إعلان

"عاصفة الحزم" من اليمن إلى مطعم بالدقي – (صور)

11:22 م الجمعة 27 مارس 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - يسرا سلامة ودعاء الفولي:

أمام طاولة بأحد المطاعم اليمنية في ميدان الدقي، كان حديث السياسة يخالط الطعام، رجال جمعتهم الغربة على أرض مصر، ثلاثة جاءوا للعلاج، وآخر مقيم للعمل، يتمنون التئام جرح وطنهم الممزق إثر أكثر من أربع سنوات؛ بين ثورة، رئيس لا يبغي الرحيل، جماعة تريد السيطرة على الحكم بقوة السلاح، وجسد يمني منهك يبحث عن راحة. رأوا جميعا في الضربة العربية على الحوثيين "نجاة" رغم تخوفهم من مآلات الوضع.

أعلنت شركة مصر للطيران توقف الرحلات إلى اليمن في الأيام القادمة دون تحديد موعد عودتها، بعد عملية "عاصفة الحزم" التي شنتها أكثر من دولة عربية على رأسها مصر والسعودية، لم يكن الطبيب "عمر الصلوي"، يعلم أن السفر سيتوقف إلى صنعاء حيث يقطن، كان سيعود إلى وطنه الأربعاء القادم، انتابه قلق حال اشتعال الوضع هناك "لكن أهلي طمنوني وبنتكلم كل يوم"، القصف يكون على أماكن عسكرية بعينها، يسمعه ساكنو المدينة "أصلها صغيرة.. يعني قد الدقي كام مرة كده". اعتاد القاطنون باليمن على الحال، كان "الصلوي" يتحرك بحرية تامة من وإلى اليمن عقب الثورة، آملا في كل مرة أن يتحسن الوضع، غير أن الأمور تؤول للأسوأ، لذا فـ"الحرب هي الحل" على حد قوله.

في صنعاء كان "الصلوي" يتعايش مع الحوثيين "هما فيهم جيران لنا"، يقسمهم إلى دخيل وأصيل؛ فالأول يقترب منهم للحصول على مميزات، والآخر من القيادات أو المتعصبين لفكرهم "مبدخلش معاهم في مناقشات وممكن لو حد معجبهمش رأيه يؤذوه" قال "الصلوي"، رغم ذلك يلقي باللوم على الرئيس اليمني الحالي، فهو لم يوقف الحوثيين عند حدهم، وهم نقضوا عهدهم مع السلطة واستمروا في حمل السلاح.

انجذب شاب يمني للحديث على طاولة المطعم، يحضر مقعدا لطرح رأيه في حال اليمن الذي حبسه كذلك عن العودة لبلده بعد توقف الطيران. تأييد للضربة العسكرية العربية، وكفر معلن صرح به "يوسف محمد" لمبادئ الثورة منذ أول يوم، قائلا إن ما حدث انشقاق طائفي سمح لمجموعة من "المتحوثيين"- أصحاب المصالح- بالظهور، دون اعتبار لمصلحة الوطن، بجانب صراع طائفي لمس فيه الشاب اليمني سب للصحابة من الحوثيين.

ينفعل "الصلوي" مقاطعا حديث "يوسف" "ايه ذنب الثورة في اللي وصلت له اليمن؟ العيب في الثوار والقوى والأحزاب السياسية"، يفتخر ابن الثانية والثلاثين عامًا بانتمائه للثورة منذ يومها الأول، شاهد الفساد المُستشري داخل المنظومات اليمنية وخاصة التعليم "الدول الأخرى بتتعامل معانا لما بنسافر على إننا كلنا جهلة وللأسف احنا نسبة الأمية عندنا عالية"، لهذا رأى الثورة مُنقذًا "هنفضل مع الثورة لحد ما الوضع ينصلح"، وحتى بعد تدخل الحوثيين في المشهد لم ينزعج، فقد كانوا جزء من الثورة في بدايتها "لهذا لم نرفضهم لحد ما حادوا عن الطريق ووجهوا أسلحتهم بشكل خاطئ".

مع "الصلوي" جاء مروان البكري إلى القاهرة، خمسة وعشرون يومًا يقضيها رفقة زملاءه في المدينة المزدحمة، من خلال تطبيقات حديثة يتواصل مع أهله للاطمئنان عليهم، في ظل الاشتباكات بين عدد من الحوثيين وقوات تحالف الشرعية، بعد ضربة عسكرية بقوة عشرة دول عربية تشارك في الصراع اليمني.

تمنى "مروان" البالغ من العمر 36 عامًا أن تكون الضربة الجوية والبحرية من التحالف العربي ضد الحوثيين باكرًا، لتُنقذ الوضع المتأزم في اليمن، تنهد الرجل مستطردًا "أزمة وتنجلي"، في حسرة من الوضع في بلاده، يسمع بها أهل بيته أصوات الضربات، وبقدر شعور القلق يحمل الرجل أمل في ذلك التدخل العسكري لأرض بلاده، قائلا "دايمًا يأتينا الحل من مصر، منذ أربعة عقود تدخل لجيش المصري لينقذنا".

"الحل المر" بالتدخل في الشأن اليمني لم يدفع "مروان" للهرب من بلاده، بلكنة يمنية يقول "نحنا ما بنهرب، ممكن ننتقل من غرفة لغرفة"، يرى أن تلك الضربة ستنهي الوضع اليمني المتأزم منذ 2011، بعد أن ضعفت القوى النظامية للدولة، وسط زحف الحوثيين رغم قلة عددهم، لكن ضعف القوات النظامية جعل من إعلاء راية الحوثي أمرًا سهلًا، ليحزم "مروان" أمره "ممكن الحوار، لكن السلاح لا يواجه إلا بالسلاح" حسب رأيه.

لا يعقد "مروان" آمالا ضخمة على القمة العربية التي تبدأ صباح الغد، إذ يرى أن الرئيس اليمني "عبد ربه منصور" ضعيفًا في مواجهة الحوثيين، واصفًا إياه أنه "لا يصلح أن يكون بواب عمارة"، مضيفًا أن أزمة دولته هي ضعف الجيش وانقسامه لصالح القبلية، وليس تحت لواء واحد.

لم يكن في ذهن "مروان" أن تنتهي الثورة اليمنية التي انطلقت في خضم ثورات الربيع العربي بتلك النتائج، "نحنا من أول من شاركنا بالثورة"، لينقلب الصراع الذي يطالب بإصلاح الفساد في البلاد إلى صراع طائفي، يعلم فيه جماعة الحوثيين أولادهم منذ الصغر أن يبقوا على أطراف عشيرتهم، ويحمل الشباب السلاح، لينتشر التصنيف في الطرقات، فإن لم تكن حوثي، فأنت ضدهم، فـ"الحل يكمن في ضغط عربي بدلا من قوات غير عربية".

داخل المطعم كان الطباخ "رشاد" يحصل على استراحة قصيرة من العمل، منذ 15 عاما جاء من اليمن إلى القاهرة، ليعمل بمطعم الدقي، عائلته الصغيرة المكونة من الزوجة والأولاد يقبعون معه في القاهرة "كنا نشوف الثورة اليمنية على التليفزيون فقط"، هكذا كانت علاقته ببلده في الأعوام الأخيرة.

بالنسبة لـ"رشاد" الحرب على الحوثيين هي الحل الأوحد "بس امتى العرب يتجمعوا ضد امريكا"، قال أحد العاملين المصريين داخل المطعم، قبل أن يرد عليه رشاد "هما لو يجتمعوا زي وقت عبد الناصر كان زمانهم خلصوا على إسرائيل كمان"، رغم استحسانه التدخل العربي لحل أزمة اليمن، إلا أنه يظن أن إيران هي المقصودة بالحرب "العرب خايفين من توسعها في المنطقة الشرق أوسطية"، يقاطعه صديقه اليمني بنفس المطعم "بس كان نفسي السعودية متتدخلش في الضربة"، فالأخير لا يفضل معاملة السعودية لليمنيين المقيمين فيها كثيرًا.

فيديو قد يعجبك: