إعلان

شريعة الانتقام..!

المتظاهرين الاسلاميين

شريعة الانتقام..!

09:20 ص الأحد 23 نوفمبر 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - محمد أحمد فؤاد:

شر الأمور أن تفرض علينا أقدارنا قسراً شريعة الانتقام البغيضة لتقودنا من حسرة إلى أخرى، والأسوأ أن يأتي هذا على حساب إنسانيتنا وعلاقاتنا داخل مجتمع يكافح بضراوة عدو متربص وشرس ومتعدد الوجوه..! ليس هكذا تستقيم الأمور، وبدون حسابات متزنة وتخطيط سليم ربما سيزداد الأمر تعقيداً، وقد يدفع بنا هذا إلى مزيد من الخسائر والتضحيات..

افتضح أمر أقطاب الفكر المتطرف خلال السنوات الأخيرة، وقد أظهر كل منهم ما في جعبته من مخططات ومكائد لم تكن تهدف في أي وقت إلى صناعة وطن أو التأسيس لدولة مدنية قائمة على القانون والعدالة وتحترم الحريات، وربما يعد بذل المزيد من المحاولات لتفسير اتجاهاتهم ودوافعهم إهداراً للوقت.. فهؤلاء وصلوا إلى مرحلة العجز العقلي التام عن استيعاب الحقائق، ولهذا تجدهم قد اعتزلوا الواقع والواقعية، وها هم يحولون ما بداخلهم من قلق هيستيري على مستقبلهم إلى أنماط متعددة من العنف التدميري الآخذ في التطور، وربما كانت دعوتهم للخروج ورفع المصاحف هي البطاقة الأخيرة التي يملكوها قبل السقوط المدوي والنهاية المحتومة..

مصر دولة ذات حضارة تراكمية عريقة، وقد مرت على مدار التاريخ بخبرات متعددة في مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة بأنواعها، ولا أظنها قد عدمت الخبرة في كيفية مواجهة هذه الحالة الشاذة تماماً عن طبيعة مجتمعنا.. أدهشتني تلك الحالة من التخبط والعدائية التي يتحدث بها معظم خبراء الأمن من محترفي الظهور الإعلامي عند تناول قضايا التطرف والإرهاب، في الوقت الذي أجد أنه لزاماً عليهم في تلك المرحلة استخدام لغة خطاب أكثر احترافية وتعقل، تهدف لبث الطمأنينة لدى رجل الشارع العادي وتهذب من سلوكياته، وترفع من درجة انتباهه للأخطار المحدقة به، وتعفيه من سوء التصرف في حالات الطوارئ، وبالطبع لا لتدفعه إلى التهور أو تقمص روح الانتقام دون دراية أو معرفة كافية بما يجب عمله للتخلص من هاجس الوهم الذي يحاول هؤلاء المرتزقة الإتجار به وبثه داخل المجتمع من خلال عملياتهم القذرة التي تستهدف فقط زعزعة الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة بالكامل، خاصة القوات المسلحة..

المشاعر الانتقامية ولغة التهديد التي تطغى حالياً على أغلب وسائل الإعلام، وأيضاً على وسائط التواصل الاجتماعي المتعارف عليها أظنها تنذر بأجواء أقل ما توصف بأنها كارثية.. لهذا وجب على أجهزة الدولة كافة وعلينا جميعاً تدارك الأمر قبل الانزلاق لمستنقع العنف الدموي الذي يريد هؤلاء الهمج أن يجذبونا تجاهه بشتى الطرق.. المخطط جد دنئ، ولا أستبعد أنه يأتي من مستوى يفوق قدرات أقطاب التيار المتشدد التكتيكية مجتمعة.. فمن يسعى ويخطط لاستنفار الساحة وتجهيزها للاشتعال على إثر متتالية من الصراعات الطائفية والسياسية والاقتصادية في هذا التوقيت الدقيق بالذات، لابد وأنه يستهدف توسيع دائرة عدم الاستقرار وتعقيدها، مما يصعب المهمة على أجهزة الأمن بفروعها في التنسيق فيما بينها للتصدي بحسم للأخطار المحتملة، والغرض بالطبع هو إظهارها بمظهر الضعف أمام الرأي العام.. ولهذا وجب التنبيه على أن هذا التكتيك هو جزء لا يتجزأ من مسلسل محاولات إحراج النظام الحاكم في مصر وتقويض جهوده الناجحة والملموسة، وأهمها خروج استحقاق الانتخابات البرلمانية القادم إلى النور..

ولتفويت الفرصة على هذا المخطط الدنيء، ولكي تستطيع الأجهزة الأمنية إحكام السيطرة على مقاليد الأمور وتطبيق القانون بحزم، فيجب على كل من يحملون لقب خبراء أمنيين أو محللين سياسيين أن يراجعوا لغة الخطاب المستخدمة، وأن يركزوا على ضبط اللغة والمصطلح لبث روح الطمأنينة بين العامة من أبناء الشعب، ورفع مستوى ثقتهم في الأجهزة الأمنية، وأيضاً توعيتهم بكيفية حسن التصرف، والإبلاغ الفوري عن أي سلوك تخريبي.. ببساطة يجب أن يحاولوا الاسهام في رفع مستوى الكفاءة الفكرية لدى أبناء الشعب بدلاً من دفعهم لدرجة الغليان والتوتر بفعل خطاب التهديد والوعيد الذي أدمنوا على اطلاقه عبر الفضائيات بلا ضوابط كافية..

التاريخ لن ينصف مرتزقة أو دعاة تخريب أو متخاذلين، وحينما يكون الحديث عن الجدية في تطبيق مواد الدستور والقانون بحزم وبشفافية على الجميع بلا أدنى تفرقة، سيكون لهذا أبلغ الأثر على تعميق العلاقة بين الشعب والسلطة، وستسقط تباعاً كل المحاولات التي ينتهجها الظلاميون الجدد للوقيعة بين الشعب والنظام الحاكم..! هي رسالة مختصرة لذوي العقول السليمة التي تستطيع التمييز بين الغث والسمين، وربما تكون نواة مناسبة لتحويل مسار الدولة شعباً وحكومة من مواجهات حتمية مع الإرهاب إلى نصر مبين على أباطرته ودحرهم تماماً..!

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان