إعلان

بالصور- كيف تسير حياتنا بلا هواتف محمولة؟ (حوار)

08:47 م الأحد 19 فبراير 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار– يسرا سلامة:

لم يكن يتوقع المصور الأمريكي "إريك بيركسجيل" أن يصل استخدام الناس للهواتف المحمولة الذكية لحد الإدمان، لكن تلك العادة لفتت انتباهه من أجل تدشين مشروعه "محذوف" أو بالإنجليزية "Removed"، يتلقط فيه صورا لعدد من الأشخاص دون هواتفهم المحمولة أو حتى الأجهزة اللوحية الإلكترونية، وتظهر الصور أيضا انشغالهم عن بعضهم البعض، تماما كما يحدث في الواقع، حول ذلك المشروع، حاور "مصراوي" المصور الثلاثيني من خلال البريد الإليكتروني.. وإلى نص الحوار.

بداية حدثنا كيف جاءتك فكرة مشروع "محذوف"؟

كنت عقب زواجي في أحد المقاهي في منطقة تروي بنيويورك، المدينة التي تشهد انقسام بين الناس بعضهم البعض، وكان هناك أب بصحبة ابنتيه، ثلاثتهم منكبون على هواتفهم، فيما لا تملك الأم هاتفا محمولا، كانت تنظر للخارج فحسب، شعرت من نظرتها إنها وحيدة وسط عائلتها، تنتظر أن يشاركوها اللحظة، وقتها شعرت بالحزن تجاه تأثير التكنولوجيا على التواصل بيننا وبين بعضنا، هذا لم يحدث من قبل، وأوقن إننا لم نلمس سوى الجزء السطحي من تأثير التكنولوجيا على حياتنا الاجتماعية، عقب ذلك رأيت الأم تخرج هاتفها كاستسلام للأمر.

متى بالتحديد جرى ذلك الموقف أمامك؟

في أغسطس 2014، وقتها كنت أشعر بالحنين للأسرة والوطن، وأدركت أن العائلة بجانبي غير متصلة بسبب التكنولوجيا، وقررت أن أنفذ مشروعا يرصد ذلك بشكل مصور.

 

وكم من الوقت اتخذ مشروعك "محذوف"؟

اتخذ قرابة الستة أشهر، وفي الأغلب كنت أصور في الإجازات الأسبوعية؛ لأنني طالب بدوام كامل في الدراسات العليا للفن في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، انضممت لها في عام 2015، وحاصل على درجة البكالوريوس في التصوير من جامعة كولومبيا في 2011.

وكم كلفك المشروع ماديا؟

من الصعب تحديد ذلك، لأن المشروع احتاج لتكاليف النقل والسفر والتصوير والمعدات والطباعة والكيميائيات في الغرف المغلقة، لكن يمكن بشكل تقريبي حسابه بين 3 آلاف وأربعة آلاف دولار.

كم صورة التقطتها في المشروع؟ وكيف تمت جلسات التصوير؟

التقطت ما يقارب من 200 لقطة بحوالي 75 مشهد، والتنسيق النهائي استقريت فيه على 30 صورة، على الرغم من التقاطي لصور جديدة أثناء الورش كبيرة الحجم، في العادة التقط من 2 إلى 4 صور لكل مشهد، واستخدم في كاميرا الفيلم 4 5 x.

 

يظهر أبطال مشروعك بأيادِ فارغة وكأنهم يمسكون التليفونات المحمولة.. فهل احتوى الأمر على أي خدعة أو تعديلات؟

لم يتم تصوير الأشخاص بالموبايل وإزالتها فيما بعد، مطلقا، لكن تم تصوير الأشخاص دون الهواتف، لم أجرِ أي تعديلات على الصور، وكنت أطلب منهم اتخاذ نفس الوضعية كما لو كان في أيديهم تليفونات محمولة أو "التمثيل" بذلك، أحيانا كانوا يمسكون بهواتفهم ثم أسحبها قبل التصوير.

ولماذا التقطت صورا دون هواتف؟

لم أريد أن أخدع الناس، ولكن التقط الصور وحسب، ولإن رؤيتهم في الصور دون الهواتف تبدو غريبة ومدعاة للتساؤل، ولم أكن أريد إحراج من في الصور، أو تبدو صورهم مشوهة إذا تم حذف الهواتف ببرامج تحرير الصور.

ومن هم أبطال الصور؟ ممثلين أو أشخاص حقيقية؟

كثير منهم هم أصدقاء مقربين لي، أو للعائلة، وبعض الصور بها أشخاص غرباء تماما، وأثناء التصوير لم يعلم أحد بحجم المشروع الذي أعمل عليه، وهناك من عرض التطوع للمشاركة بالمشروع.

وكيف كان رد فعلهم بعد نشر الصور؟

البعض قرر عقب المشروع أن يلتزم بتقليل استهلاكه للهواتف المحمولة، قرروا تخصيص وقت للعائلة بلا هواتف، مثلما قررت أنا وزوجتي بأن نخصص مكان في بيتنا وهو غرفة النوم بأن تكون بلا هواتف محمولة مطلقا، فمثلا لا ننام ونحن حاملين الهواتف بعد الآن، والنتائج كانت مذهلة، أصبحنا ننام وقت أطول، ونتحدث مع بعضنا البعض، وهو شيء هام لكلانا.

 

هل تضمن مشروعك انتقاد مواقع التواصل الاجتماعي والاستخدام المفرط لها؟

مواقع التواصل هى امتداد آخر للهواتف المحمولة، فهى تجعلنا منشغلين أيضا، وأصبحت شكلا آخر -مثل ملابسنا- لتجعلنا في دائرة الاهتمام لمن حولنا، فهي ما يراه الآخرون منا، كأنها قطعة من الجسم، تماما كما الهواتف وكأنها جزء آخر من الجسد كالذراع مثلا، لذلك أصبحنا متصلين بالأجهزة بشكل دائم، وهذا أثر على اتصالنا بعضنا البعض.

في النهاية التليفون هام.. فهل يهدف مشروعك للتوقف عن استخدام الهواتف المحمولة؟

بالطبع لم أقصد من المشروع أن أدفع الناس للتوقف عن استعمالها، لكني أهدف إلى أن يضع الناس أنفسهم في موقف المقهى الذي كنت فيه، ويدركون ما شعرته، أن يشاهدوا الصور ويفكرون في كيف العالم تغير من حولنا بفعل التكنولوجيا، وأن يفكروا في تلك النقطة من علاقتنا الإنسانية، ويدركوا قيمة تواصلنا وجها لوجه، وأريد أن أعلم ابني أن الحوار يأتي من جهتين، وهذا يتطلب التمرين على الاستماع والتفكير النقدي، وليس معاناة تحرير ردودنا في 140 حرف.

 

وهل تم عرض الصور خارج موقعك الإلكتروني؟

نعم عُرض المشروع في معارض بعدة دول، فكنت لتوي في الصين لذلك، كما شاركت في عدة عروض في ألمانيا وفرنسا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا هذا العام، ولا تزال عدة عروض قيد الانتظار في أماكن أخرى، وقد صممت معارض على الأرض؛ لآني يهمني أن اجتذبها من الانترنت لمعرفة تواصل الناس معها في الواقع، وحلمي أن تصل الصور المطبوعة لكل الناس حول العالم في المتاحف أو المعارض حول العالم.

 

ولماذا طرحت صور "محذوف" بالأبيض والأسود وليست ملونة؟

لدي أكثر من سبب، أولا لإني استمتع بالعمل على مشروعات الغرف المظلمة التي تتيح الأبيض والأسود، وصناعة الصور بشكلها التقليدي، وأيضا تجذب المشاهد أكثر من الصور الملونة، فأعيننا اعتادت مشاهدة الصور الملونة على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل متكرر، وأعتقد أن الأبيض والأسود يتيح للمشاهد التأمل في الصور، والتفكير بعمق عن المعنى بداخلها، وبالتالي يفكر في علاقته بالتكنولوجيا.

وما أبرز ردود الأفعال حول مشروعك؟

انتشرت صور المشروع، وتلقيت مئات الرسائل من عدة أجزاء في العالم تشكرني على الفكرة، التي تساعد الناس على مدى التغير الذي حدث لنا بسبب الهواتف المحمولة، والبعض استخدم الصور لمناقشة القضية مع عائلتهم، وقرروا أخذ "إجازة" من التكنولوجيا عقب الصور، وقد اندهشت من حجم الدعم والاهتمام بالمشروع، وشعرت بالتواضع من ذلك، وسعيد إنه ساعد الآخرين.

 

حدثنا عن مشروعاتك السابقة.

كان عملي السابق متعلق بالعمل الوثائقي، رغم اهتمامي باستكشاف العلاقات النفسية من خلال صور لأشخاص توضح سلوكهم أمام الكاميرا في سياقات مختلفة، لأننا حين نعرف إنه يتم تصويرنا نتصرف بطريقة مختلفة، فمثلا يلجأ الناس إلى وضع معين تجاه الكاميرا، وهذا فتح الباب لي للتفكير في الطريقة التي غيرت بها التكنولوجيا ردود أفعال أجسادنا تجاه التصوير، والطرق المختلفة التي نتفاعل بها أمام الكاميرا بسبب التكنولوجيا الحديثة، والهواتف الذكية هي مثال آخر على ذلك، ولا سيما أن التكنولوجيا غيرت الكثير حول العالم.

أخيرا.. ماذا عن مشروعاتك المستقبلية؟

مشروعي الأحدث بعنون "لا عرض" والذي سيعرض في فرنسا لاحقا هذا العام، وهو عبارة عن صور لأحداث ليست حقيقة، اختلقت عبر فيسبوك، مثل نكتة، لكن عدد من الناس ذهب إليها فعلا، لقد التقطت صورا لهم وللأماكن، وكان الناس يتساءلون عن مصادر الأخبار وأين وكيف يمكن للناس الحصول على معلومات "الحقيقية".

وفي الوقت الحالي لدي بعض الأفكار عن أبراج المحمول، خاصة أنها أصبحت شائعة بعد أن كانت غير معتاد رؤيتها، وتؤثر بشكل كبير على أنشطتنا اليومية، ولدي طموح للسفر لتنفيذ مشروع "محذوف" وسط ثقافات مختلفة حول العالم، للتأكيد أن ثقافة استخدام المحمول لم تعد قاصرة على مجتمع بعينه، بل في مناطق متفرقة في العالم، وأسعى لوجود تمثيل جيد لبلدي أمريكا من خلال معارض حول المشروع، والبحث عن رعاة له، وعرضه في مختلف الأماكن مثل المعارض والمتاحف والمعاهد المهتمة بالتصوير.

يمكنكم الإطلاع على صور المشروع كاملا من هنا

فيديو قد يعجبك: