إعلان

مسرح ''تدمر''.. رُفع الستار عن القتل (بروفايل)

02:39 م الثلاثاء 07 يوليو 2015

مسرح تدمر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

فتاة ترتدي فستان أبيض، تاج وردي يلتف حول رأسها، على أطراف أصابعها تخطو جهة المسرح، حجارته تشاهدها مترقبة، الجمهور مشدوه، زميلاتها ينتظرنها في صف واحد، تدور إحداهن بخفة لدى بدء المقطوعة الموسيقية، يتحركن كفراشات بين أزهار، تنساب الأنغام مرفرفة، تشتد الموسيقى وتخفت، والفتيات يؤدين الرقصة ببراعة، ينتهي العرض ويصفق الجمهور، فيما يبدو مسرح مدينة ''تدمر'' السورية مزهوا بنفسه، كم قدّم فنًا بين جنباته، نسج أحلاما تغزلها فتيات الباليه على ساحته، وكم أصابه الحزن حين صارت ''تدمر'' تحت وطأة ''داعش'' في 21 مايو الماضي. لكنه تحمّل علّه يعود للعمل يوما، غير أن تنظيم الدولة قتل كل أمل لديه في أن أن يحيا مجددا.

صار لون حجارة المسرح شاحبا، صف طويل من رجال يحملون أسلحة، آخرون يبدو اليأس جليا بوجوههم؛ هم من ستلطخ دماؤهم الأجواء، المسرح يرتعد خوفا، فراشاته رحلن، حل بدلا منهن وجوه غليظة، لا تُرى فيها الرحمة، الجمهور في مقاعده، يستعد لمشاهدة الجريمة. كانت عروض المسرح الروماني ترتقي بالروح، ثم صارت عروض الدماء تخسف بمشاهديها الأرض، تسحب الإنسانية، تمسخ القلب، تقتل اللين، كما فعلت رصاصات داعش مع 25 جنديا قُتلوا على المسرح 27 مايو الماضي-طبقا للمرصد السوري- وتم نشر الفيديو المنسوب للتنظيم يوم السبت الماضي.

1

حين سقطت المدينة، علم المسرح أن تاريخه صار هباء، لم يعد تصنيفه ضمن مواقع التراث العالمي هاما، تصميمه الفريد أصبح مجرد صورة يتداولها الناس، تفاصيله اختفت وسط القتل؛ مُدرجه الذي بُني في النصف الأول من القرن الثاني الميلادي، المنصة المشيدة في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث ميلاديا، ثم استعادته بعد أن كان مدفونا تحت الرمال حتى عام 1950 ثم نُقب ورُمم عام 1952.

راية سوداء، يُعرف بها التنظيم، تُغطي وسط المسرح، الضحايا راكعون على الأرض، تماما في المنتصف، فيما يراقب المدججون بالسلاح ما يحدث، فتيان ارتدوا الزي الداعشي، أمسكوا بالأسلحة مطلقين إياها على رؤوس الجالسين، يتابعهم رجال وأطفال مُجبرين –تبعا للمرصد السوري- من مدرجات المسرح الموزعة على 13 صفا؛ ارتفاع الواحد منها 37سم وعرضه 60سم. بينما توجد في المسرح فسحة الأوركسترا وهيي مغطاة بالحجارة، ولها ثلاثة بوابات؛ الشرقية والغربية على الجانبين عبر ممرين معقودين، أما البوابة الجنوبية فمستطيلة وهي لإدخال الحيوانات المفترسة للمصارعة.

من العالم أجمع كان الزوّار يتوافدون، العروض لا تتوقف، رقصة ''دبكة'' سورية، غناء، تمثيل تراجيدي وكوميدي. تنهال سخرية الحاضرين من حكايات مصارعة الحيوانات داخل المسرح، إذ كان المجرمون المحكوم عليهم بالموت يصارعونها على أرضه، أما منصته فأبعادها 10.5×48م، فيها خمسة أبواب تصل بينها وبين الممر الخلفي، وبها ثلاث إيوانات لها محاريب توضع فيها تماثيل آلهة الفنون، ولصغر المسافة لم يُبن فيها غرف للممثلين، ولأن التنظيم يُغير معالم الآثار التي يحصدها، فلم يُعرف بعد ما تم فعله بالمسرح الروماني، وكما كانت الجنسيات تُبجله على اختلافها، ذُبح على أرضه إبرانيين وأسيويين، بالإضافة للجنود النظاميين، كما تقول ''تنسيقية مدينة تدمر''.

2
الفراشات لم تعد تقترب من المسرح، هواؤه أمسى مُعبئا برائحة البارود، انتهى عُمره الطويل، إلا أن ينقشع ظلام المدمرون. أصبح ''تدمر'' ذكرى يرويها العاجزون عن فعل شيء أمام هدمه وتشويهه، ولم يبق سوى مزيد من القتل.

3

فيديو قد يعجبك: