إعلان

وجهة نظر: ماهو المطلوب من مؤتمر القاهرة القادم؟

الدكتور حبيب حداد

وجهة نظر: ماهو المطلوب من مؤتمر القاهرة القادم؟

11:01 م الجمعة 29 مايو 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - الدكتور حبيب حداد*:

أربع سنوات، معمدة بالدماء والتضحيات الجسام ، انقضت حتى الآن والثورة السورية تواجه أخطر التحيات الذاتية والخارجية التي ادت الى حرفها عن مسارها الصحيح بعد أن أسهمت جميعها في تفجير الاطار الوطني الاجتماعي لهذه الثورة الذي تميز به الحراك الشعبي في سنته الأولى، ولتصبح سورية ساحة صراعات اهلية ومذهبية مدمرة تشترك فيها العديد من القوى والأطراف الإقليمية والدولية.

أربع سنوات انقضت حتى الآن وكان المنتظر من المجموعات والتشكيلات السورية المعارضة سواء في الداخل أم في الخارج، وخاصة معارضات الخارج وعلى رأسها الإئتلاف الوطني وحكومته المؤقتة .. أن تقف أمام شعبها وبوحي من مسؤوليتها الوطنية وقفة مراجعة جادة لتتبين طبيعة الدور الذي اضطلعت به للتخفيف من معاناة شعبها وحصيلة ماقامت به حتى الآن ،هذه النتيجة كما يعترف بذلك الائتلافيون انفسهم والتي كانت سلبية على كافة الأصعدة فيما يتعلق بمهمات هذا الإئتلاف. والمفارقة المؤلمة أن الإئتلاف الذي ورث كل عاهات وتناقضات سلفه المجلس الوطني، والذي لم يخط خطوة عملية جادة منذ تأسيسه لتصحيح أوضاعه وتحرير القرار الوطني المستقل، واصل خطابه المعهود بمناسبة وبغير مناسبة بانه الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري وثورته، وفي اطار هذه النظرة الشمولية الفوقية ظل الائتلافيون يتعاملون مع اهم واخطر مقومات انتصار الثورة ألا وهو السعي الجاد والواعي والمخلص لتوحيد عمل كل أطراف الحركة الوطنية الديمقراطية السورية .

نداء الشعب السوري لوقف نزيف أبنائه، وتدمير تاريخه وحضارته وتفجيروحدته الوطنيه، وتلبية مطالبه في الحرية والكرامة والمساواة ظل في واد ومواقف وممارسات المعارضات الخارجية التي ادعت تمثيله والنطق باسمه ظلت في واد آخر ،لتتواصل مأساة الشعب السوري الذي كان ومايزال الضحية الأولى لقطبي الرحى: نظام الاستبداد والقهر والفساد الذي هيأت سياساته واساليبه الوحشية الاجرامية المناخ الملائم ،والمجموعات الارهابية التكفيرية التي اغتالت مشروع الثورة السورية ،ووجهت طعنة غادرة لتاريخ سورية وهويتها الحضارية ولرسالة الإسلام دين الرحمة والعدالة والسلام .

ومع الأسف وكما هي العادة في اوساط المعارضات السورية وخاصة بعض معارضات الخارج والجهات التي تقف وراءها وتحركها وخاصة الائتلاف الوطني، فقد كان مؤتمر القاهرة خلال الفترة الأخيرة هدفا لحملة شائنة وخطاب هجومي عدائي يتنافى مع ابسط قواعد المنطق والمنهج الموضوعي في تقييم الوقائع والتعرف على حقائق الأمور قبل الحكم عليها، فالبعض نظر اليه على انه مبادرة لتشكيل كيان معارض جديد بديل عن الإئتلأف ولهذا قام باستنفار كل مافي جعبته من امكانات وعلاقات وتحالفاته لتعطيل انعقاد هذا المؤتمر والغائه من الأساس ؟؟؟ والبعض رأى فيه تعارضا مع مؤتمر الرياض الذي يتحدثون عنه وكأنهم يعلمون الشيئ الكثير عن هذا المؤتمر، ماهي غاياته واهدافه والجهات المشرفة عليه ولم يوضحوا لنا كيف يتعارض مؤتمر القاهرة مع الصورة التي يحملونا لمؤتمر الرياض الذي لم يكشف الستار بعد عن طبيعتهم ؟؟؟ أما غيرهم الذين استمرأوا على الدوام مواقف التشكيك وانتهاج الاساليب البوليسية في تقييم الأحداث فقد رأوا ان مؤتمر القاهرة بمجرد استضافته في ارض الكنانة انما جاء ليخدم اساسا أجندة حكومة جمهورية مصر العربية ؟؟؟ وكأن هؤلاء لا يريدون أو يضيرهم أن يضطلع الشعب المصري بمسؤولياته القومية وخاصة تجاه شقيقه الشعب السوري ؟؟؟

اننا نعتقد ان مؤتمر القاهرة. اذا ماتكللت أعماله بالنجاح، سيكون خطوة متقدمة لواقع المعارضات السورية الراهن على طريق انقاذ سورية من محنتها الدامية وتحقيق تطلعات شعبها في التغيير الديمقراطي الحقيقي لأنه قبل ذلك سيكون المحطة النوعية الهامة في المسار المطلوب لتوحيد برنامج وعمل المعارضة الوطنية الديمقراطية السورية من خلال المؤتمر الوطني السوري العام الذي نأمل ان يكون المحطة القادمة في هذا المسار،ولأنه من جهة أخرى سيضع ولأول مرة الوثائق التي تحدد مهمات خارطة الطريق نحو التحول الديمقراطي وكذلك الميثاق الوطني الذي يجسد ارادة شعب سورية في بناء مستقبله وتاكيد هويته ورسالته الحضارية الانسانية .

هذا الهدف اي وحدة العمل الوطني الديمراطي هو ماتبنيناه نحن في الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية ودعونا لانجازه منذ تأسيس الكتلة قبل ثلاث سنوات ضمن مساعينا وجهودنا الدائبة والمتواضعة بالتعاون مع القوى الوطنية التي تشاركنا هذا الهدف .اننا في الكتلة نريد لمؤتمر القاهرة سواء بمناقشاته او نتائجه ومخرجاته ان يمثل روحا جديدة وخطابا وطنيا جامعا واسلوبا واقعيا يعيد الى الشعب السوري ،الذي خاب امله بكل المؤتمرات والتشكيلات التي توالدت خلال الأعوام الماضية ، ثقته بنفسه ويحررارادته باعتباره المسؤول الاول عن انقاذ وطنه وصنع غده قبل الاعتماد الكلي على العون والمساندة الخارجية .

نأمل من جميع الأخوة الذين سيشاركون في مؤتمر القاهرة ان لا تغيب عنهم اهمية هذا المؤتمر وحراجة الظروف التي ينعقد فيها والتي تمر بها المسألة السورية الآن. وان تتظافر جهودهم واراداتهم المخلصة لانجاح هذا المؤتمر وتحقيق ماهو مطلوب منه. اذا نجح مؤتمر القاهرة في تحقيق ما ينتظرمنه، فان لجميع الأخوة المشاركين فيه أجران، وان أخفق هذا المؤتمر في تحقيق هذه الغاية وهو ما لا يتمناه كل وطني مخلص، فقد كان للمشاركين فيه أجر المبادرة في محاولة تصويب بوصلة الخلاص للمأساة السورية في خضم أمواجها المتلاطمة وعواصفها المهددة.

*وزير سابق وشخصية وطنية سورية، شارك في الاجتماع التحضيري لمؤتمر المعارضة السورية في القاهرة.

إعلان