إعلان

مصراوي مع عمال أقرب مزلقان للقاهرة.. "هنا اليدّ تتحكم في حياة بشر"

08:42 م السبت 06 فبراير 2016

غرفة التحكم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – عبدالله قدري:

صعد الأسطى عوض قطار "القاهرة - أسوان" من على رصيف 11، جلس على كرسي القيادة بالكابينة، وبدا عليه الاهتمام؛ سيصادفه بعد نحو 80 مترًا من محطة مصر- مزلقان النجيلي - كان في أشد درجات الحرص، يسير ببطء، فسرعته لا تتجاوز 15 كم، أمامه إشارة خضراء هي الدليل وصمام الأمان لبداية رحلته الطويلة.

4

مزلقان النجيلي، هو أقرب المزلقانات لمحطة رمسيس جنوبًا، وعلى الرغم من كونه يتوسط منطقة ذات كثافة سكانية عالية، إلا أن المزلقان لا يعمل آليًا، ومازالت اليد تتحكم به.

يسير القطار وفقًا لإشارات ثلاث، فالإشارة الخضراء تعني استئناف المسير، والحمراء تشير للتوقف، والصفراء تأمر بتهدئة السرعة، كانت الإشارة خضراء قبل المزلقان رغم ذلك سار عوض ببطء "لازم أكون حريص ممكن أي بني آدم يعدي المزلقان وهو مقفول"، يُكمل حديثه وهو يراقب الطريق بحرص "هنا الإشارات تعمل جيدًا- لأن المزلقان قرب محطة مصر- لكن هناك مزلقانات بشوف الموت فيها 100 مرة".

جلس عوض يحصي تلك المزلقانات التي لا يتذكر عددها "فهي كثيرة"، لكنه ذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مزلقانات طموه، البدرشين، أبوالنمرس والحوامدية "كلها مزلقانات موت". تقابله هذه المعابر في طريقه "الطوالي"، فهي - المزلقانات - الخالية من إرشادات القيادة "السيمافورات مُعطلة، مش بعرف المزلقان مقفول أو لأ، باضطر أهدي السرعة لغاية 40 كم".

1

هنا يُجري السائق اتصالات مع المحطة الرئيسية ليُعلمهم بقدوم القطار على مسافة قريبة جدًا "وبكده يقفلوا المزلقان، ويمنعوا أي حد يمر". لكن هذا لا يمنع من وقوع الكارثة، فقد يذهب عامل المزلقان لقضاء شيء ما وقت قدوم القطار، وهنا تقع الحادثة.

كان انتقالًا آمنًا حين ترجلنا من كابينة القطار إلى مزلقان النجيلي، كانت المركبات والناس يقفون وراء بوابة حديدية لحين مغادرة القطار، غير أن تلك البوابة لم تكن حاجزًا منيعًا، إذ كان من السهل أن يخترق أحدهم هذا الحصن غير المنيع بينما القطار يسير. هناك طفل صغير دون العاشرة يحاول العبور والقطار قادم، هنا منعه بعض الأهالي المنتظرين، ووجه له عامل المزلقان السباب "أقف يا... ".

يتحدث عامل المزلقان من أمام غرفته الخشبية التي شيدها بجهود ذاتية دون دعم من هيئة السكك الحديدية - حسبما يقول - " بتخانق كل يوم أكثر من مرة، وبتشتم من أول الوردية لآخرها من الناس، عشان بمنعهم من الموت". يعمل محمد عامل مزلقان النجيلي مدة 12 ساعة هي قوام الوردية الواحدة، براتب يبدأ من 1000 إلى 1400 جنيهًا، شاملًا الحوافز " كل واحد حسب درجته".

2

3 ورديات

يُقسم عمل الملاحظين "البلوك"، وخفراء المزلقان إلى ثلاثة ورديات، كل وردية 12 ساعة، وبحسب قانون السكة الحديد فإن المزلقان الواحد لا بد أن يتواجد في الوردية الواحدة اثنان من الخفراء، ثم يتبادلا العمل مع اثنين آخرين وهكذا.. يلتقط العامل الثاني أطراف الحديث ويقول "لازم سلوكيات الناس تتغير، لا مؤاخذة الناس بتلتزم ومش بتعدي المزلقان لما يكون أمين الشرطة موجود".

يرى عامل المزلقان أن وجود فرد الأمن يمثل رادع قوي للناس فلا يجرؤ أحد على المرور من المزلقان والأمين موجود.. يشتكى الرجل الستيني من ظهور فرد الأمن على فترات، فهو ليس دائم الظهور؛ لذا فهم يتعرضون للضرب والسب والتعدي من سائقي التكاتك والأهالي "كل ده عشان بمنعهم من الموت"، يدفع خفير المزلقان بكل ما أوتي من قوة اتهامات تقصيره في الحراسة والتسبب في مقتل عشرات تحت عجلات القطار "مفيش عندنا حاجة اسمها نوم، وطبيعة الشغل مش بتسمح لي أمشي، أنا كل يوم باعدى أكثر من 200 عجلة".

أخذت يد خفير المزلقان تشير إلى البوابات "لازم يتم تطوير المزلقانات، كل الناس اتطورت إلا احنا، كل المزلقانات يدوية، لازم تبقى إلكتروني"، هنا يظهر "ط. أ." عامل بلوك، يقول "عمال المزلقانات بيضربوا، ولما بنشوف كده بنحاول نمنعهم من الناس لأن عددنا محدود والناس كثير". يؤكد الملاحظ أن المسؤولية اولًا وأخيرًا تقع على المسؤولين في عدم تطوير المزلقانات، نافيًا المسؤولية عن السائق "عم عوض السواق لو شاف ابنه قدامه على السكة هيدوسه، لأنه ميقدرش يوقف القطر طول ما المسافة قريبة، عشان الناس اللي معاه".

3

رواية أخرى

يشرح عامل البلوك كيف يسير القطار من خلال لوحة إلكترونية في برج الملاحظة، فبمجرد قدوم القطار، يعطي إشارة خضراء على الرصيف بقرب القطار، هنا يفهم الخفير فيقوم بغلق المزلقان، ثم يدق جرس الإنذار آليًا قبل وصول القطار إلى المزلقان بكيلو واحد "بس ده عشان عندنا الإشارات منتظمة، لكن هناك مزلقانات أخرى عشوائية لا يوجد بها أبراج مراقبة، وإشاراتها معطلة"، وهنا يسقط العامل كلامه على حادثة العياط، وذكر رواية تناقلها من زملاء له بالسكة الحديد بأن السبب وراء حادثة مزلقان البليدة بالعياط هو تعطل جرس الإنذار، فجلس العامل مكانه لم يسمع الإنذار؛ لأن الجرس كان خارج نطاق الخدمة، على حد قوله.

يضيف "قال لي زملائي على صلة بمزلقان البليدة، أن سائق قطار العياط لم يكن ملتزم بتشغيل جهاز ATC، وهو جهاز التحكم في سرعات القطار". يعمل جهاز ATC على ضبط السرعات، ويقوم بإيقاف القطار اليًا إذا ما كانت الإشارات معطلة،" وبالتالي - بحسب رواية عامل البلوك - "لو كان سائق القطار مشغل جهاز التحكم لتم إيقاف القطار آليًا، وحال دون وقوع الحادثة".

فيديو قد يعجبك: