إعلان

طلعت شبيب.. "أرزقي" أشعل موته غضب "الأقصر"

09:01 م السبت 28 نوفمبر 2015

طلعت شبيب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - إشراق أحمد:

قبل نحو 20 يومًا من ثورة يناير 2011، كان طلعت شبيب يحمل نعش والدته، يشيعها لمثواها الأخير، بين أهل العوامية جنوب الأقصر، قبل أن يتفاجأ الجمع بسيارة شرطة، تفقد هدى سيرها، لتصدم بالمشيعين، وتصيب نحو 15 من أهل القرية والفقيدة، الغضب ملأ النفوس، ومنهم "كبير العيلة"، لكنه كان الأكثر تعقلا رغم مصابه، فجلس مع رجال الأمن "وسامح في حق أمه وصالح أهالي المصابين"، يتذكر أحمد يوسف الرشيدي خاله "الرجل المسالم" كما يصفه، الذي لقي مصرعه بعد احتجازه قرابة الساعة في قسم شرطة الأقصر، ليخرج قتيلا وبجسده آثار تعذيب.

____1

في الثانية عشر بعد منتصف ليل الثلاثاء الماضي، وقفت سيارة شرطة أمام المقهى، الجالس عليه "طلعت"، طالب ضابط الشرطة " في العشرينات صغير السن لسه جديد في القسم" –حسب يوسف- المتواجدين بإظهار هويتهم الشخصية، ففعل الرجل الأربعيني مثل الجميع، لكن رجال الأمن طالبوه بركوب "البوكس"، وهو ما رفضه متسائلا "عملت إيه عشان اركب؟"، لكن الضابط أصرّ على موقفه، كان ابن عم "الشهيد" -كما يصفه ابن شقيقته- بصحبته، خشى أن يصيبهم مكروه، فأخبر قريبه بحسن نية أن يذهب معهم "عشان ميعملش مشكلة مع الحكومة"، فذهب "طلعت" إلى قسم شرطة الأقصر لكنه لم يعد لمنزله، بل جاء خبر وفاته بعد نحو ساعة من غيابه، حينما ذهبوا لمستشفى الأقصر الدولي، بعد اتصال وصل ابن عمه من قِبل "أحمد بيه خليفة" كما قال "يوسف"، طالبهم بالقدوم للمشفى لأن ذويهم "أغمى عليه"، لكن هناك بالمشرحة وجدوا جثة الرجل الأربعيني يصاحبها كلمات الطبيب "ده جالي من بره متوفي".

____2

اعتاد "طلعت" التردد على المقهى القريب من منزله، منذ الظهيرة وحتى قرابة الثانية فجر اليوم التالي، خاصة منذ اشتغاله "سمسمار" قبل نحو من ثلاثة أعوام، بعد أن ترك عمله بالسياحة "كان أرزقي شغال بالمعبد بيبيع ورق بردي للسياح" على حد قول "يوسف"، غير أن تدهور الأحوال التي لقت قطاع العمل المهم بالمدينة الأثرية، اضطر "الحاج طلعت" كما يناديه أهل قرية العوامية - أن يجد باب رزق جديد، للإنفاق على أبنائه الأربعة، البالغ أكبرهم 17 عامًا، فيما أصغرهم لا يتعدى أربع سنوات، لهذا لم يجد سوى العمل كوسيط "يجيب لده شقة، أو محل أو حتة أرض وياخد عمولته".

بالمشرحة كانت صدمة عائلة "طلعت" كبيرة "لقينا آثار ضرب وتعذيب على جسمه"، هاجت النفوس، واشتبكت العائلة مع الضباط المتواجدين ومنهم مَن أخبرهم أن فقيدهم "مصاب"، ليكون الرد بعد انضمام عدد من أهالي "العوامية" بإطلاق قنابل غاز المسيل للدموع، والخرطوش "في ناس اتصابت وناس اتقبض عليها".

 

زاد غضب عائلة "طلعت" بعد خروج الأمن زاعما أنه تم القبض على الرجل الأربعيني لحمله مواد مخدرة، وأنه مسجل خطر، فيما لسان حال الأسرة منذ ذلك الوقت "نتحدى أي حد يطلع عليه أحكام أو قضية" كما قال "يوسف" ابن شقيقته واصفا سجل خاله "بالأبيض"، إلا من ذلك المحضر المسجل قبل 17 سنة "كان مشاجرة بينه وزبون أجنبي"، لكنه لم يتعد كونه "شكوى" تم انهائها.

____3

لم يكن "طلعت" من أرباب المشاكل، أو سيء العلاقة مع الشرطة، بل ممن وقفوا على أبواب قسم شرطة الأقصر لحراسته قبل خمسة أعوام "مدير الأمن ومأمور القسم وقتها اتصلوا بيه عشان يحموا القسم"، باعتباره الأقرب للقسم، فهب الرجل الأربعيني كعادته تجاه أي شخص يحتاج للمساعدة، وقام بجمع أهل القرية الصغيرة، وتصدوا لأي محاولة قد تسيء للقسم القريب من منزله "قسم الأقصر يعتبر الوحيد في مصر اللي محصلوش حاجة وقت الثورة" قال "يوسف" متذكرا خاله ومواقفه، التي حسب تأكيده، ما تنم على أنه من "البلطجية" كما روج البعض، مستنكرا ما حدث له "حتى لو كان بلطجي ومسجل خطر يحاسبوه مش يموتوه".

____4

جنازة مهيبة، وغضب عارم زحف بشوارع قرية "العوامية"، التي تعرف عن بكرة أبيها "الحاج طلعت"، حزن خيم على قرية جنوب الأقصر "وهو لو مسجل خطر كل الناس دي كانت خرجت عليه" يصر "يوسف" على نفي ما نُسب لخاله، قائلا أن الوجم الذي أصاب العائلة والقرية، التي يعرف بعضها البعض "كلنا ولاد عم"، تضاعف بتلك المزاعم الملصقة بهم سوء السمعة "بيقولوا علينا أحنا بلطجية"، فيما أن آل "الرشيدي" أثروا الصبر منذ المصاب، فاتحين الأبواب لتلقي العزاء لهدف واحد قاله ابن شقيقة الفقيد "عارفين أن حقه جاي جاي".

____5

ما بين أخبار بالتحفظ على الضابط وأفراد الأمن بقسم شرطة الأقصر، وفاعليات التظاهر المطالبة بالقصاص لمقتل "طلعت"، وصفحات على موقع التواصل الاجتماعي مشبهة الرجل الأربعيني بأنه "خالد سعيد الأقصر"، يكظم آل "الرشيدي" غضبهم، يتمسكون بالصبر سبيلا، في انتظار تقرير الطب الشرعي، وأمام اعتذار قدمه مساعد وزير الداخلية قبل تقديم العزاء، لكنهم يؤكدون عدم تنازلهم عن تنفيذ العدالة، ومحاكمة من قتلوا كبير عائلته الوحيد بين ثلاثة نساء، وصاحب المكانة الخاصة بأسرته كما قال "يوسف"، رافضين اعتبار موقفهم الهادئ استسلاما للأمر الواقع "أحنا لغاية دلوقتي محترمين القضاء وهنشوف زي ما بيقولوا الناس كلها تحت القانون ولا إيه.. ولو حقنا مجاش ما بينا والقسم 150 متر وأحنا صعايدة والدم عندنا غالي".

فيديو قد يعجبك: