إعلان

بطل لعبة ''الرِست'' بالعالم.. مصري ''غريب'' لا يعرفه أحد

10:09 م الجمعة 09 أكتوبر 2015

المصري بطل لعبة الرِست بالعالم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

في أحد الفصول بالصف الثالث الإعدادي، كان ثمة شاب قوي البنية، يتعامل معه أقرانه بخوف لأنه يغلبهم في لعبة مصارعة الذراعين ''الرست''، يتحداهم بصدر مفتوح، فلا يقف أحدهم في وجهه، إلى أن فعل غريب محمود؛ الطفل ذو الجسد النحيل، المُصاب بمرض ''شلل الأطفال'' نتيجة حقنة خطأ، قَبِل المعركة وربحها أمام زميله، اكتشف أن تلك اللعبة تجعله حرًا، يطير بعيدًا عن القوانين الأرضية، آثرها على حياته الشخصية ودراسته، خاض بطولات يمثل فيها مصر، حصل خلال معظمها على ميداليات، ورفع العلم المصري على منصة المراكز الثلاث الأولى، صار بطلًا للعالم، غير أن بلده الذي يمثله لا يهتم بما أنجزه.

1

منذ عدة أيام عاد غريب للقاهرة بعد حصوله على ميدالية المركز الثاني في بطولة العالم لمصارعة الذراعين بماليزيا، كان بُصحبة المنتخب المصري لمصارعة الذراعين، والذي ضم 17 لاعبًا من فئات متنوعة، بين شباب وفتيات، ومتحدي إعاقة ''إحنا في فئة متحدي الإعاقة كنا 3 وأخدنا 7 ميداليات'' يقول غريب. تلك المرة ليست الأولى للبطل ''دي تامن مرة أحصل على ترتيب في المراكز الأولى في بطولات العالم في فئات مختلفة''.

حين دلف غريب كلية التجارة بجامعة عين شمس، وجد مجال اللعبة أوسع، فشارك ببطولة الجامعة وحصد المركز الأول واستكمل الطريق لبطولة الجامعات المصرية محافظا على ترتيبه ''وانضميت لنادي الشرطة ولعبت باسمه وبعدين نادي الجيش''، توالت البطولات فأصبح غريب بطل مصر وإفريقيا، منذ عام 2002 ولم يخسر اللقب إلى الآن.

2

العوائق عديدة؛ يواجهها الشاب ذو الست وثلاثين عامًا بنفس راضية مقابل حبه لـ''الرست''، يحاول التكيف مع الواقع، بداية من صعوبة سفر المنتخب كل عام لتمثيل مصر وحتى إهمال الدولة له، فرغم الميداليات التي حصدتها البعثة في البطولة الأخيرة، إلا أن عدد اللاعبين كان قليلًا مقارنة بباقي الدول ''أوكرانيا وتركيا وروسيا كانوا جايين بـ150 لاعب''، زاد عدد البعثة ذلك العام عن الماضي ''كنا بنبقى ستة أو سبع لاعيبة''، أما السفر في حد ذاته فمعضلة أخرى تدفع غريب للتحرك بين المكاتب والمسئولين، كي ينجز الأوراق المطلوبة ''السنة دي مثلا كان فاضل على السفر أيام والورق واقف عشان موافقات الأمن وخلص بعد عناء''.

3

مع كل دولة يضع فيها غريب قدمه، يجد اهتمامًا جمًا بالرياضة ''التليفزيونات كلها بتنقل على الهوا وفيه إعلاميين من كل مكان.. إنما في مصر محدش بيهتم غير بالكورة''، حين كان الشاب الثلاثيني في بطولة العالم بأسبانيا عام 2008 ''كنت واخد ميدالية ذهب وخلال اليومين اللي قعدتهم سجلت مع الإذاعة والتليفزيون لدرجة إن الناس بقت تشوفني في الشارع تسلم عليا''، فيما لا يزال سؤال ''ايه دة انت بطل العالم بجد؟'' يُلاحق غريب داخل مصر، حين تأتي سيرة اللعبة.

تغيرت تفاصيل كثيرة في حياة البطل المصري إلا الرياضة ''قعدت عشر سنين في الكلية عشان كنت بسافر أجيب بطولات برة مصر وفي الآخر سبت تجارة وروحت حقوق''، نال شهادة التخرج عام 2012، وشق طريقه في المحاماة التي يُحبها رغم ''إنها مبتجيبش فلوس كتير''، فكّر في فتح مشروع يُعينه على الحياة ''صالة جيم كنت بدرب فيها على ألعاب القوى، لكن مستمرش عشان كان بيخسر''، كان غريب-ولازال- يُطوّع حياته من أجل اللعبة التي يُحب، لا يحزن على ما خسره بسببها، كما لا يندم على عدم تركه البلد رغم العروض الأجنبية المستمرة حوله إلى الآن، لكن عقله يتساءل ''مفروض بعد البطولات دي كلها والوقت اللي ضاع أعمل إيه تاني للبلد عشان تهتم بيا؟''.

4

مصر، بلغاريا، اليابان، البرازيل، أوكرانيا؛ دول حصد فيها غريب مراكز متفاوتة، يُبارز متحدي الإعاقة، والأسوياء دون خوف ''جزء من حبي للعبة إني مبحسش بفرق بيني وبين حد، سنة 2007 في بلغاريا عملت ميدالية برونز في فئة الأسوياء ''، يتدرب ما لا يقل عن ساعتين يوميًا، في حين يرتفع المتوسط إلى خمس ساعات قبيل البطولات، يستعد بكامل قوته، يضع هدف نُصب عينيه ''إني أغلب اللي قدامي في الثواني الأولى''، فاللعبة تقوم على المباغتة والقوة العضلية للاعبين، ولا تستغرق المباراة الواحدة أكثر من ثواني، لكنها قد تطول إذا ما تقارب مستوى الشخص الذي يلعب أمام غريب.

''إني أكون لاعب بيشارك في البارالمبيات'' هو حلم غريب الأهم، فمنذ إنشاء اتحاد مصارعة الذراعين بمصر 1992، وحتى الآن، لم يتم إلحاق لاعبي المنتخب –فئة متحدي الإعاقة- بالبارالمبيات التي تشارك مصر بها كل عام، إلا أن ذلك سيحدث 2022، لتكون المرة الأولى لهم ''يمكن دة اللي حسسنا شوية كمنتخب إن فيه أمل''.

5

لا يحصل غريب على مرتب من الدولة أو الاتحاد، فقط بدل الطعام والانتقال قبيل كل بطولة خارج مصر ومكافأة إذا ما استطاع أن يغلب ست لاعبين من دول مختلفة، إلا أن ذلك لا يتحقق دائمًا ''أحيانا ممكن ألاعب أكتر من ستة بس يبقى فيه منهم اتنين من نفس الدولة''، فيما عدا ذلك ''بصرف على اللعبة من جيبي''، كما ليس لديه عمل ضمن الـ5% حقه كمتحدي إعاقة في الوظائف الحكومية، يقينه بموهبته لم يتزحزح، ينتظر التكريم كشخص حقق إنجاز لوطنه في مجال الرياضة ''انا مش لوحدي احنا كتير.. بس حالنا مبيتغيرش، حكومات بتروح وتانية بتيجي ولسة الإهمال ضد اللي بنعمله زي ما هو''.

فيديو قد يعجبك: