إعلان

من قمة مناخ إلى أخرى: قاطرة التغّيرات انطلقت ولن تعود إلا بـ"الأخلاق"

08:02 م الثلاثاء 23 سبتمبر 2014

الرئيس عبد الفتاح السيسى اثناء القاء كلمته فى قمة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد منصور:

"سبعٌ عجاف" مرت على العالم منذ قرون عديدة، أجبرت العديد من الكنعانيين إلى استجداء الطعام من أرض مصر. وقتها؛ أنقذ التأويل الصحيح لحلم "السبع بقرات" بشر المنطقة -التى تُعرف حاليا بالشرق الأوسط- من الموت جوعًا، فنبي الله يوسف تمكن من تحدى التغيرات المناخية التى عصفت بالمنطقة وقتها عن طريق تخزين حبوب السنوات التى فاضت فيها الأنهار ونزلت فيها الأمطار للأعوام "العجاف" التى ضرب فيها الجفاف أراضى البلاد.

والآن لم يُعد الأمر يتطلب تأويل حلم فى زمن غاب فيه الأنبياء، فمخاطر التغيرات المناخية أصبحت حقيقة لا يشوبها البطلان، تلك المخاطر لم تعد تتعلق بجفاف عابر بل تخطى الأمر ذلك، فتغيرات المناخ الناجمة بشكل رئيسى من زيادة معدلات الغازات الدفيئة الناجمة عن حرق الوقود الأحفورى وإطلاق الإيروسولات فى الهواء ستسبب في كوارث عدة، ربما تبدأ بالجفاف، غير أنها لن تنتهى – فى أكثر السيناريوهات سوداوية- إلا بإغراق كوكب الأرض بإسره.

في عام 2013، تزايدات كميات غاز ثانى أكسيد الكربون المتصاعدة في الغلاف الجوى لتصل لـ39.8 مليار طن بزيادة بلغت نحو 778 مليون طن عن عام 2012 وزادت عن عام 1979- الذى انعقد فيه مؤتمر المُناخ الأول بجنيف- بنحو 10.2 مليار طن، وهو الأمر الذى يساهم بشكل كبير في زيادة ظاهرة الاحترار العالمى، ورغم الاتفاقيات المبرمة بين دول العالم، إلا أن القليل من بنودها ينفذ على أرض الواقع، فتزايد معدلات التنمية العالمية يرتبط بشكل مباشر بكميات الوقود المحترقة من أجل دوران عجلة الصناعة، فهل ستثمر قمة المناخ المنعقدة حاليًا في نيويورك عن نتيجة تحد من أطلاق الغازات الدفيئة فى غلافنا الجوى؟

وفقًا للنشرة السنوية للغازات الدفيئة والتى قامت باصدرها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية –وهى وكالة تابعة للأمم المتحدة- فإن تلك الغازات المسببة للاحتباس الحرارى –ثانى أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز- وصلت لمستويات قياسية منذ بداية الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، وأظهرت التحاليل إن عدد جزيئات غاز ثانى أكسيد الكربون تجاوزت 360 جزءًا لكل مليون جزء من الهواء، ومن المتوقع أن تزيد تلك النسبة لتصل إلى 400 جزء فى نهاية عام 2015.

وتعتبر تلك الزيادة مؤشرًا قويًا على ما يفعله العالم فى كوكب الأرض، فرغم المؤتمرات والقمم المناخية، إلا أن إطلاق الغازات الحبيسة ما زال فى ارتفاع، وهو الأمر الذي يؤكد عدم جدوى تلك المؤتمرات، حسب الدكتور "تشارلز ويليم" الخبير فى علوم المناخ لدى مؤسسة الطقس والمناخ الأمريكية، والذى يرى أن توصيات تلك المؤتمرات "لا تساوى الحبر المكتوبة به".

"الأمر يتعلق بأخلاقيات الدول" يقول الدكتور "جون برووم" في تقرير نشرته مجلة "ساينتفك أمريكان"، مشيرًا إلى أن عملية التغير المناخى تخضع لتقديرات أهمية الرخاء الذى تعيشه الدول الكبرى الآن مقابل الاحتمالات الكارثية لتغير المُناخ الذى سيؤثر بالضرورة على الأحفاد، ويقول التقرير المنشور لدى نفس المجلة إن الأجيال القادمة ستعانى قطعًا من التأثيرات الضارة المتعلقة بتغير المناخ بسبب العمليات الصناعية، والتى تتمثل فى زيادة درجات حرارة كوكب الأرض التى ستؤدى إلى ارتفاع مناسيب مياة البحار والمحيطات مما ينجم عنه غرق الدول الثمانية والثلاثون التى تتكون من مجموعات من الجزر علاوة على نزوح ملايين الأشخاص من المدن الساحلية وانتشار الصحارى وزيادة احتمالية حدوث الأعاصير والزلازل المدمرة وموجات تسونامى العملاقة.

ترى الولايات المتحدة الأمريكية، أحد أكثر الدول المتسببة فى ظاهرة الاجترار العالمى بسبب انبعاثات الغازات الحبيسة من مداخن مصانعها العملاقة، أن اتفاقية "كيوتو" التى تم التوقيع عليها من قبل العديد من دول العالم عام 1995 ظالمة لها، وهو الأمر الذى دعاها فى وقت لاحق إلى عدم التصديق على بنود الاتفاقية، وبحسب تقارير صحفية نشرتها المنظمات المعنية بالمناخ فإن الولايات المتحدة تتحجج بأنها لا تريد تقليل إنبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون فحسب، بل أيضا التقليل من الغازات الأخرى المسببة للاحتباس الحراري والتي تسرّع وتيرة ارتفاع الحرارة، مثل غاز الميثان و الهيدروفلوروكربون.

كيف يمكن تقليل أثار التغيرات المناخية؟ قطعًا ليس بالمؤتمرات، على حد إجابة "برووم" الذى يرى أن تقليل نسب الرفاه واستهلاك اللحوم والحد من قطع الأشجار وتوجيه 1% من إجمالى الأنتاج العالمى لمعالجة أثار التغير المناخى، أمور يجب أن يأخذها العالم فى الحسبان للحد من معاناة أجيال المستقبل من الظواهر المرتبطة بالاحترار.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: