إعلان

بالصور- 34 عامًا من الفن.. فرقة العريش تُعادي الإرهاب بالرقص

09:14 م الأربعاء 26 أبريل 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- دعاء الفولي وشروق غنيم:

تصوير- أحمد النجار:

أول أمس؛ صعدت الفرقة القومية للفنون الشعبية بالعريش، على مسرح بئر يوسف بقلعة صلاح الدين الأيوبي، ضمن عروض مهرجان الطبول الدولي، فانسابت أغاني التراث السيناوي، وتمايلت الفتيات بالزي البدوي، فبسطت الفرقة روح التراث في أرجاء المسرح، لتشهد على استمرارها 34 عامًا رغم تحديات تواجهها الفترة الماضية.

مع بداية الثمانينات، تنفّس آل سيناء الصعداء، انتهت الحرب، حلّ النصر، ومعه أغاني الفرح "وقتها كنّا بنغني كل واحد لوحده، فقررنا نعمل فرقة نتجمع فيها وندندن سوا"، يحكي تيسير عبد اللطيف، عازف العود، الذي شهد تأسيس الفرقة القومية عام 83.

 

1

بشكل تلقائي تكوّنت الفرقة، وصل عددها حينئذ إلى 50 عضوًا "بين راقص وعازفين"، أما أصحاب الآلات فتنوعت اختصاصاتهم "بين الناي والربابة والطبول بأنواعها"، وثمة آلات أخرى اعتاد السكان استخدامها، مثل الشبابة وهي آلة تُشبه الناي.

 

تضم الفرقة أربع فتيات لم يتعدَ عُمرهن العشرين، صعدن على المسرح يؤدين استعراض "السامر" من التراث السيناوي. كانت رباب تبلغ 11 عامًا حين التحقت بالفرقة القومية للعريش"كنا عيال صغيرة وحبينا نجرب حاجة جديدة"، لكن أسرها كيف ينساب استعراضهن مع تراث البلد، الأزياء المزركشة، والخروج إلى عالم آخر لا يألفونه للتعريف بثقافتهم، فأصبحت منتمية للفرقة.

رغم تقلّص عدد الفرقة عبر الزمن "وصلنا لأربعين شخص حاليًا"، إلا أن التطوير ظل حاضرًا في طريقة عرضهم "بنحاول نخلط التراث البدوي بالرقصات الأحدث عشان الناس تفهمنا" حسبما يقول يحيى الشوربجي، عازف الناي، وأحد المؤسسين.

2

عشر سنوات قضتهم رباب في القصر الثقافي بالعريش، تنقلت معه إلى المهرجانات المختلفة داخل أرجاء مصر وخارجها، فازدهرت علاقتها بثقافات أخرى، لاسيما أنها المرة الخامسة التي تشارك بمهرجان الطبول في القاهرة، وفي كل مشاركة تقدم الفرقة رقصات جديد من التراث، مثل الصيادين، الدبكة، الدحية، المربوعة.

تختلف الموسيقى من استعراض لآخر وحسب مكان العرض؛ أداء الفتيات، ارتداء البراقع من عدمها، ألوان أثوابهن، كل ذلك يتحدد حسب الرقصة، فيما توضح رباب أن هناك مُصمم بالفرقة خصيصًا لغزل ملابس الفتيات يدويًا، وهو ما يكسبهن اختلاف عن باقي الفرق.

طافت الفرقة القومية بين المحافظات المختلفة، صارت تُمثل الدولة في المهرجانات الدولية، سافروا لأكثر من 20 بلدا، بين أوروبا وأمريكا وآسيا، ورغم انطفاء أصابهم في السنوات الأخيرة بسبب الظروف الأمنية في العريش، غير أنهم يحاولون كسر تلك الأزمات قدر المستطاع، حفاظًا على فنهم الموروث عن الأجداد.

 

3

داخل مسرح تابع لوزارة الشباب والرياضة، يجتمع الفريق 3 مرات في الأسبوع، يخرج أحدهم من منزله قبل ميعاد التدريب بساعتين، يوقن آخر أنه رُبما لن يعود سالمًا، بينما يعي الجميع مدى صعوبة التحرك مع وجود الكمائن الأمنية أو تبادل إطلاق النيران، بالإضافة لحظر التجوال، وأي ظرف آخر قد يقطع التدريب أو يمنعه.

 

منذ عام 2000 انضمّ سامح الكاشف، لفرقة العريش "عجبني فيها الاحتفاظ بالتراث مع خفة الروح"، استمر الشاب في التدريب بجانب عمله كموظف حكومي، حتى صار مساعد مُدرب الفريق، وأصبح الرقص جزء من حياته اليومية.

مع الوقت تأقلم الكاشف مع حالة الأمن في المدينة، لكن الظروف ألقت بظلالها السيئة على البروفات، فمنذ عام 2010 تم إغلاق المسرح التابع لقصر الثقافة "بسبب الترميم ولسة هيتسلّم في 30 يونيو اللي جاي"، وخلال تلك المُدة كان الفريق مازال يجتمع في مسرح الشباب والرياضة، والذي مكانا لمبيت الجنود العساكر الإسرائيليين خلال الحرب "وده قديم وصغير جدًا على عددنا مبنعرفش نتحرك بحرية".

4

في مقابل الأزمات اللوجيستية، يشعر الشاب بظلم شديد كلما تابع أخبار مدينته عبر وسائل الإعلام، حيث يتم تصدير مواطني العريش-في رأيه- كمتشددين كذلك.

رغم "تقاليد البلد"، انضمت تقى مدحت للفرقة، لذا فالفتيات لا يخلعن البرقع خلال تأديتهن للرقصات بالعريش "مينفعش بنت ترقص عندنا نهائي"، وحين يصعدن على المسرح بالبرقع "الجمهور مبيعرفش مين البنت اللي بترقص، بنبقى إحنا عارفينهم لأن العريش صغيرة والأهالي عارفين بعض".

 

توثّقت علاقة تقى بالفرقة مُنذ كانت في الصف الأول الابتدائي، سمح لها الأهل بذلك عكس عادات المدينة "عشان عارفين إني بحب المسرح، وكمان لبسنا وأدائنا مُحتشم". ورغم الرحلة التي خاضتها، إلا أنها ستتركه بعد الزواج "مينفعش بنت متجوزة تكون في فريق استعراضي، دي العادات عندنا".

5

توارث أهل العريش تراثهم الشعبي، اشتهروا بالدبكة "الناس بترقصها في الأفراح"، فيما استلهمت رقصة "الصيادين" من البحر الذي تطل عليه سيناء، في حين أعد الكابتن عاصم عبدالحفيظ، أطلس التراث للفرقة "هو اللي بيحفظنا وبيدربنا على الرقصات الجديدة".

 

لا تفكر رباب في مغادرة الفريق، بسبب العادات أو تهديدات الإرهاب، فاستمرار الفرقة يبعث الروح في المدينة "هنفضل نحاول ندب الحياة في العريش، ومتبقاش مدينة مليانة إرهاب بس، وهنفضل نُحيي تراثنا".

يبث الفريق روح سيناء خلال العروض، فتارة يقدمون قهوة سيناوية تُصنع على الفحم، مثلما حدث بمهرجان الطبول، وتارة أخرى يعدون وجبة الرصيمة التي تشتهر بها العريش، وتُوزّع على الجمهور.

6

داخل العريش، يحاول الفريق الثبات على فنّهم، غير أن غصّة تجتاح الأنفس، إذ يتذكر الكاشف حفلات تحرير سيناء في المحافظة "كنا نلاقي فنانين وممثلين ومسئولين ونعمل عروض قدامهم.. دلوقتي المدينة بقت مهجورة"، كما تقلصّت الحفلات الخارجية في الثلاث سنوات الأخيرة بنسبة 60%. 

 

بجانب الفن، يعمل أعضاء الفرقة في مهن مختلفة. يعانون من المشاكل اليومية الأخرى في سيناء "إحنا مهمشين في كل حاجة مش بس الفن.. ولادنا مش عارفين يشتغلوا ولا إحنا عايزين نسيب العريش لأنها بيتنا، بس عايزين المسئولين يبصولنا بنظرة مختلفة".. يقول عازف العود، ويستكمل صاحب الناي "الحياة في العريش ماشية.. مش كأننا في العراق زي ما الإعلام بيصدّر أحيانًا"، فيما يسرد الكاشف أنهم مستمسكين بإقامة الحفلات داخل المدينة نفسها "لسة كُنّا من شهر في أحد مراكز الشباب هناك"، ورغم قلة عدد الحضور، لكن العروض لن تنقطع، طالما يؤمن آل الفرقة بها.

 

فيديو قد يعجبك: