إعلان

مصراوي يحاور أسرة آخر ضحايا الإرهاب في العريش "قتلوهم وحرقوهم"

03:17 م السبت 25 فبراير 2017

مصراوي يحاور أسرة آخر ضحايا الإرهاب في العريش

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- دعاء الفولي وشروق غنيم:

تصوير- روجيه أنيس:

في بيت الشباب بالإسماعيلية، تمكث أسرة آخر ضحايا الاستهداف الإرهابي لمسيحيي العريش، الغضب والحزن يسيطران على نفس سامح، صهر القتيلان، ويحكي لمصراوي ما جرى لشقيق ووالد زوجته.

في منتصف ليل الثلاثاء الماضي، علم سامح عبر الهاتف عن الفاجعة؛ الساعة تدّق العاشرة والنصف، يستيقظ مدحت سعد- شقيق زوجة سامح- على أصوات طرق مُفزعة، يفتح الباب فيطالعه مجموعة مسلحين مثلمين "عرف هما جايين ليه"، صمت حذر لثوانٍ اخترقه صوت رصاصة أسكنت جسد الرجل الأربعيني.

دخل المسلحون المنزل، سمعت الأم وزوجها صوت الرصاص، خرجت لتجد ابنها مردي قتيلًا، حاولت الصراخ، الاستغاثة، لكن أحد المسلحين جذبها ودفعها أرضًا خارج البيت مطالبها الهدوء تحت التهديد.

بقي سعد حنا، الأب ذو الـ66 عامًا، ويعاني مشاكل سمع في المنزل "أنا راجل مُسِن، ارحموني"، يقول للمسلحين بينما تتابع الأم ما يحدث، لم تفلح محاولات الرجل الستيني، فتقطع رصاصة أولى طريقها إلى أسفل أذنه، يعقبها رصاصة أعلى الرأس، الأم تصرخ بينما الأسلحة مُشهَرة في وجهها.

"انتوا مسيحيين؟"، يسأل أحد المسلحين الأم، ترد بالإيجاب فيسأل عن أسماء من قُتلوا وصلة قرابتها بهم "جوزي وابني"، وما لبثوا أن عرفوا الجواب، أشعلوا النيران في جسد الرجلين "دول كانوا أول مسيحيين يتحرقوا"، يتآكل المنزل بأكمله، فيما يخرج المسلحون قائمة لشطب أسماء الضحايا منها.

"سرقوا تليفون حماتي ومدحت"، يتذكر سامح أنه آخر من هاتف مدحت قبل الحادث بساعة، تضمنت المكالمة المخاوف مما يتعرض له المسيحيين في العريش "مدحت دايمًا كان رافض الرحيل، لكن دي كانت أول مرة يقول لي امشي يا سامح من هنا".

طيلة الـ46 عامًا من عمر مدحت مكث في العريش، لم يفكر في المغادرة "كان دايمًا يقول إحنا لينا في السما، مش الأرض"، مؤمن أن الموت لن يمنعه تغيير المكان، قبل قتله بفترة تقدم لخطبة إحدى الفتيات، لكن حينما رفضت العيش رفقة أسرته، رفض ذلك، لاسيما أنه يعيل الأسرة من خلال امتلاكه محلاً للأدوات الكهربائية.

حين أبلغها سامح بمقتل أبيها وأخيها ما كان من عبير سوى الصراخ "مبقتش حاسة بنفسي.. أول ما فوقت من الصدمة كان كل اللي نازل عليا كلمة نمشي". عاشت السيدة الثلاثينية عمرها في العريش، لا تعرف وطنا غيرها "بس اما أقرب الناس يتقتل يبقى خلاص".

مدحت هو الأخ الأكبر والوحيد لعبير "هو مرشدي في الحياة وعزايا وشوية القوة اللي فيا”. كان الرجل الراحل يطمئن الأخت، حين تصرح له بخوفها من حوادث القتل، لكنه يرد بابتسامة ساخرة قائلا "رب هنا رب هناك، كبري مخك".

عقب ساعات من الحادث ذهبت الأخت الى منزل أبيها "روحت أشوف لو فيه أي ورق"، وصلت السيدة للمنزل ثم وقفت كالتمثال "مكنش باقي حاجة، يادوب شوية رماد".

حين حصد الموت روح الأخ والوالد، تركت السيدة عبير المنزل بصحبة زوجها وطفليها "روحنا نقعد مع والدتي وخدنا شوية هدوم". رفضت أسرة الراحلين استلام التقرير من مستشفى العريش العام في البداية "خيرونا ما بين اننا ناخد الجثتين علطول وبتكتب سرقة"، أو يتم حجزهما وعمل تقرير الطب الشرعي، فاختاروا الحل الثاني، وحصلوا على شهادة تثبت وفاتهما مقتولين بفعل "الاٍرهاب".

لم تستطع العائلة دفن مدحت والوالد سعد في العريش "التكفيريين بيمنعوا"، تبقى لديهم مدافن القنطرة، لكن تعسر ذلك بسبب الإقبال عليها في الفترة الاخيرة، ليكون المستقر في النهاية بمقابر السويس.

الخميس ليلا رحلت أسرة عبير ليواروا موتاهم التراب، وبمجرد انتهائهم من المراسم مع منتصف الليل، تلقى زوج عبير اتصالا هاتفيا من جاره، يطلب منه عدم الرجوع "قال له فيه ملثمين جم الشقة عندك وخبطوا جامد على الباب وسألوا عليك".

رغم الحزن المخيم على قلب عبير، غير أنها شعرت بالارتياح "حسّيت إن أنا وولادي وجوزي هنعيش".

منذ بداية الأحداث يسأل ابنها إيساف ذو العشر سنوات عما يحدث، تارة تحكي له الأم وأخرى تكذب، لكن مع سقوط عدد أكبر من الوفيات لم يعد تزيين الأمور ممكنا، لا سيما مع أصوات القذائف والرصاص الهابط من كل مكان "ولادنا شافوا البيوت بتترج وسمعوا صوت الصواريخ وشموا ريحة الموت". ظل الفتى ثابتا حتى رأى جثمان خاله متفحما وقت الدفن "يومها حضنّي وقاللي متخافيش يا ماما هما في السما"، وبمجرد عودته للمنزل فقد اتزانه "مش عايز أرجع العريش.. مش عايز أموت زي خالي وجدي". أخذ يرددها الطفل في بكاء هيستيري.

تابع باقي موضوعات الملف:

جحيم العريش.. الوطن في حقيبة سفر (ملف خاص)

1

مصراوي يرصد رحلة مصري يغادر العريش بعد 37 سنة من التعمير

undefined

''روايات من قلب الموت''.. مصراوي مع أسر مسيحية فرت من جحيم العريش

undefined

مصراوي يرصد رحلة الرعب لأقباط نزحوا من العريش إلى الإسماعيلية

undefined

قصة سائق ارتدى ملابس الشيوخ لتهريب أصدقائه من العريش

undefined

الفرار من جحيم العريش.. الوطن في حقيبة سفر (صور)

undefined

كيف تعايش أطفال العريش مع رعب ''داعش''؟

undefined

صورة اليوم- أقباط العريش: النزوح في عيون طفلة

arishss

بعد وصولهم بر الأمان.. تفاصيل أول ما فعله الهاربون من العريش

undefined

بالصور: أقباط سيناء.. أجساد فرتّ وعقول ساكنة البيوت

11

حكايات ''ما قبل التهجير'': المسلمون فتحوا بيوتهم لجيرانهم الأقباط.. والسيدات ترتدين الحجاب

undefined

فيديو قد يعجبك: