إعلان

بروفايل- محمد التابعي.. "بقال الصحافة"

05:35 م الخميس 18 مايو 2017

الصحفي محمد التابعي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

"أنا بقّال صحافة".. هكذا قال الصحفي محمد التابعي عن نفسه في حديثه للإذاعة المصرية، احتفالًا بمرور ثلاثين عامًا على انشائها، آمن التابعي بقيمة صاحبة الجلالة، وأن الصحفي يستطيع الكتابة في كل المجالات "بكتب في المسرح والسينما والتموين ومشاكل الناس"، فأمنّته الصحافة عليها، صار شاهدًا على عصره ومدرسة صحفية تبعها الكثير وسوط لاذع ينقد به شخصيات سياسية.

امتاز التابعي، المولود في 18 مايو عام 1896، بأناقته، لذا كان لقبه الأشهر "أمير الصحافة المصرية"، كان من العادة لديه قضاء أشهر في باريس وجنيف سائحًا، وكان فخمًا في ملبسه، تمكّن من معرفة الكثيرة من أسرار الحياة السياسية، كما رافق العائلة الملكية لأوروبا عام 1937، ليوثقها في كتابه "من أسرار الساسة والسياسة: مصر ما قبل الثورة".

درس التابعي بكلية الحقوق في جامعة فؤاد (القاهرة الآن)، ومنذ ذلك الحين بدأ في الدخول إلى عالم الصحافة، كان أبرزها كتابته في جريدة الأهرام كناقد مسرحي تحت اسم "حُندس"، أي الليل شديد الظلمة، حيث كان موظف في مجلس النواب حينها، لم يستمر التابعي كثيرًا في التدرج الوظيفي، بعدها انضم إلى روز اليوسف، واشتهر بمقالاته السياسية، التي زادت من نسبة توزيع الجريدة، من ضمن ما كتبه الصحفي كانت سلسلة مقالات بدون توقيع بعنوان "ملوك وملكات أوروبا تحت جنح الظلام"، بسببها حُكم على التابعي بالسجن مع إيقاف التنفيذ.

في عام 1934 كانت الصحافة على موعد مع آفاق جديدة، أنشأ التابعي مجلة "آخر ساعة"، وكانت نقلة جديدة، تميزّت المجلة برسومات الكاريكاتير الساخرة، بريشة الفنان صاروخان، أسس التابعي لمدرسة جديدة في عالم الصحافة، حيث انتقل باللغة من الرسمية إلى الأسلوب السهل الذي يشتبك مع رجل الشارع، كما آمن بأهمية الخبر والتأكد منه، ومن أشهر مقولاته "أن يفوتك 100 سبق صحفي أفضل من أن تنشر خبرًا كاذبًا".

السُخرية كانت الطابع التي كتب به مقالاته السياسية في "آخر ساعة"، هاجم وزير الحقانية في وزارة إسماعيل صدقي، فسُجن لستة أشهر بتهمة القذف، ومع تولي محمد محمود الوزارة عام 1939، صرّح حينها أنه "سيحكم البلاد بيد من حديد"، فسخر منه التابعي قائلًا "إن يدك من صفيح لا من حديد"، أطلق أمير الصحافة الألقاب الساخرة على عدد من الوزراء التي يُهاجمها منها؛ "وزير الدوخة والاسبيرين" لعبد الفتاح يحي، "صاحب اليد الخشبية" لمحمد محمود، و"وزير الحلاوة الطحينية" لأحمد خشبة.

1

كان التابعي هو المُعلم لعدد من أشهر الصحفيين من بينهم الأخوين مصطفى وعلي أمين، ومحمد حسنين هيكل، عمل الشقيقان مع التابعي في "آخر ساعة"، حتى انتقلت ملكيتها إليهم في الأربعينيات، وحسب "شريفة" ابنة التابعي قالت إنه أحبّ أن يكون كاتب حر، وظلّت له مساحته الخاصة في المجلة، يكتب فيها كما يشاء.

لم يُفارق حب الصحافة التابعي طيلة سنوات عمره الثمانين، وثّق ما عايشه في عدد من الكتب منها "أسرار الساسة والسياسة"، "بعض من عرفت"، و"حكايات من الشرق والغرب"، لا يُمكن تصنيف كتابة التابعي، رغم ما غلبها من سياسة، إلا أنه كتب في العديد من الشئون، كذلك الأدب حيث ألّف عدد من المجموعات القصصية.

يظلّ التابعي على عرش الصحافة، إذا بحث أحدهم وراء من أعطى للسلطة الرابعة جلالتها، يجب أن يجد اسم محمد التابعي، منارةً تُنير للتائهين الدرب.

فيديو قد يعجبك: