إعلان

وجهة نظر: أرفض القفص حتى إن كان مغلفا باللون البينك

الدكتورة إيمان بيبرس

وجهة نظر: أرفض القفص حتى إن كان مغلفا باللون البينك

04:31 م الثلاثاء 23 يونيو 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - الدكتورة إيمان بيبرس*

بالطبع معظمنا إن لم يكن جميعنا تابع مشروع "التاكسي البينك" والذي بدأ تطبيقه منذ أيام بالفعل، وهو مشروع نفذته إحدى الشركات حيث أطلقت مجموعة من التاكسيات الملونة باللون الوردي "البينك" تسوقها سيدات، ومخصص للسيدات فقط.

ووجدت معظم النساء والإعلام متحمس للفكرة، وأعتقد أن معظم القراء يعتقدون بما أنني مناصرة للمرأة سأتحمس للفكرة أيضاً ولكن يؤسفني أن أخيب ظنكم جميعاً، نعم أنا ضد فكرة تاكسي للنساء فقط، وأعلم أن كثيرين سينتقدونني ومن بينهم النساء والفتيات اللواتي تحمسن للفكرة.

ولكن دعونا نتناقش رويداً، هل تخصيص عربات في المترو أوقف التحرش ضد الفتيات والسيدات، بالطبع لا وجميعنا يعرف ذلك ويراه أمام أعينه يومياً فالرجال يتحرشون بالفتيات على أبواب المترو وعلى سلالم المترو وحتى داخل العربات المخصصة للسيدات يدخل بعض الرجال ليجلسوا عنوه فيها، وقد رصدت جمعية نهوض وتنمية المرأة التي أتشرف برئاسة مجلس إدارتها العديد من حالات التحرش التي تحدث داخل مترو الأنفاق، وهذا يعني أن وجود سيارات مخصصة للسيدات لم يحمي السيدات من التحرش بل على العكس.

وإذا أستسلمنا لفكرة وجود تاكسي للسيدات سنتحول بعد قليل جداً إلى نموذج من السعودية وسنجد الموضوع أصبح يتفشى في كل القطاعات، فاليوم عزلنا السيدات في وسائل المواصلات وغداً سوف نعزلهم في العمل فيكون هناك مكاتب للسيدات ومكاتب للرجال بدعوى حمايتهم من التحرش في العمل، وبعدها نقسم الأسواق التجارية والمولات لأوقات للسيدات وأوقات للرجال ويصبح ممنوعاً على المرأة أن تذهب للتسوق إلا في الأيام المخصصة للسيدات، ثم سنمنع السيدات من سواقة السيارات بمفردهن، وبعدها سنمنعهن من السواقة تماماً خوفاً عليهن من التحرش والخطف، وهكذا حتى نجد أنفسنا قد حبسنا المرأة في قفص كبير تحت عنوان "للنساء فقط" بدعوى حمايتهن.

وأنا أرفض هذا القفص تماماً فليس من المنطقي أن في الوقت الذي تحاول فيه السيدات في السعودية التحرر من هذه القيود نذهب نحن بأنفسنا إلى هذه القيود ونقيد بها أنفسنا، أرجو من جميع نساء مصر أن يستوعبن الدرس مبكراً فأنا لا أعلم القائمين على تاكسي السيدات ولكنه أعاد إلى ذاكرتي طلبات الجماعة الإرهابية بفصل السيدات عن الرجال في العمل، وفي هذا الوقت حاربنا هذه الفكرة ورفضنا إعادتنا إلى عصور الظلام والجاهلية فنجد أنفسنا عدنا إلى تفس الفكرة مرة أخرى الآن بعد أن قلنا أنه ولت عصور الظلام وأن المرأة المصرية عادت لتحتل مكانتها الطبيعية مره أخرى.

فإذا كنا نريد بالفعل أن نحمي المرأة المصرية علينا بتفعيل القانون وتطبيقه بكل حزم فنحن لدينا قانون يجرم التحرش وتصل عقوبة المتحرش بالسجن لمدة تترواح ما بين 6 أشهر إلى 5 سنوات بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصري.

فإذا ما تم تطبيق هذا القانون على كل متحرش تأكدوا أننا لن نحتاج إلى تاكسي بينك أو غيره وستستطيع النساء والفتيات أن يسرن بأمان وحرية تامة، فالحل ليس في حبس النساء ولكن الحل في معاقبة كل من تسول له نفسه في أن يتحرش بفتاه سواء لفظياً أو جسدياً.

هذا هو الحل الحقيقي يا سادة ، فلا يمكن أن تكون حلولنا دائماً نابعة من فكر ذكوري يلقي باللوم على المرأة، فهذا قلب للحقائق فالحقيقة أن المرأة لا تحتاج لأن تفكر في حلول للتحرش فهي ضحية بل أن الدولة هي من تحتاج لتفكر في حل من خلال تطبيق القانون ومن خلال معالجة الأسباب الحقيقية للتحرش والتي نراها يومياً على شاشات الفضائيات والسينمات ، فكروا يا سادة في حلول للمشاكل النفسية لدى المتحرشين ولا تفكروا في حبس الضحية.

أنا أسفه أيها السيدات والسادة أنا أرفض عزل المرأة في قفص حتى وإن كان مغلف باللون البينك.

*الدكتورة إيمان بيبرس، رئيسة مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة وخبيرة دولية في السياسة الاجتماعية وقضايا المرأة والتنمية.

إعلان