إعلان

محمد رسول الله.. القائد والقدوة

لواء دكتور محسن الفحام

محمد رسول الله.. القائد والقدوة

01:22 م الجمعة 26 ديسمبر 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم لواء دكتور - محسن الفحام:

كنت ضيفاً في أحد اللقاءات الاذاعية حيث تلقيت مداخلة من أحد المستمعين يتحدث فيها عن القيادة ومفهومها وعن القيادات ذات الأيدي المرتعشة التي تصدر القرارات ثم تتراجع عنها، بل واحياناً تنفي انها أصدرتها اصلاً ..ويطالب بضرورة إيجاد صيغة لتقييم تلك القيادات في كافة المواقع التي تعمل بها واستبعاد هؤلاء المرتعشين ..فالمرحلة لا تحتمل انصاف القيادات ممن يمسكون العصا من منتصفها بل تحتاج إلي قرارات حاسمة وحازمة تساعد القيادة السياسية على العبور من تلك المرحلة الصعبة إلي مرحلة اخرى أكثر أماناً و سلاماً و استقراراً امنياً و سياسياً و اقتصادياً.

ولا أدري ما الذي جعلني وانا استمع لتلك المداخلة أن أعود بالذاكرة إلي كتاب كنت قد قرأته منذ فترة طويلة بعنوان ''الخالدون مائة اعظمهم محمد'' وضعه كاتب يهودي الديانة أمريكي الجنسية يدعى مايكل هارت عام 1978 جاء فيه ''إن اختياري محمداً ليكون أهم وأعظم رجال التاريخ لأنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي حقق أعلى النجاحات و النتائج على المستويين الديني والدنيوي، فهناك رسل وانبياء وقيادات بدأوا رسالات عظيمة و لكنهم لم يكملوها .. إما لوفاتهم كالمسيح في المسيحية او ان البعض سبقهم في الدعوة كموسى في اليهودية و لكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية و تحددت احكامها، وأمنت به شعوباً بأسرها في حياته، ولأنه اقام إلي جانب الدين دولة جديدة حيث وحد القبائل المتناثرة إلي شعب واحد، والشعوب المتباعدة إلي أمة واحدة، ووضع لها كل أسس نجاحها، ورسم أمور ديناها ووضعها موضع الانطلاق إلي العالم بأسره في حياته وقبل وفاته..لقد كان محمداً قائداً سياسياً و عسكرياً و دينياً ...اتخذ قرارات مصيرية، خاض من أجل رسالته الحروب حيث انتصر و انكسر و لكنه لم يتراجع و لم يرتعش و كان صاحب قرار و صاحب موقف إلي ان عم الدين الإسلامي ربوع الدنيا باسرها).

استرجعت تلك المواقف و القرارات التي اتخذها محمد رسول الله ''صلي الله عليه وسلم'' و التي غيرت مجرى التاريخ في الدين والدنيا ،فها هو يجاهر بالدعوة و يتحمل في سبيل ذلك ما تعرض له من مصاعب وأهوال ، وها هو يأخذ قراره بالهجرة إلي المدينة ثم بقتال الكفار والمشركين و اليهود ثم بإرسال البعثات إلي خارج المدينة لنشر الاسلام في ربوع الأرض ، ويبدأ في اعقاب ذلك بوضع الاسس السياسية لقيادة الأمة الاسلامية فيأخذ بمبدأ الشورى و يؤسس لمبادئ العدالة الاجتماعية و المساواة و حقوق الانسان و إحترام عقائد الأخرين..كان احلم الناس و اشجعهم و أبعدهم غضباً و اسرعهم رضاً..لم يكن يأخذ قراراً و هو غاضب أو متسرع حتي لا يتراجع فيه و تكون سنة لمن يأتي بعده في قيادة الامة الاسلامية.

هكذا تكون القيادة...وهكذا تكون القدوة ...و لنا في رسول الله اسوة حسنة.

الأن فلننظر إلي بعض القيادات التي تتولى العديد من المواقع الهامة في الدولة، يديرون العمل بأداء روتيني متمسكين بأهداب تلك المواقع حتي بلوغهم سن التقاعد ... دون أي ابتكار أو مبادرة أو تطوير فهو موظف بدرجة مدير و ليس قائد ... نحن نحتاج لقيادات قوية واعية جريئة تواكب التحولات السياسية و الاقتصادية و الأمنية التي تشهدها البلاد...قيادات تعرف كيف و متى تتخذ القرار و لا تتراجع عنه..فالقائد هو القدوة فلابد ان تتوافر فيه الثقافة و العلم و الثقة و الطموح و الخبرة و القدرة على حسم الأمور والاقناع و الابداع و الذكاء والمهارة ، لأن ذلك كله سوف يسهم بدرجة كبيرة في تشجيع مرؤوسيه على العمل و الاخلاص فيه و مواجهة أي ظروف صعبة طالما كان هناك اقناع واقتناع بقادتهم.

ولعله من الانصاف أن نذكر بعض القادة الذين كان لهم دوراً حيوياً ومؤثراً في تاريخ هذا الوطن؛ فها هو الرئيس جمال عبد الناصر يأخذ قرار القيام بثورة 23 يوليو و ما تبعها من قرارات كان بعضها له اثر ايجابي و الاخر سلبي ولكنها قرارات صدرت من قائد تحمل مسئولية تلك الايجابيات وهذه السلبيات...ثم جاء الرئيس السادات واتخذ قرار الحرب عام 1973 و تحمل مسئولية قراره و تبعات الخسارة اذا وقعت و نجح في معركة العبور وانتقل بالدولة إلي مرحلة جديدة من مراحلها ايضاً بايجابيتها وسلبياتها..واخيراً جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي ليأخذ قرار الانحياز للشعب في ثورة 30 يونيو، وتحمل مخاطر فشل تلك الثورة و ما كان سوف يحدث له شخصياً حال فشلها.. هذه النماذج من القادة هي فيض من غيض لهم ما لهم و عليهم ما عليهم .. المهم انهم أخذوا القرار وحاربوا من أجله ولم يتراجعوا عنه و تحملوا نتائجه الإيجابية والسلبية.

القيادة يا سادة موهبة وعلم ودراسة وطموح و قدرة ...نريد قيادات جريئة ..تعمل لهذا الوطن .. تسعى لرفعة شأنه وعلو مكانته بين الامم.

المهم انني ما أن أجبت على تلك المداخلة بما رأيته من وجهة نظري و بعدما استرجعت مواقف رسولنا الكريم في قيادته للأمة الاسلامية حتي اكتشفت دون أن ادري او أقصد اننا سوف نحتفل بعد ايام قليلة بذكرى مولد الحبيب المصطفي صلي الله عليه و سلم.. ولا أخفي عليكم انني تفاءلت كثيراً بما ذكرته خلال هذا اللقاء عنه و عن انتصاراته و فتوحاته و العبور بالأمة من غيابات الجهل إلي نور الإيمان والإسلام و تولد لدي شعور قوي اننا بأذن الله سوف نعبر بوطننا إلي بر الأمان و سوف يعود الأمن و الاستقرار و الرخاء إلي ربوع هذا الوطن.

اللهم صلي و سلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله فأنت قائدنا ... وقدوتنا وكل عام ومصرنا بخير .

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان