.

*راينر زوليش: خبير وصحفي ألماني متخصص في شؤون العالم العربي.

إعلان