إعلان

ثنائية الحُب والحرب.. كيف ودع شاب سوري حلب؟

04:11 م الجمعة 30 ديسمبر 2016

الشاب السوري

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-شروق غنيم:

كانت ليلة الأثنين 19 من ديسمبر؛ الأخيرة بالنسبة لحليم كاوا في حلب، أعّد أغراضه للرحيل، ألقى نظرات الوداع على مدينة لم يبرحها منذ 24 عامًا، أبى الرحيل دون أن يودعها على طريقته الخاصة، فنقش كلمات حب ممزوجة بالقهر على الجدران وأهداها لحبيبته، لتظّل حيّة بعد رحيله، وتشهد أنه ذات يومٍ كان هُنا.

في آخر أيام حليم بالمدينة، فكر حليم كيف يودعها بشكلٍ يليق بها، عاوده التفكير بأنها لم تعد تُشبه مدينته التي يعرفها، طاف بالشوارع والأماكن التي نضجت بها ذكرياته، تأمّل كيف غيّرت الحرب من معالمها "حدائقنا أصبحت قبور".

ألقى حليم النظرة الأخيرة على حيّ المشهد، التقط عبوة رّش دموية اللون، استحضر قصيدة للشاعر نزار قباني، فاضت مشاعره على جدار وقرر أن تكون آخر كلمات ينطقها بحلب: "أحبيني بعيدًا عن مدينتنا التي شبعت من الموت" وأهداها إلى حبيبته.

____-1

صورة الجدارية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبرها البعض انتصارًا للحب على الحرب لكن حليم يرى أن ما كتبه كان يُعبّر عن القهر. يصمت ويضحك بمرارة "كانت محاولة للحفاظ على ما تبقى من مشاعر عندي". أراد حليم إيصال رسالة "لسة في مكان للحب بقلوبنا، بس للأسف القتل كان إله الصوت الأعلى".

أربع سنوات من القصف عايشهم حليم في الأحياء الشرقية بحلب، ولم يُفكر قط في المغادرة، لكن المعادلة تغيرت في الأسابيع الأخيرة. الطائرات تدّق السماء وتنهمر القذائف فوق الرؤوس والمباني، الحصار تمكّن من أهالي المدينة "وصل الحال إنه نحنا اللي عّم نطالب بتهجيرنا من مدينتنا".

رغم أن الشاب السوري كان مُهيأ نفسيًا للرحيل، لكن حينما علم بشأن اتفاقية إجلاء المدنيين، ارتبك واجتاحته مشاعر متباينة "فرحة النجاة من المحرقة اللي عم نعيش فيها، وحزن على خسارة مدينتنا دون رجعة". لملم حليم أشياءٍ بسيطة "وذكريات سنين" وحرق باقي أغراضه قبل المغادرة "ما بحب حدا يطّلع عليها".

كان يتحيّن حليم الفرص التي يقل فيها حِدة القصف؛ يحمل عدسته ويتجوّل بالشوارع لتوثيق ما يحدث وينقله عبر الإنترنت لشعوب العالم، رغم عدم دراسته الإعلام إلا أنه شعر أن ذلك واجبًا عليه "نحنا مواطنين صحفيين قررنا نقل مُعانتنا للعالم، كتير منّا قتلوا خلال تغطية الأحداث، بس أنا نفّدت".

حاول حليم توّخي الحذر عندما يكون القصف كثيفًا، لكن الأسبوع الأخير اشتّد الأمر، فما كان منه إلا أن تجمّع برفقة 10 أشخاص آخرين "في أوضة واحدة" احتموا بها لأكثر من 20 ساعة دون مغادرتها.

برفقة 30 ألف شخص، رحل الشاب السوري إلى ريف حلب الغربي "كل القصة إنه نقلنا المأساة من مكان إلى آخر". إذ بدأ أول أمس القصف على البقعة الجغرافية الصغيرة، التي صارت ملجأ كل شخص يرغب في الاحتماء من قوات النظام، حتى المنظمات الإغاثية لم تعد قادرة على تلبية الحاجة هُناك "نحنا ضاقت بنا الأرض".

باتت حياة الشاب السوري كشريط سينمائي يمر أمام عينيه يُذكره كيف جمعته حلب بحبيبته منذ ثلاث سنوات، وكيف فرقّته عنها بعد رحيلها إلى تركيا من شدة القصف، غادر وحيدًا من المدينة لكنه "تركت أصدقاء كتير هناك، بس بالقبور".

____-2

لازالت أفكار حليم مشوشّة، لم يُحدد بعد خطواته المُقبلة، يفكر في السفر لتركيا لكنه يتأكد من أنه في مرحلة ما سيؤلف كتابًا عن ما حدث مع شعبه وما رآه، وسيستمر في مناشدة العالم والمنظمات الإنسانية لإيقاف المأساة التي يعيشها الشعب السوري "نحنا تعبنا".

تابع باقي موضوعات الملف

إجلاء ''حلب''.. ليالي ''الشتات'' الحزينة (ملف خاص)

undefined

1 - ''الصليب الأحمر'' يكشف لمصراوي كواليس إجلاء أهل حلب (حوار)

1

2 - سوريون يروون رحلة الخروج من جحيم حلب: العالم كله خذلنا

2

4- بعد الخروج من حلب.. ''العطار'' يحلم بزيارة قبر ابنته

4

5 - كيف تم إجلاء أهل ''حلب''؟ (فيديو جراف)

5

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان