إعلان

"كب كيك" في الشارع.. سوسن أشهر بائعة حلويات على فيسبوك

03:51 م الإثنين 24 أكتوبر 2016

كب كيك في الشارع

كتبت-دعاء الفولي:

حياة رغد عاشتها سوسن خزعل، غير أن تغير ظروف الأسرة الصغيرة دفعها للتفكير مع وليدها ممدوح في حلول بديلة "انتي بتعملي كيكة حلوة يا ماما ايه رأيك نعملها ونبيعها؟".. قالها الابن ذو الـ19 عاما لسوسن بأحد الأيام قبل شهرين، تخوّفت السيدة إذ لم تعتَد النزول للشارع والعمل، فضلا عن بيع المأكولات، إلا أن الظروف لم تترك لها خيارا آخر.

شارع الميرغني بمصر الجديدة كان محطة سوسن الأولى. لم يكن بحوزتها سوى بضع علب صغيرة من الكيك المصنوع منزليا دون أي إضافات "كنت بقدم رجل وأبعد التانية وانا بكلم الناس".

"كب كيك؟" هي الكلمة التي تقولها السيدة الأربعينية، قبل أن تقترب من الناس مُبتسمة لتخبرهم عما معها "الناس مكنتش فاهمة في الأول يعني إيه حد يبيع كيكة في الشارع؟"، لم تكن مهمة سوسن يسيرة خاصة مع قلة حركة الشراء في شارع الميرغني ببعض الأحيان، حتى رُزقت بشباب يمتلكون مشروع يُسمى "ميني كافية" نصحوها بالذهاب إلى منطقة شيراتون حيث الأكاديمية العربية للتكنولوجيا

.منذ أيام قليلة نشرت هبة الله هشام، طالبة بالأكاديمية العربية للعلوم على صفحتها بموقع فيسبوك، صورة لسوسن، تتحدث فيها عن قصة السيدة اللبنانية، وما هي إلا ساعات قليلة حتى وجدت أم الثلاثة أبناء نفسها شهيرة جدا بمصر الجديدة، بعدما وصل عدد المعجبين بالبوست لأكثر من 7 آلاف شخص.

"انا شفتلك صورة على الفيسبوك انتي بتيجي هنا علطول؟".. صارت الأم تسمع تلك الجملة على مدار اليوم، لم تعد تُلاحق على القادمين، بعضهم يطلبون منها عمل "كب كيك" بكميات كبيرة، لكنها لا تستطيع سد حاجاتهم دائما لقلة الإمكانات، إلا أن أكثر ما يُسعدها هو تقبل الناس لما تصنعه حتى وإن كان يُقدم بطريقة بسيطة "فيه ناس بتقولي لو عملتي أي حاجة هتبقى من إيدك زي العسل.. الكلام دة هو اللي بيخليني أصحى الصبح وانا قادرة أنزل اشتغل".

لكنة لبنانية موجودة في حديث سيدة "الكب كيك"، لم تستطع التخلص بعدما تركت بلاد الشام منذ 25 عاما، هي ما تدفع البعض للظن أن الحلوى التي تبيعها ليست مصرية "بقولهم دي مش لبناني ولا سوري هي كيكة عادية زي اللي بنعملها في البيت بس ربنا حاطط فيها بركة".

بالصدفة البحتة تعلمت سوسن طريقة عمل الكيك "كنت في العين السخنة من فترة وصحبتي حنان علمتهالي". صارت خزعن معروفة بها بين العائلة، لذا حينما بدأ صيت ما تُقدم يذيع في منطقة الشيراتون لم تكتفِ بالكيك فقط فحاولت عمل إضافات أخرى "صوص شيكولاتة وكوبايات شكلها حلو" كما غيّرت أماكن تواجدها.

"كنت ببيع جوة الأكاديمية في شيراتون لكن الأمن طردني".. تقولها الأم بسخرية. اعتادت أن يلتف حولها الطلاب بعد دخولها الحرم ليشتروا منها، حتى باتت تعرف بعضهم بالاسم "الولاد قالولي هنكلم العميد عشان تفضلي بس انا رفضت"، حاولت التأقلم مع المواعيد الجديدة لزبائنها من الفتيات والشباب "بقيت بتواجد في محيط الأكاديمية من 6 مساء لحد 2 بليل".

عقب الظهر بقليل يبدأ يوم العمل داخل منزل سوسن. التوأمان محمد وممدوح يتقاسمان المجهود، أحدهما يخرج لشراء الحاجيات فيما الآخر يساعد الوالدة في صناعة الكيك وتزيينه، بينما أختهم الأكبر سها تُرتب شئون المنزل. خلية نحل تزدهر في المكان ولا تنتهي إلا مع عودة الأم في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.

لم تواجه سوسن أي مضايقات في الشارع، بل على العكس، في المحيط حيث تبيع يعتبرها العاملون بالمحلات مسئولة منهم "بيقولولي لو حد ضايقك تعالي لنا واحنا هنتصرف"، حتى أنها تترك بضاعة اليوم لدى أحد المحلات ولا تصحب معها إلا علبة مليئة بأكواب "الكب كيك" فتدور بها آلاف المترات في حدود مصر الجديدة.

موقف وحيد تعرضت له السيدة الأربعينية أشعرها بالضيق، حين جاءتها مندوبة شركة ذهب شهيرة لتُثني على ما تبيع، قبل أن تطلب منها الذهاب في موعد مُحدد لندوة بمقر الشركة "كنت فاكرة إنهم هيساعدوني عشان أطور مشروعي" لتُدرك أن الشركة تُريد منها شراء بعض المشغولات الذهبية "موقف مستفز بس ضحكني.. يعني انا لو عندي دهب إيه اللي هيوقفني في الشارع؟".

صورة 3

ثمن "الكب كيك" الذي تبيعه السيدة هو 10 جنيهات للكوب. لم ترفع السعر لأن هامش الربح يكفيها كما أن وجودها في الشارع يجعلها لا تدفع مقابل مادي لاستئجار محل. تتحامل السيدة على نفسها كي لا تحصل على إجازة، تحاول نفض المشاكل قبل النزول للشارع والابتسام في وجه الناس "لولا ولادي اللي بيساعدوني وأمي وتشجيع الناس مكنتش قدرت أكمل". لا تعود لمنزلها يوميا بثروة "بس بعمل الكيكة بحب عشان كدة بروّح آخر اليوم معييش ولا واحدة فاضلة".

فيديو قد يعجبك: