إعلان

من شعب مصر إلى إيطاليا: جوليو مننا واتقتل زينا – (صور)

08:23 م السبت 06 فبراير 2016

وقفة بالشموع امام السفارة الإيطالية بالقاهرة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- إشراق أحمد ودعاء الفولي:

تصوير – كريم أحمد:

الهدوء يسود، لم يكسر وجود الجمع الحزين طبيعة المكان. أمام باب السفارة الإيطالية وضع المتواجدون ورودا، أهدوها لروح جوليو ريجيني، الشاب الإيطالي الذي وُجد مقتولا منذ أيام، وتحمل جثته آثار تعذيب. كانت الأجواء كمأتم صغير، التحم فيه أصدقاء الشاب الراحل مع المعارف-المصريين والأجانب- ومن لم يروه من قبل وهم الأكثر؛ حضروا جميعا لإعلان موقفهم من مقتله، الأسف يبدو على وجوه بعضهم، والصدمة تسيطر على آخرين، يحيط بهم الصحفيون، فيما ظلت عناصر الأمن في خلفية المشهد.

1 (2)

لم تعرف سالي توما الشاب الإيطالي بشكل شخصي، قابلته مرات قليلة منذ جاء إلى مصر مؤخرا، بحكم علاقاتها الجيدة مع الجالية الإيطالية، لمست حبه الشديد لمصر، لدرجة دراسته للغة العربية، وحديثه باللهجة المصرية "كان بيتكلم بالنكت زينا"، تعرفت على طبيعة عمله، وانشغاله بالبحث في ملف الحركة العمالية، لذا لم تترد في الدعوة إلى الوقفة أمام السفارة الإيطالية، لا تعقد "توما" آمال كبيرة على سير التحقيقات، فالوقفة بالنسبة لها تحمل رسالة "بغض النظر عن الحكومات من شعب لشعب أحنا مش هنسيب حق جوليو"، وهناك جانب آخر تهدف له الوقفة، بالتركيز على قضية الاختفاء القسري كما تقول الطبيبة.

"جوليو.. محمد الجندي.. نفس التاريخ.. نفس الألم 25 يناير" لافتة حملتها فتاة مصرية بينما تضيء شمعة جوار باقات الزهور، بين الحاضرين من ربط بين واقعة مقتل "جوليو"، والشاب المصري محمد الجندي، الذي توفى في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، وكان يبلغ من العمر 28 عاما، حين اختفى من ميدان التحرير، وعثر عليه مقتولا أيضا، وقال الأمن حينها أنه نتيجة "حادث سير".

2

اختفت الهتافات في الوقفة، لتحل محلها اللافتات، كتلك التي كُتب عليها بالأزرق "جوليو مننا واتقتل زينا"، رفعتها إيمان ناجي، لم تعرف الشاب الراحل لكنها تضامنت كالآخرين، لم تجد كلمات مناسبة ترد بها على الصحفيين الأجانب الذين سألوها عن رأيها "كنت خجلانة جدًا.. طول الوقت كنت فاكرة إن البلد هتخاف على صورتها قدام الأجانب"، أما أصدقائها غير المصريين فلا تجد نصيحة مناسبة لهم "مش عارفة أقولهم متجوش عشان بلدي وحشة وبتقتل الناس ولا عارفة أقولهم تعالوا بقلب جامد".

كان جوليو يعمل على رسالة دكتوراه خاصة بالعمال خاصة ما يتعلق بالنقابات المستقلة كما تقول هدى كامل -الباحثة العمالية بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية- ولحرص الشاب الإيطالي على الجانب الإنساني، أجرى بحثا عن نقابة الباعة الجائلين "أفقر النقابات" حسب وصف "كامل"، التي اتخذها الشاب مرشدا له في بحثه، لكنها رغم ذلك استفادت منه"كان بيديني الحماس أني أدرس.. لأن من كتر الانشغال بالمشاكل البسيطة زي أن حد عنده مشكلة مع شركة أو غيره بعدنا عن البحث وجوليو كان حريص على ده"، تتذكر الباحثة درجة اجتهاده ببحثه عن نقطة الحد الأدنى والأعلى للأجور.

3 (2)

لم تعرف "هدى" عن اختفاء "جوليو" إلا بداية هذا الأسبوع، كان آخر لقاء واتصال بينهما 19 يناير، تحدثا عن البحث، الذي حرص فيه طالب الدكتوراه على معايشة أحوال الباعة الجائلين "كان بينزل روكسي ويفضل مع البياعين"، الجانب الإنساني أكثر ما كان يجذب "جوليو"، ولولا هيئته الأجنبية لكان أفضل أماكنه في العتبة، لكنه آثر السلامة حسب نصيحة الباحثة العمالية، التي أرشدته إلى منطقة مصر الجديدة "كان حريص أنه يشوف كل حاجة بعنيه... وأنه عايش ظروف الباعة بيخزنوا حاجاتهم فين وبيتعاملوا إزاي لما تتاخد"، متذكرة وقوف الشاب مع الباعة إحدى المرات التي احتجزت بها بضاعتهم.

4

خلف المشاركين، بركن قصى وقفت الباحثة العمالية، يملأها الصدمة والحسرة، لم تكن تتخيل وصول الأمر ليس بقتله، بل التمثيل بجثته، فيما يحتفظ البريد الإلكتروني الخاص بها يوم 23 يناير بآخر رسالة من الشاب الإيطالي، يستشيرها في بحثه، الذي كان يخطط للانتهاء من جمع المعلومات الخاصة به، ليعود إلى انجلترا حيث جامعته، في مارس المقبل.

وسط الجمع، وقف إسماعيل حسني، يُمسك بيده شمعة، تلك هي المرة الأولى التي يشارك بوقفة تضامنية، بعربية مختلطة بلكنة أجنبية خرجت كلماته "أنا أصلي إنه الحادث يكون إجرامي.. وميبقاش فيه جهة رسمية متورطة "، لم يكن "حسني" صديقا للشاب الراحل "حاسس إني كنت أعرفه لأنه كان مهتم بمصر ودة كفاية عشان يبقى صديق وابن"، ولم تخلُ الوقفة من أطفال جاءوا مع أهلهم ونشطاء حقوقيين حال عائلة المحامي الراحل أحمد سيف الإسلام.

5

من ذاق عرف. كانت أمارات الحزن بادية على وجهيهما رغم أنهما لم يلتقيا الشاب الراحل، لكل منهما قصة مع الاختفاء القسري؛ مها مكاوي اختفى زوجها أشرف شحاتة، منذ عامين، لا تعرف شيئا عنه سوى محاولات يائسة لتتبعه بين أقسام الشرطة، مديريات الأمن، أمن الدولة ومصلحة السجون؛ دائرة يعرفها أهالي المختفين قسريا، وإلى الآن لازالت تنتظر خبر عنه، كانت دموعها تسبقها، بالكاد تستطيع التحامل على نفسها، فيما يقف لجوارها نور خليل، الذي جرّب الاختفاء القسري بأحد معسكرات الأمن المركزي في الغربية لأيام، كما أن "إسلام"، اخاه الأكبر، بقي بحوزة الشرطة مختفيا طوال 122 يوما إلى أن ظهر بمديرية أمن الإسكندرية وعلى جسده آثار التعذيب.

6 (2)6 (2)

"واضح إنه أي حد هيحب مصر هتكون نهايته القتل"، قال "نور"، لم يتخيل الشاب العشريني أن تكون نهاية جوليو بذلك الشكل "قولنا بالكتير هيظهر في القسم.. لكن مش مقتول ومتعذب"، يعتقد الشاب المُتابع لاختفاء الطالب الإيطالي منذ 25 يناير، أن آثار التعذيب البادية عليه تُدين الشرطة المصرية "مفيش أي حد بيتبع المنهج دة غير الداخلية.. إيه اللي يخلي البلطجية يعذبوا واحد بعد ما يسرقوه؟".

فيديو قد يعجبك: