إعلان

مع "خان".. حكايات الثنائي المدهش من الهواية إلى "الحرفنة" (الكلاكيت السابع)

04:58 م الأربعاء 30 ديسمبر 2015

مع خان حكايات الثنائي المدهش من الهواية إلى الحرفن

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

 كتب- دعاء الفولي ومحمد مهدي:

في ليلة صيفية بفترة الخمسينات، كان الطبيب "أحمد سعيد شيمي" يُنهي عمله في عيادة الأسنان مبكرا، ينطلق إلى موعده المقدس مع صديقه الباكستاني "حامد حسن خان"، يلتقيان في منطقة عابدين حيث يقطن الاثنين، ثم يتوجهان إلى أحد دور العرض بوسط البلد، لمشاهدة أحدث الأفلام العربية والأجنبية، وحولهما كان طفليهما "المحمدين" يتقافزان فرحا لأنهما على موعد مع المتعة الأسبوعية من خلال الشاشة الكبيرة التي يجلسان أمامها مشدوهين لعدة ساعات.

لم يكن يدري كلا منهما-حينذاك- أنهما سيصبحان ذات يوم جزء من ذلك العالم، ويقدما سويا 6 من أفضل الأفلام في تاريخ السينما المصرية- وفق نقاد- "احنا أصحاب من الطفولة، علاقتنا عائلية.. الأسرتين أصدقاء".

1.2

عشق السينما رابط من نوع خاص، جمع بين الطفل "سعيد شيمي" وصديقه "محمد خان"، يفضلان الذهاب سويا إلى دور العرض، يناقشان العمل بجدية واهتمام خلال عودتهما إلى المنزل، يتناقلان بينهما أخبار الفن، يمرران لبعضهما أي معلومة جديدة تقع في يد أحدهما عن الصناعة "وعملنا فيلم بكاميرا 8 مللي، واحنا لسه عيال".

بشكل مفاجئ سافر "خان" في بداية الستينيات إلى لندن من أجل الدراسة "بس فضلنا متواصلين طول الوقت" خطابات متبادلة بين الاثنين لا تنقطع "كلها أخبار عن السينما، دي مجلدات مش مجرد خطابات" تُرسل عن طريق البريد الجوي (انجلترا-لندن) "طابع البريد كان بـ 6 ساغ وبعدين 8 ثم 12 قرش".

في أواخر عام 1962، قرأ "شيمي" خبرا في صحيفة الأهرام عن فرص عمل في شركة "فيلمنتاج" التابعة للقطاع العام يرأسها المخرج صلاح أبوسيف "قطعت الصفحة وبعتها لخان عشان يتواصل معاهم، وفعلا اختاروه وبلغوه يجي مصر"، انضم "خان" إلى فريق القراءة بالشركة برفقة الفنانين مصطفى محرم، رأفت الميهي، هشام نحاس، أحمد راشد "الأسماء دي بقيت فطاحل في السينما بعد كدا".

3

بعد أن استقر "خان" في مصر، بدأ في الإعداد لمشروعات فنية بينهما، غير أن الخطط تغيرت حينما حصل المخرج الشاب على فرصة عمل في لبنان "راح بيروت وهناك والده تعب فاضطر يسافر تاني لندن" لكنهما ظلا يحملان داخلهما أحلام بالعمل معا "كنت لما بسافر بستغل الفرصة وأعدي عليه في لندن وهو يحاول ينزل مصر"، قاما في إحدى الزيارات بتنفيذ فيلمهما الأول "الهرم"-روائي قصير- بكاميرا 16 مللي في عام 1964.

في 1972 قاما بتنفيذ فيلم البطيخة- روائي قصير- "عملنا له عروض كتير والناس اتفاعلت معاه" خلال إحدى زيارات "خان" وحينما غادر البلاد تعرض "شيمي" لواقعة طريفة لا تغيب عن ذاكرته "طول فترة الفيلم كنت استضفت خان في البيت، وبعد سفره جالي إخطار أني أروح المحكمة في قضية أمن دولة" قلق اجتاح قلب "شيمي" مع جهله لسبب استدعائه "أنا قولت حاجة لها علاقة بالتصوير".

حينما وصل "شيمي" إلى مجمع الجلاء، للمثول أمام قاضي التحقيقات، عَلم أن هناك قانون ينص على ضرورة إخطار الجهات الأمنية في حالة استضافة أي أجنبي " القاضي قالي إزاي متبلغش إن شخص اسمه محمد خان كان عندك"، أخبره مدير التصوير بتاريخه مع "خان"، طفولتهما المشتركة، وأن الأخير عاش في مصر طوال عمره رغم أن والده باكستاني وحصوله على الجنسية الانجليزية بعدها "وبلغت القاضي إني معرفش القانون.. فداني براءة وروحت".

أخيرًا عزم "خان" على العودة والاستقرار في مصر لبدء مشواره في عالم السينما، أنهى أعماله في لندن، وانطلق في أول طائرة إلى القاهرة وبرفقته مشروع لفيلمه "ضربة شمس"-إنتاج 1980-، كان لديه نية في الاستدانة وإنتاج الفيلم، غير أن "نور الشريف" تحمس للعمل فور قراءته وتحمس لإنتاجه.

____ 4

أيام طويلة قضاها الصديقين في الإعداد للفيلم، الحديث بحماس عن كل مشهد، رغبتهما في التصوير بالأماكن الطبيعية "خان عنده خيال لصورة حلوة" انشغالهما بكيفية التصدي لأي عقبة قد تقف في طريقهما، حتى كان اليوم الأول للتصوير.

ثمة مشاعر كانت تجول في قلبيهما لا يمكن تحديدها، مزيجا من الفخر والفرحة والثقة، حضرت ذكريات الطفولة بغتة، ابتسامة علت ملامحهما مع أول "الأكشن"، قبل أن يندمجا في عملهما "هو أسهل واحد اشتغلت معاه لأننا عارفين بعض".

____ 5

6 من أفضل الأفلام في السينما المصرية "الرغبة، ضربة شمس، نص أرنب، طائر على الطريق، الثأر، الحريف" جمعت بين شريكي الحِلم " أول أفلام خان كان فيها استعراض أقوي" غير أنه مع الوقت والخبرة صار له بصمة فنية شديدة الثراء في أفلامه "بقى عنده تمكن وبينتج أفلام مصرية جدًا وبعتبره هو والطيب وداوود وخيري أهم مخرجين نكشوا في الشخصية المصرية".

____-6

____ 7

في مشهد النهاية بفيلم "الحريف"-إنتاج 1983- وقف "شيمي" أسفل أحد الكباري، ممسكا بكاميرته، يتحرك بخفة بجوار "عادل إمام" أثناء اندماجه في أداء شخصية "فارس" وهو يلعب مباراته الأخيرة كـ "حريف"، يُمسك مدير التصوير بتفاصيل المشهد لا يفلتها، يقترب بطل الفيلم نحو المرمى وخلفه "شيمي"، يحرز هدف الفوز مع صافرة الحكم، يقفز ابنه فرحا، يسأله-والكاميرا تسُجل-: مش هتلعب تاني يابا صحيح؟ يرد: خلاص يا بكر.. زمن اللعب راح.. كان الفيلم هو اللعبة الأخيرة في تاريخ الصديقين "كل واحد بقى في طريقه، لكن لسه متواصلين وبنتقابل.. احنا عشرة عُمر".

____-8 

فيديو قد يعجبك: