إعلان

تطبيع من أجل لقمة العيش بوكالة البلح "الدفش اللي في شلك.. صاد الصاد"

10:10 م الأحد 28 فبراير 2016

وكالة البلح

كتب - مصطفى ياقوت:

تتسم الثقافة المصرية بتعدد اللهجات وفقًا للأبعاد الجغرافية والتأثير التاريخي، وتمتد مظاهر التباين الثقافي لتطال أرباب المهن الواحدة في الأوساط التسويقية، ما بين العاملين بمحال الذهب والملابس والعديد من العاملين بالحرف المختلفة.

في منطقة تتوسط قاهرة المعز، يتخذ آلاف المواطنين شوارع الحي محلاً لمزاولة تجارتهم الواسعة، ذات القوانين والأعراف المنصوص عليها ضمنًا بينهم، ولغة ابتكرها أصحاب المهنة الواحدة، وتوارثوها جيلًا تلو الآخر، تتكون من مصطلحات، تستحيل على غيرهم من العامة.

"وكالة البلح".. والتي تبعد بضعة أمتار عن صرح دار القضاء العالي بوسط القاهرة، ويقصدها كافة الأطياف والفئات هربًا من ارتفاع أسعار الملابس بالمحال التجارية، لتحل "البالة" محل المستورد، و"الفَرشة" بديلًا عن المحل، و"الشفرة" محل اللغة.. حيث يستخدم بائعي منطقة وكالة البلح مصطلحات لغوية غريبة للتعارف فيما بينهم والتعامل أمام الزبائن، دون كشف أسرار المهنة وأسعار السلع.

اصطحبنا مينا أنور، أحد بائعي الملابس بمنطقة وكالة البلح، في رحلة قصيرة لفك طلاسم اللهجة الخاصة، موضحًا أن اللهجة التي يستخدمها بائعي الوكالة تعود أصولها للغة العبرية القديمة ويهود مصر، وأنها تشبه كثيرًا لغة بائعي الصاغة المصريين.

وأكد أنور، أن البائعين لا يستخدمون تلك المصطلحات بشكل دائم، بل عند الحاجة إليها فقط، مشيرًا إلى أن الحاجة لهذة المصطلحات ترتبط بنوع المشتري "الزبون"، ومدى رغبته في الشراء، وهيئته ومظهره، وكذلك تقييم وضعه المادي من خلال النظرات، والحوار المتبادل حول الأسعار.

ويضيف "منذ بداية عملي بالوكالة منذ 11 عامًا، وأنا أسمع هذه المصطلحات التي تناقلها أبي وأعمامي؛ مما ولد لدي رغبة واسعة في تعلم هذة اللغة، بل وتدوينها خلفهم، كما تلميذ يحصل على تدريب في إحدى اللغات الأجنبية".

وأوضح مينا عدد من تلك المصطلحات ومتى يتم استخدامها، "معوتها كمال" وتعني "الحاجة دي السعر النهائي بتاعها كام؟" ويستخدم هذا المصطلح بين البائعين؛ لتجهيل الزبائن بالسعر النهائي للسلعة المراد شرائها.

"صاد الصاد" وهو المصطلح الذي يتداوله الباعة حول المشترين كثيري الكلام والتفاوض حول سعر السلعة، يقول مينا "الكلمة دي بنقولها على الزبون اللي هيتفرج ومش هيشتري"، بينما تمثل لفظة "عين" عكس المعنى، حيث تعني أن الزبون أو الزبونة سيتممون عملية الشراء بسعر جيد ومناسب.

"الدفش اللي في شلك" وتعني "الزبون اللي تبعك"، يقول مينا إن لفظة "الدفش" تعني الزبون، و"الدفشة" تعني الزبونة، مشيرًا إلى أن هناك بعض المصطلحات التي أصبح المشترين على دراية تامة بمعانيها ضاربًا بلفظة "يافت" مثال، وتعني "حلو أو جيد".

وكمان أن للمصطلحات شفرات للأرقام والأسعار طلاسم كذلك، يقول أنور أن الباعة يستعيضون عن الأسعار الحقيقية للبضائع، بألفاظ مبتكرة، ومشتقة كذلك عن العبرية.

حيث تستخدم لفظة "زغوب" للتعبير عن الرقم واحد، و"اشناين" للرقم اثنين، و"شالوشة" للتعبير عن الرقم ثلاثة، و"دالك" للتعبير عن الرقم أربعة، و"حمشة" للتعبير عن الرقم خمسة، و"شوشات" للتعبير عن الرقم ستة.. الخ.

كما أن هناك عدة تركيبات تعني الأرقام الأعلى قيمة فـ"حمشة صفر" تعني خمسون جنيه، و هو نفس حال "حشا" والتي تعني خمسون جنيه أيضًا.

وتوازي قيمة "حمشة حلوم" خمسة وعشرون جنيه، و"زغوب كباري" ورقة بفئة مائة جنيه، و"اشناين كباري" مئتا جنيه.. وهكذا.

وعن البضائع، أوضح مينا أن أسماء البضائع لا تتغير في لغة بائعي الوكالة، حيث أنه من غير الضار أن يعلم الزبون أنواع البضائع وأصنافها وأسمائها المتعارف عليها.

فيديو قد يعجبك: