إعلان

سائقو النقل الثقيل.. ''دواعش'' الإعلام ''تحت اختبار'' السلطة

11:57 ص الإثنين 24 نوفمبر 2014

سيارات النقل الثقيل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

حادثة تمر وتأتي أخرى، مواطنون تضيع أرواحهم تحت عجلات الطرق السريعة، وسيارات النقل السائرة عليه، يُجرم الإعلام السائقين، يخرج أحد المتحدثين ليقدم وعودا بالإصلاح؛ عقب حادثة البحيرة الأخيرة في الخامس من نوفمبر، والتي راح ضحيتها 17 تلميذا، قرر مجلس الوزراء بالتعاون مع أكثر من وزارة تعديل القانون الخاص بسير النقل الثقيل، ليتم منع حركته داخل المدن من السادسة صباحا وحتى الحادية عشر مساء، تعديل القانون الذي دخل حيز التطبيق 15 نوفمبر، لم يكن محط إعجاب من السائقين، حتى أن بعضهم كان على وشك الدخول في إضراب عن العمل، بسبب تعطيل ''أكل العيش''، وتحميلهم أزمة الحوادث بشكل كامل.

من سائق نقل إلى صاحب مجموعة من السيارات ترقى جمال عون، حتى لُقب بشيخ السائقين، في رأيه الأمر يتعدى مجرد قانون يقيد حركتهم فالاعتراض ليس على النظام أو القانون، ولكن على كيفية التطبيق.

تبعا لقرار مجلس الوزراء يُحظر على السائقين السير في الطرق التابعة للمدن وإن كانت ليست بداخلها، كالطريق المار بمحافظة طنطا أو مدينة المنصورة وغيرهما ''يعني السواق مبيبقاش جوة المدينة نفسها.. بس بيتقال له اقف مكانك''، يضطر السائق هروبا من ذلك المأزق البقاء في مكان إيصال البضاعة التي قام بتحميلها حتى ميعاد التحرك المسموح به في اليوم التالي خوفا من العقاب.

الغرامة التي يدفعها السائق تختلف من محافظة لأخرى، يحددها المحافظ وتكون فورية، وفي حالة عدم السداد يتم سحب الرخص. مدينة كفر الزيات بمحافظة الغربية هي التجمع الأكبر لسيارات النقل الثقيل بمصر، لذا كان لـ''عون'' الحظ في التواصل مع بقية السائقين بالمحافظات المختلفة، والذين لم تخلُ نبرتهم من غضب في الفترة الماضية ''كلمونا أكتر من مرة عشان يحصل إضراب لكن إحنا قولنالهم إن ده مش وقته''.

عشرون عاما مرت منذ أن بدأ ناصر عبد الواحد العمل في قيادة النقل الثقيل، بعد حصل على بكالوريوس من معهد السياحة والفنادق، يعمل على جميع الخطوط في جمهورية مصر العربية، من السلوم إلى مرسى علم والإسكندرية وحتى ليبيا، قبل أعوام كان القانون الذي تم تعديله في الأيام الماضية، يقضي بدخول سيارات النقل العاصمة ليلًا لتفريغ الشحنة غير أن الخروج يكون في أي وقت من اليوم عقب الانتهاء، ومع عدم حدوث ذلك الآن، فقد تكبد السائق الأربعيني أضرارا عدة.

لا ينطبق القرار الصادر أول نوفمبر على سيارات النقل الخفيف والنصف نقل والجامبو، وكذلك سيارات النقل الثقيل التي تحمل سلع استراتيجية كالزيت والسكر والوقود، كما أن الطرق الصحراوية أو الزراعية مفتوحة لسير سيارات النقل الثقيل عليها على مدى اليوم.

على طريق الحجاز، الموجود بمحافظة الغردقة انتظر ''عبد الواحد'' ساعات، حتى انقضاء الحظر، ليتحرك بالسيارة ''بقيت خايف أتحرك ألاقي ضابط يطلع لي.. مع إني مش داخل أي مدينة''، يقول السائق المخضرم إنه اعتاد عدم الذهاب إلى المدن إلا ليلا في جميع الأحوال، لأن ذلك أسهل في القيادة وأكثر بعدا عن الحوادث المحتملة مع المركبات الأخرى.

إبراهيم التراس سائق آخر قضى عمره مع النقل الثقيل، يملك سيارته الخاصة التي يعمل عليها، مشكلته مع الحظر تبدأ بعد إفراغ البضاعة، إذا كان حظه جيدا فستجد السيارة وصاحبها مكان ينتظرا فيه حتى المساء للتحرك، وقد يحدث التفريغ بمكان غير آمن ''يبقى انت كدة سبت السواق يتثبت بسهولة.. بنبقى شايلين بضاعة بآلاف.. غير العربية نفسها''، قال ''التراس''، تكرر موقف قطع الطرق على سيارات النقل كثيرا على حد قوله.

الراحة الشخصية أمرا يفتقده ''التراس'' مع وجوب بقاءه في مكان تفريغ الشحنة حتى المساء التالي، كما أنه على مستوى العمل يقلل الانتظار من عدد النقلات التي قد ينتهي منها في الأسبوع الواحد.

تبدأ رحلة ''عبد الواحد'' في نقل الشحنة، بعد الفجر عادة بالتحرك إلى الميناء التي سيتم استلامها فيه؛ إجراءات معقدة يمر بها السائقون، تمتد لساعات قبل أن يمضي بالاستلام، ثم يتخذ الوجهة التي سيسلكها، قد ترتبط الرحلة بطريق صحراوي، أما إذا اضطر للتحرك على الطريق الزراعي مارا بإحدى المدن فسيتعين عليه التوقف حتى بداية الميعاد المحدد.

قال أسامة عقيل، عضو المجلس القومي لسلامة الطرق، بأحد التصريحات التلفزيونية، إن 50 في المئة من حوادث الطرق بمصر بسبب سيارات النقل، موضحا في تصريحات صحفية أخرى، أنه ليس منطقيا منع سيارات النقل الثقيل من السير على مدار اليوم، مما قد يؤدي لتعطيل دخول الشحنات الهامة، مضيفا أن تدريب السائقين أمر هام في المرحلة المقبلة، والرقابة على مدى التزامهم بالطريق وعدم تعاطي أي مخدر، كما يجب التأكد من عدم زيادة ساعات القيادة عن 10 ساعات قيادة يوميا.

''اللي يتمسك بيشرب مخدرات او عامل حاجة غلط يتعاقب''؛ قال ''التراس''، يعرف أن بعض العاملين بمجال النقل الثقيل يسيئون للآخرين ممن لا ذنب لهم ''احنا حزب كبير اسمه أكل العيش.. دة أهم شيء عندنا''، إلا أن أخطاء زملاءه لا تُبرر تعامل آل الإعلام معهم في الفترة الأخيرة بمنطق أن الجميع فاسدون ''بقينا دواعش الإعلام.. مبنحكيش إننا سواقين تريلات عشان بيبصولنا إننا سبب حوادث الطريق كلها''، على حد تعبيره.

يعتقد ''عبد الواحد'' أن مشكلة الحوادث لا ترتبط بحظر سيرهم فقط؛ بل بأشياء أخرى، أولها حارات الطريق، فإذا كان الطريق الدائري متسع، فالطرق الواصلة بين المدن لا تكون كذلك عادة، خاصة الطريق الزراعي ''بتبقى حارتين وماشي معايا فيها ملاكي وعربية بحمار وجرار زراعي''، يتمنى من الدولة مساعدتهم بطرق بديلة، قبل أن تتم محاسبتهم بالجملة، من جهة أخرى يرى أن زيادة الحمولة على التريلا يسهل الحوادث ''بيبقى التحكم في العربية أصعب وانا معايا حمولة زايدة الضعف أو الضعفين''.

تتشارك الدولة وصاحب الحمولة الخطأ كما أضاف السائق الأربعيني، فالجمارك تحصل على 23 جنيها مصريا، رسوم أمام كل طن، وفي المقابل يريد صاحب النقلة الانتهاء منها في مرة واحدة ''لكن في الحالتين الدولة ملهاش رقابة على حمولة العربيات.. احنا كسواقين مش عايزين نشيل أكتر من حملنا عشان دة بيصعب علينا السواقة وبيعرضنا للخطر''، بات ''عبد الواحد'' و''التراس'' لا يريدان أكثر من السماح لهما بالخروج من المدينة أو المحافظة عقب انتهاء تفريغ الشحنة لبدء رحلة العودة، بدلا من الانتظار.

وعود تلقاها الثلاث سائقين من رئيس هيئة الطرق والكباري، اللواء سعد الجيوشي، أن يتم تدارس مشكلاتهم، وأن تبدا الدولة على قدم وساق في إنشاء طرق خاصة للشاحنات، أمل يحتفظون به رغم كلمة الإضراب التي يرددها الآخرون على مسامعهم بين حين وآخر، متمسكين بمبدأ أن ''البلد متستحملش دلوقتي''.

ناصر-عبد-الواحد

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: